يوليو ١٢, ٢٠٢٥
تابعنا
نبض
logo alelm
بعد حرق الأسلحة.. ما مصير حزب العمال الكردستاني؟

في خطوة تاريخية، أحرق مقاتلون من حزب العمال الكردستاني أسلحتهم في شمال العراق، اليوم الجمعة، في إشارة هي الأوضح حتى الآن لبدء عملية نزع السلاح وإنهاء صراع دموي استمر لأربعة عقود. وبينما تضع هذه الخطوة، التي جاءت استجابة لدعوة من زعيم الحزب المسجون عبدالله أوجلان، نهاية محتملة للكفاح المسلح، فإنها تفتح الباب أمام مرحلة سياسية معقدة ومليئة بالتحديات.

ولا يمثل حرق الأسلحة، الذي حضره مسؤولون أتراك وعراقيون وأكراد، “عتبة حاسمة” فقط نحو تحقيق “تركيا خالية من الإرهاب” كما وصفته الحكومة التركية، بل يمثل أيضًا بداية لمسار طويل من المفاوضات السياسية والقانونية التي ستحدد مصير أعضاء حزب العمال الكردستاني، ومستقبل القضية الكردية، وتوازن القوى في المنطقة بأسرها.

اللجنة البرلمانية والخطوات الحكومية القادمة

بعد هذه الخطوة، ينتقل المشهد الآن من كهوف شمال العراق إلى أروقة البرلمان التركي في أنقرة. الخطوة التالية المتوقعة هي تشكيل لجنة برلمانية متخصصة ستتولى الإشراف على عملية نزع السلاح واتخاذ القرارات بشأن الخطوات المستقبلية للحكومة. وقد حث أوجلان نفسه، في رسالة فيديو نادرة، البرلمان التركي على تشكيل هذه اللجنة لإدارة عملية السلام الأوسع.

ومع اقتراب العطلة الصيفية للبرلمان، لا يُتوقع اتخاذ قرارات ملموسة قبل عدة أشهر. وبعد عودة البرلمان، سيقوم أعضاء اللجنة بتقديم توصياتهم، وسيكون للرئيس رجب طيب أردوغان الكلمة الأخيرة في إقرارها. وهذا يعني أن العملية السياسية ستكون طويلة وتتطلب توافقًا سياسيًا واسعًا داخل تركيا، وستكون كل خطوة مرتبطة بمدى التزام حزب العمال الكردستاني بمواصلة عملية نزع السلاح التي من المتوقع أن تستمر طوال الصيف في نقاط محددة.

ويبقى مصير الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني، عبدالله أوجلان، الذي يقبع في الحبس الانفرادي منذ عام 1999، أحد أكثر الملفات حساسية. ورغم أنه لا يزال شخصية رمزية ذات سلطة هائلة على الأكراد، وهو ما ظهر بوضوح عندما نفد قميص ارتداه في فيديو من الأسواق، إلا أن الحكومة التركية لم تقدم أي وعود واضحة بشأن مستقبله، مكتفية بالقول إن ظروف سجنه قد تُراجع مع تطور الإجراءات، وأن أي فرصة للإفراج عنه ستُترك للمراحل اللاحقة من العملية.

أما بالنسبة لأعضاء حزب العمال الكردستاني، فإن الخطوات التالية ستشمل جهودًا لإعادة دمجهم قانونيًا في المجتمع التركي، بالإضافة إلى برامج لمعالجة الانقسامات الاجتماعية العميقة التي خلفها الصراع الذي أودى بحياة نحو 40 ألف شخص، وتعزيز المصالحة الوطنية، خاصة في المناطق ذات الأغلبية الكردية في جنوب شرق تركيا التي كانت مركزًا للتمرد.

تأثير نزع سلاح حزب العمال الكردستاني على سوريا

من المتوقع أن يكون لإنهاء صراع تركيا مع حزب العمال الكردستاني عواقب جيوسياسية تتجاوز الحدود التركية، خاصة في سوريا المجاورة. فالولايات المتحدة تتحالف مع القوات الكردية السورية (قسد)، التي تعتبرها أنقرة فرعًا لحزب العمال الكردستاني. ويرى محللون أن نزع سلاح حزب العمال الكردستاني في العراق قد يزيد من الضغط على هذه القوات الكردية في سوريا للاندماج بسرعة في البنية الأمنية السورية الجديدة التي يتم تشكيلها بعد سقوط نظام الأسد. وهذا يضع الولايات المتحدة في موقف دبلوماسي معقد بين حليفها في الناتو (تركيا) وشركائها على الأرض في سوريا.

ولم تكن تلك المحاولة الأولى لتحقيق السلام، فقد انهارت محاولات سابقة في عام 2013 و 2015. لكن هذه المبادرة تبدو الأفضل حظًا حتى الآن، وذلك لسبب رئيسي وهو الدور المحوري الذي لعبه عبدالله أوجلان. فدعوته التاريخية والصريحة لحل حزب العمال الكردستاني وإنهاء الكفاح المسلح، والتي تم نقلها عبر الحزب الديمقراطي المؤيد للأكراد، جاءت بعد تلقيه إشارات إيجابية من الحكومة التركية وحلفائها القوميين.

وقد تبع حزب العمال الكردستاني دعوة زعيمه، معلنًا أنه “أكمل مهمته التاريخية”، وأن القضية الكردية يمكن الآن “حلها من خلال السياسة الديمقراطية”. هذا التوافق بين رأس الحركة وقاعدتها هو ما يميز هذه المبادرة عن سابقاتها، ويفتح نافذة أمل حقيقية لإنهاء أحد أطول الصراعات في المنطقة، والذي كلف تركيا، بحسب وزير ماليتها، نحو 1.8 تريليون دولار على مدى العقود الخمسة الماضية.

شارك هذا المنشور:

السابقة المقالة

“أسوشيتد برس”: الهجوم الإيراني أصاب هدفًا أمريكيًا حساسًا في قطر

المقالة التالية

هيمنة صينية.. أكبر الدول المنتجة للصلب في العالم