يونيو ٢٦, ٢٠٢٥
تابعنا
نبض
logo alelm
زهران ممداني.. هل يقود مسلم تقدمي أكبر ولايات أمريكا؟

في مشهد انتخابي نادرًا ما يغادر دائرة التكرار، خرج اسم زهران ممداني ليشعل سباق عمدة نيويورك بضوء استثنائي. فالشاب المسلم، البالغ من العمر 33 عامًا، لا يخوض مجرّد حملة انتخابية، بل يضع قدمه على عتبة تحوّل سياسي لافت في أميركا، بعدما تجاوز أندرو كومو في التمهيديات الديمقراطية، واقترب من نيل ترشيح حزبه لقيادة أكبر مدن البلاد.

لكن ما لفت الأنظار أكثر من تقدّمه الانتخابي، كان رد الفعل الصاخب من دونالد ترامب، الذي نزع قفاز المجاملة وهاجم ممداني بوصفه «شيوعيًا مجنونًا 100٪»، في تعبير لا يخلو من القلق إزاء تغيّر ملامح المشهد السياسي الأميركي.

ممداني، النائب المسلم المنحدر من أصول جنوب آسيوية، لا يمثل جيلًا تقدميًا صاعدًا فحسب، بل يجسّد انتقال الهامش إلى مركز القرار. وحين قال أمام أنصاره عقب الجولة الأولى: «لقد صنعنا تاريخًا الليلة»، لم يكن يقصد فوزًا انتخابيًا مؤقتًا، بل بداية مرحلة جديدة تطفو فيها الهويات المهمشة والأصوات الراديكالية إلى قلب اللعبة السياسية الأميركية.

من زهران ممداني؟

وُلد زهران في كامبالا، عاصمة أوغندا، لعائلة تجمع بين الفنون والفكر، فوالدته ميرا ناير مخرجة عالمية، ووالده الأكاديمي المعروف محمود ممداني. هاجرت العائلة إلى نيويورك وهو في السابعة من عمره، وهناك نشأ بين أحياء الطبقة المتوسطة، والتحق بمدرسة برونكس للعلوم، ثم درس الدراسات الأفريقية في كلية بودوين، حيث أسّس فرعًا طلابيًا لدعم العدالة في فلسطين.

منذ بداياته، بدا واضحًا أن ممداني لا يسعى للاندماج الصامت في ماكينة السياسة الأمريكية، بل أراد إعادة تشكيلها على صورة ناسها المهمّشين، فنشر مواد دعايته باللغات الأردية والإسبانية، وارتدى الهوية المسلمة في الفضاء العام، لا بوصفها تذكرة عبور بل كأداة مقاومة.

ما الذي يجعل برنامجه مميزًا؟

تتمحور حملة ممداني حول ما يسميه «العدالة المعيشية»: خدمة حافلات مجانية، وتجميد الإيجارات، ودعم البقالة العامة، ورعاية أطفال مجانية، ومضاعفة إنتاج المساكن الشعبية.

هذه الأفكار التي تبدو طوباوية في نظر خصومه، أصبحت لدى كثير من سكان نيويورك، الذين ينام نصف مليون من أطفالهم جائعين كل ليلة، بمثابة ضرورة بقاء.

يقول ممداني: «الناس لا يريدون سياسات رمزية. إنهم يريدون أن يشعروا بأن الحكومة تحارب من أجلهم، لا ضدهم».

وفي لفتات رمزية ذكية، غطس ممداني في المحيط للمطالبة بتجميد الإيجارات، وتناول إفطاره الرمضاني على متن قطار الأنفاق لإبراز أزمة الغذاء، وسار في مانهاتن من طرفها إلى طرفها ملتقطًا صورًا شخصية مع ناخبيه.

من يؤيده؟ ومن يخشى صعوده؟

تحظى حملته بدعم قاعدة جماهيرية عريضة من الشباب والملونين والمهاجرين. يقول أحد مؤيديه: «هو منّا، يعرفنا ويشبهنا… مشكلتنا معه ليست تمثيلية». بينما يشكّك خصومه، مثل كومو المدعوم من بيل كلينتون، في خبرته، ويصفونه بـ«المتطرف» الذي لا يناسب مدينة بميزانية تفوق 115 مليار دولار.

لم تعلن صحيفة نيويورك تايمز تأييدها لأي مرشح، لكنها انتقدت برنامج ممداني بوصفه «مليئًا بالأماني وقليل الواقعية».

ومع ذلك، يردّ المحلل السياسي تريب يانج،  قائلًا: «الخبرة لم تعد وحدها كافية. ممداني يحشد الناس حول رؤية واضحة وملموسة. هذه لحظة تغيير».

موقفه من غزة وإسرائيل

لا يتردد ممداني في إعلان موقفه من قضايا الشرق الأوسط، بخلاف كثير من السياسيين الأمريكيين. وصف ما تفعله إسرائيل في غزة بـ«الإبادة الجماعية»، واعتبرها «دولة فصل عنصري»، ودعا إلى إنهاء الإعفاءات الضريبية للجمعيات المرتبطة بالمستوطنات.

هذه التصريحات جلبت له هجمات إعلامية عنيفة، بعضها اتهمه بمعاداة السامية. لكنه يردّ: «أؤمن بحقوق الإنسان والمساواة، وأرفض أي دولة تقوم على التمييز الديني».

كيف تفاعل ترامب مع هذا الصعود؟

لم يفوت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الفرصة، وشن هجومًا لاذعًا على ممداني عبر منصته «تروث سوشيال»، واصفًا إياه بـ«الشيوعي المجنون»، ومشكّكًا في ذكائه ومظهره وصوته. لم يكن الهجوم مجرد ردّ فعل انتخابي، بل تعبيرًا عن خوف تيار ترامب من صعود قوى شبابية وملونة تعيد رسم حدود الخطاب السياسي الأمريكي.

وفي لحظة احتدام الاستقطاب السياسي، يصبح ترشيح شاب مسلم تقدمي لمنصب عمدة أكبر مدينة أمريكية أكثر من مجرد حملة انتخابية. إنه استفتاء على روح المدينة، وعلى قدرة السياسة على أن تكون انعكاسًا للواقع، لا هروبًا منه. ممداني لا يعدنا بيوتًا فاخرة أو قطارات أسرع، بل يَعِد بشيء أبسط وأعمق: أن يشعر السكان بأن مدينتهم، أخيرًا، تراهم.

اقرأ أيضًا:

هل نجح ترامب في تدمير القدرة النووية لإيران؟ تقرير استخباراتي يفجر مفاجأة

هدنة إيران والاحتلال تترك علامات استفهام حول مصير غزة

أبرز التحديات التي تواجه إيران بعد الحرب مع إسرائيل

شارك هذا المنشور:

السابقة المقالة

السعودية 1446.. عام التحولات الكبرى والإنجازات العالمية

المقالة التالية

إنفوجرافيك| من يشتري صادرات النفط الإيرانية؟