يونيو ٢٥, ٢٠٢٥
تابعنا
نبض
logo alelm
هدنة إيران والاحتلال تترك علامات استفهام حول مصير غزة

بعد 12 يومًا من تبادل الهجمات الصاروخية التي حبست أنفاس العالم، وشهدت توجيه الولايات المتحدة ضربات لمواقع نووية إيرانية وردًا انتقاميًا من طهران، تتوجه الأنظار نحو غزة مرة أخرى، فيما يبدو أن اتفاق وقف إطلاق النار الهش الذي تم بوساطة أمريكية بين إسرائيل وإيران قد صمد.

لكن في الوقت الذي هدأت فيه الجبهة بين اثنتين من أكبر القوى العسكرية في الشرق الأوسط، بقيت جبهة أخرى مشتعلة  وهي جبهة غزة. هناك، لم تُظهر آلة الحرب التابعة لقوات الاحتلال أي نية للتوقف، بل واصلت حصد مئات الأرواح، بينما كان العالم منشغلًا بتتبع مسار الصواريخ والطائرات بين تل أبيب وطهران.

وخلال الأيام الماضية، لقد تحول الاهتمام العالمي بشكل كبير عن المأساة الإنسانية في غزة، وغابت معاناة الفلسطينيين وقلق عائلات الرهائن عن عناوين الأخبار، وهو ما أثار التساؤل حول ما إذا كان انتهاء المواجهة مع إيران إلى تكثيف عمليات الاحتلال في القطاع، أم سيفتح نافذة فرصة نادرة لإنهاء أطول حرب في تاريخ المنطقة.

غزة.. الجرح النازف في ظل المواجهة مع إيران

بالنسبة لسكان غزة البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، لم يكن وقف إطلاق النار مع إيران يعني شيئًا. فالموت والعنف واليأس ظلوا واقعهم اليومي لأكثر من 20 شهرًا. وترسم الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية صورة مرعبة، إذ إن المواجهات راح ضحيتها أكثر من 55 ألف شهيد منذ بدء العدوان، بينهم ما يزيد على 17 ألف طفل. وحتى خلال الأيام الـ 12 الأخيرة التي تركز فيها الاهتمام على إيران، سقط في غزة أكثر من 860 شهيدًا بنيران الاحتلال، في مؤشر واضح على أن القطاع الفلسطيني كان ساحة لتصعيد موازٍ بعيدًا عن الأضواء.

هذا النزيف البشري يتزامن مع تحذيرات متكررة من الأمم المتحدة بأن القطاع بات على شفا مجاعة وشيكة، وسط هجمات متصاعدة من جيش الاحتلال على المدنيين اليائسين الذين يحاولون الحصول على مساعدات غذائية، وهي الأفعال التي وصفها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤؤون الإنسانية (أوتشا) بأنها قد ترقى إلى “جريمة حرب محتملة”.

وفي هذا الصدد، لخص فيليب لازاريني، مدير الأونروا، الموقف بقوله: “الفظائع مستمرة في غزة بينما يتحول الاهتمام العالمي إلى مكان آخر”، مما يطرح تساؤلات جدية حول مصير القطاع بعد أن غابت عنه كاميرات الإعلام العالمية لصالح الصراع مع إيران.

هل يمكن استنساخ اتفاق إيران في غزة؟

داخل الكيان المحتل، بدأت الأصوات تتعالى مطالبة بتوجيه الجهود نحو إنهاء الحرب في غزة. جمعية عائلات الرهائن والمفقودين، التي تمثل صوت القلق الأكبر على مصير المحتجزين، رأت في وقف إطلاق النار مع إيران سابقة يمكن البناء عليها، وأصدرت بيانًا قويًا جاء فيه: “من يستطيع التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع إيران يستطيع أيضًا إنهاء الحرب في غزة”. بالنسبة لهم، فإن تحقيق “نصر” على الجبهة الإيرانية دون استثماره لعودة جميع الرهائن هو “فشل ذريع”، مؤكدين أن هناك الآن “نافذة حاسمة من الفرصة”.

هذا الموقف وجد صدى لدى زعيم المعارضة يائير لابيد، الذي طالب صراحة بإغلاق جبهة غزة وإعادة الرهائن وبدء عملية الإعمار. على الجانب الآخر، يرى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن “الإنجازات الكبرى في إيران تساهم في تحقيق أهدافنا في غزة”، ملقيًا باللوم الكامل على حركة حماس في استمرار الحرب، ومصرحًا لشبكة CNN بأن الحرب “قد تنتهي غدًا.. إذا استسلمت حماس، وألقت سلاحها، وأطلقت سراح جميع الرهائن”.

مستقبل غزة بين شروط المقاومة وعودة تركيز الاحتلال

مع هدوء جبهة إيران، أكد رئيس أركان جيش الاحتلال، إيال زامير، أن التركيز العسكري سيعود الآن بالكامل إلى غزة بهدف “تفكيك نظام حماس وإعادة الرهائن”، مشددًا على أنه “لا وقت للتراخي”. هذا التصريح يضع مستقبل القطاع أمام سيناريوهات مفتوحة، خاصة في ظل الموقف الثابت لحركة حماس التي أبدت انفتاحًا على الهدنة لكنها ترفض رفضًا قاطعًا إلقاء السلاح دون ضمانات واضحة بإنهاء الحرب بشكل دائم.

وفي خضم هذه المواقف المتضاربة، تحاول قطر ومصر إعادة إحياء المفاوضات غير المباشرة استنادًا إلى مقترح أمريكي يدعو لهدنة لمدة 60 يومًا مقابل إطلاق سراح عدد محدود من الرهائن. لكن الفجوة لا تزال واسعة بين مطالب حماس بوقف دائم لإطلاق النار، وبين أهداف الاحتلال المعلنة بالقضاء التام على الحركة. ويبقى مصير غزة معلقًا بين هذه الإرادات المتناقضة، في وقت يواجه فيه سكانها الموت جوعًا وقصفًا.

شارك هذا المنشور:

السابقة المقالة

بعد إعلان اغتياله.. ظهور إسماعيل قاآني في قلب طهران

المقالة التالية

4 لقاءات.. جدول مباريات كأس العالم للأندية اليوم