مع إعلان وفاة الرئيس الأمريكي الأسبق «جيمي كارتر» عن عمر يناهز 100 عام، مساء الأحد الماضي، توالت ردود الأفعال الدولية التي عبّرت عن الحزن والاعتراف بإنجازاته التي شكل بعضها مسارات السلام والدبلوماسية في العالم.
تولى كارتر منصب الرئاسة بين عامي 1977 و1981، وشهدت ولايته إنجازات دبلوماسية بارزة، أبرزها «اتفاقية كامب ديفيد» التي وقعت بين مصر وإسرائيل، و«معاهدات توريخوس-كارتر» التي أعادت السيادة على قناة بنما، فضلًا عن دوره في تطبيع العلاقات الأمريكية الصينية.
هذه الإنجازات وغيرها منحته «جائزة نوبل للسلام» عام 2002، تقديرًا لعقود من العمل على تعزيز السلام وحقوق الإنسان والتنمية، حسبما أعلنت الأكاديمية السويدية وقتها.
عبّر الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي عن تعازيه، في بيان رسمي، قائلًا: «في لحظة من الحزن، أقدم خالص التعازي إلى أسرة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، وإلى الشعب الأمريكي. كان كارتر رمزًا للدبلوماسية والإنسانية، وجهوده في حفظ السلام بين مصر وإسرائيل ستظل محفورة في التاريخ. إرثه سيبقى مصدر إلهام للأجيال القادمة».
كان دور كارتر في إبرام اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية حدثًا محوريًا في تاريخ المنطقة، وأشاد السيسي بإيمانه العميق بالعدالة والسلام.
من جهته، وصف الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوج كارتر، بأنه «قائد شجاع ترك إرثًا خالدًا من السلام. كان لي شرف التواصل معه في السنوات الأخيرة، وأعربت له عن امتناني لدوره في جمع رئيسي الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجن والرئيس المصري أنور السادات لإرساء أول معاهدة سلام عربية إسرائيلية، التي لا تزال ركيزة للاستقرار في الشرق الأوسط».
كما أكدت الحكومة الإسرائيلية في بيانها على دور كارتر في تحقيق السلام، مشيرة إلى أن الاتفاقية شكلت أساسًا لمستقبل أفضل في المنطقة.
في رسالة تعزية مقتضبة، أشاد الرئيس الصيني «شي جين بينج» بدور كارتر في تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة، قائلًا: «كارتر كان رائدًا في تطبيع العلاقات بين بلدينا، ومساهماته الكبيرة في تعزيز الصداقة ستظل محل تقدير دائم».
واستذكر الرئيس البنمي «خوسيه راؤول مولينو» أهمية معاهدات «توريخوس-كارتر»، التي أنهت السيطرة الأمريكية على قناة بنما، وصرح قائلًا: «في فترة معقدة، نجح كارتر في تحقيق إنجاز تاريخي أعاد السيادة الكاملة على القناة إلى الشعب البنمي. ستبقى بصمته خالدة في تاريخنا الوطني».
وأشاد الأمين العام للأمم المتحدة، «أنطونيو جوتيريش»، بالتزام كارتر الراسخ بالسلام وحقوق الإنسان، مشيرًا إلى دوره في الوساطة الدولية ومراقبة الانتخابات. وأضاف: «إرثه كمدافع عن الفقراء والمهمشين، وكحامل لقيم الإنسانية، سيظل مصدر إلهام لعمل الأمم المتحدة».
ووصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كارتر بأنه: «مدافع لا يكل عن حقوق الإنسان والسلام. كان صوته حاضرًا دائمًا إلى جانب الأكثر ضعفًا. فرنسا تنعي رحيله وتقدم تعازيها الحارة إلى الشعب الأمريكي».
وفي تعزية من بريطانيا، الملك تشارلز الثالث، قال: «كان كارتر قائدًا متواضعًا ومخلصًا للسلام، وقد خلدت زيارته إلى المملكة المتحدة في عام 1977 ذكرى خاصة في قلوبنا. أقدم تعازيّ للشعب الأمريكي».
وعبّررئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، عن إعجابه العميق بإرث كارتر، قائلًا: «كان رجلًا استثنائيًا أعاد تعريف مفهوم القيادة بعد الرئاسة، من خلال عمله في تعزيز العدالة الاجتماعية ومكافحة الأمراض والفقر. إرثه سيبقى حيًا لعقود قادمة».
وأشار الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إلى دور كارتر في الضغط على النظام العسكري البرازيلي لإطلاق سراح السجناء السياسيين، مضيفًا: «كارتر لم يكتفِ بخدمة شعبه، بل عمل بلا كلل لتعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية في جميع أنحاء العالم. كان اسمه مرتبطًا دائمًا بفكرة أن السلام شرط أساسي للتنمية».
استذكر الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، دعم كارتر للقيم الديمقراطية، قائلًا: «رغم أن فترة رئاسته سبقت استقلال أوكرانيا، إلا أن التزامه بالحرية والعدالة كان مصدر إلهام لنا في كفاحنا الحالي».