logo alelm
إنفوجرافيك| رسوم تأشيرات H-1B ستضر أمريكا

أطلق خبراء اقتصاديون تحذيرات من التداعيات السلبية لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب القاضي بفرض رسوم مرتفعة تبلغ 100 ألف دولار (تعادل 74 ألف جنيه إسترليني) على تأشيرات العمال المهرة من فئة H-1B، مؤكدين أن هذه السياسة قد تعيق مسار النمو في الولايات المتحدة.

ففي يوم الجمعة الماضي، وقع ترامب إعلانًا يقضي برفع رسوم تقديم طلبات هذه التأشيرة إلى ما يزيد بنحو 60 مرة عن مستواها السابق، بحجة تحفيز أرباب العمل الأميركيين على توظيف مواطنين محليين بدلًا من الاستعانة بالعمالة الأجنبية. وهذه الزيادة المفاجئة تمثل عبئًا ثقيلًا على شركات التقنية العملاقة، التي تعتمد بصورة جوهرية على هذه التأشيرات لتوظيف خبراء في مجالات البرمجة والهندسة والبحث العلمي، لا سيما من الهند التي تعد المصدر الأكبر للمستفيدين.

وبررت الإدارة الأميركية الخطوة بالقول إن البرنامج يُستخدم على نحو “يسيء” إلى العمال الأميركيين عبر خفض الأجور ونقل وظائف تقنية المعلومات إلى الخارج. وفي المقابل، ردت نيودلهي بانتقادات حادة، معتبرة أن القرار نابع من “الخوف من الكفاءات الهندية”.

تداعيات تأشيرة H-1B على الاقتصاد الأمريكي

وقال أتاكان باكيسكان، كبير الاقتصاديين في بنك الاستثمار بيرينبرغ، إن السياسة الجديدة تجسد ما وصفه بـ “النهج المناهض للنمو” الذي تتبعه إدارة ترامب، موضحًا أن كبح تدفق الكفاءات سيضعف الإنتاجية على المدى الطويل ويجعل بقاء الطلاب الأجانب بعد التخرج أمرًا شبه مستحيل.

وأضاف أن الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يعوض خسائر رأس المال البشري في ظل هذه القيود، مشيرًا إلى أن مصرفه خفض توقعاته لنمو الاقتصاد الأميركي من 2% إلى 1.5%، مع التحذير من أن النسبة الجديدة نفسها قد تبدو متفائلة إذا استمرت هذه السياسات. كما حذّر من أن تراجع الثقة بالمؤسسات، وفقدان الكفاءات، والرسوم الجمركية، والمناخ الضبابي، إضافة إلى عجز الموازنة، كلها عوامل تزيد من احتمالية وقوع أزمة مالية داخلية، وما قد يتبعها من هبوط لقيمة الدولار وارتفاع في عوائد السندات طويلة الأجل.

من جهته، قال جيم ريد، الخبير الإستراتيجي في دويتشه بنك، إن فرض الرسوم الجديدة على العمال من فئة H-1B خلق “حالة غير مسبوقة من الغموض” وأربك الشركات والموظفين خلال عطلة نهاية الأسبوع. وفي وادي السيليكون، سارعت مؤسسات كبرى إلى نصح موظفيها بعدم مغادرة الأراضي الأميركية خشية التعقيدات، قبل أن يوضح البيت الأبيض لاحقًا أن القاعدة تطبق فقط على الطلبات الجديدة ولمرة واحدة.

وأوضحت كاثلين بروكس، مديرة الأبحاث في شركة الوساطة XTB، أن أمازون تتصدر قائمة الشركات الأكثر اعتمادًا على هذه التأشيرات، تليها مايكروسوفت، ثم ميتا المالكة لفيسبوك، إلى جانب آبل وجوجل. وأشارت إلى أن هذه المؤسسات العملاقة تستطيع تحمّل الكلفة، لكن قطاعات أخرى مثل الرعاية الصحية والتعليم قد تواجه صعوبات جدية في التوظيف مستقبلًا.

وبحسب بيانات النصف الأول من عام 2025، حصلت أمازون وحدها على أكثر من 10 آلاف تأشيرة H-1B، في حين تجاوزت موافقات مايكروسوفت وميتا حاجز الـ 5 آلاف لكل منهما. ويتيح البرنامج سنويًا 65 ألف تأشيرة أساسية، إضافة إلى 20 ألف تأشيرة خاصة لحملة الدراسات العليا. وكانت الهند المستفيد الأكبر في العام الماضي بنسبة 71% من إجمالي التأشيرات، في حين جاءت الصين في المرتبة الثانية بنسبة 11.7%. وقد اعتبرت الحكومة الهندية أن الرسوم الجديدة ستؤدي إلى “تداعيات إنسانية” بسبب الاضطراب الذي ستسببه للعائلات.

وسجّل يوم الاثنين تراجعًا في أسهم شركتي التقنية الهنديتين “إنفوسيس” و“تاتا كونسلتينج سيرفيسز” بنحو 3% نتيجة القرار، إذ تعتمد كلتاهما على البرنامج لتشغيل آلاف الموظفين لدى عملاء أميركيين. أما في الصين، فقد ساد القلق أوساط المهنيين والطلاب هناك، حيث عبر كثيرون على منصات التواصل مثل Xiaohongshu عن ارتباكهم واضطرار بعضهم لإلغاء خطط السفر أو العودة مسرعين إلى الولايات المتحدة. ووصفت إحدى المقيمات في نيويورك تجربتها مع القرار بأنها “48 ساعة من العجز والإحباط”، مشيرة إلى كيف يمكن لقرار سياسي أن يقلب حياة الأفراد فجأة.

وتوقع محللون صينيون أن تؤدي هذه السياسات إلى عزوف الطلبة الصينيين عن استكمال دراستهم في الولايات المتحدة، مع تزايد التوجه نحو وجهات بديلة مثل سنغافورة وهونج كونج. وبالفعل، تراجع عدد الطلبة الصينيين في الجامعات الأميركية من 373 ألفًا عام 2019 إلى نحو 277 ألفًا في 2024. ولا يزال الغموض قائمًا بشأن آليات تطبيق الرسوم. ففي حين أعلن وزير التجارة الأميركي أن الشركات ستدفع 100 ألف دولار سنويًا لكل عامل، أوضحت المتحدثة باسم البيت الأبيض لاحقًا أن الرسوم عبارة عن دفعة لمرة واحدة تخص المتقدمين الجدد فقط.

ويرى محامو الهجرة أن هذه التكلفة ستجعل الشركات تعيد التفكير مليًا قبل استقدام أي موظف جديد، خاصة الشركات الناشئة والمتوسطة، بينما قد تلجأ المؤسسات الكبرى إلى نقل وظائفها إلى الخارج أو حصرها في المناصب العليا فقط. وامتد الجدل إلى داخل الأوساط الاقتصادية، حيث أوضح نائب رئيس مجلس إدارة IBM، غاري كوهن، في مقابلة تلفزيونية أن حالة الارتباك تلاشت بعد توضيحات البيت الأبيض، مشيدًا بالقرار على اعتبار أنه سيضمن استقطاب أفضل الكفاءات إلى السوق الأميركية، الأمر الذي قد ينعكس إيجابًا على الاقتصاد في المدى الطويل.

اقرأ أيضًا:
رسوم “تأشيرات H-1B”.. حلم العمل بأمريكا يصبح أصعب
لمدة عام.. الصين تعفي السعوديةمن تأشيرة الدخول
عقوبات تنتظر مخالفي مغادرة المملكة بعد انتهاء صلاحية تأشيرة الدخول

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

للمرة الأولى.. المملكة تستضيف بطولة آسيا لدراجات الطريق لعام 2026

المقالة التالية

الاتحاد الأوروبي يعتزم بناء جدار مسيرات لصد التوغلات الروسية