خلال لقاء الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في بكين، لم يكن متوقعًا أن يتحول النقاش من ملفات الطاقة والتجارة إلى موضوع أكثر غرابة: استبدال الأعضاء كوسيلة لإطالة العمر وربما تحقيق الخلود، حيث تحدث بوتين عن التقدم في التكنولوجيا الحيوية وإمكانية إجراء عمليات زرع متكررة، بينما ذهب شي إلى توقع أن يعيش البشر حتى 150 عامًا.
منذ آلاف السنين، ارتبطت فكرة استبدال الأعضاء بالأساطير التي تحدثت عن الشفاء والمعجزات، لكن أول عملية ناجحة لم تتم إلا عام 1954 عندما نجح الأطباء في زراعة كلية، لتبدأ بعدها رحلة التطور حتى شملت القلب والكبد والرئة، وعلى الرغم من هذه النجاحات، فإن الهدف الأساسي ظل إنقاذ المرضى، وليس منح الإنسان حياة أبدية.
يرى خبراء الأخلاقيات الطبية أن استبدال الأعضاء لا يمكن أن يكون وسيلة للعيش إلى الأبد، فالعمليات الجراحية قد تنقذ حياة مريض يعاني من فشل عضو حيوي، لكنها لا توقف التغيرات الطبيعية المرتبطة بالشيخوخة.
كما أن أمراضًا مزمنة مثل السرطان والخرف لا يمكن علاجها عبر استبدال عضو تالف بآخر سليم.
التحدي الأكبر في استبدال الأعضاء هو رفض الجهاز المناعي للعضو الجديد، وللتغلب على ذلك، طُوِّرت أدوية مثبطة للمناعة منذ الثمانينيات، لكنها تحمل مخاطر جسيمة مثل العدوى القاتلة والسكري وارتفاع ضغط الدم وحتى السرطان.
ويؤكد الأطباء أن تناول هذه الأدوية مدى الحياة أمر شاق، وأن محاولة استبدال كل أعضاء الجسم تظل مستحيلة من الناحية الطبية.
حتى مع نجاح العملية، يظل جسم الإنسان أقل قدرة على التعافي كلما تقدم في العمر، ولذلك فإن فكرة استبدال الأعضاء بشكل متكرر تتجاهل حقيقة أن الجسد ككل يفقد مرونته مع الزمن، ولا يمكنه مقاومة الجراحة أو العدوى كما في مرحلة الشباب.
من أبرز العوائق أمام فكرة استبدال الأعضاء لإطالة العمر هو النقص الحاد في المتبرعين، حيث تشير الإحصاءات العالمية إلى أن أقل من 10% من الطلب الحالي على الأعضاء تتم تلبيته.
هذا الواقع يجعل من المستحيل التفكير في استخدام هذه العمليات كوسيلة لتحقيق الخلود، فضلًا عن البعد الأخلاقي المتمثل في حرمان المرضى المحتاجين من فرصتهم في الحياة.
يرى الباحثون أن مستقبل إطالة العمر لن يأتي من استبدال الأعضاء، بل من تقنيات أخرى مثل تعديل الجينات، وعلاجات الخلايا الجذعية، وأدوية تبطئ الشيخوخة، حيث تستهدف هذه الأساليب إصلاح الخلايا وتجديدها بدلًا من تغيير الأعضاء بالكامل، وعلى الرغم من أن هذه الأبحاث ما زالت في بدايتها، فإنها تبدو أكثر واقعية من فكرة زرع أعضاء جديدة بلا نهاية.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
حقنة تعيد لون الشعر الأبيض إلى الأسود.. ماذا نعرف عنها؟