عادت الأحداث الأمنية الدامية في محافظة السويداء جنوب سوريا لتسلط الضوء مجددًا على طائفة الدروز، إحدى المكونات الدينية العريقة في الشرق الأوسط.
تجد الطائفة نفسها، مع اندلاع اشتباكات عنيفة بين فصائل درزية ومقاتلين من العشائر البدوية، وتدخل إسرائيل عسكريًا، في قلب أزمة معقدة تهدد نسيجها الاجتماعي وتكشف عن انقساماتها الداخلية في ظل واقع إقليمي متغير.
نشأت طائفة الموحدين الدروز في القرن الحادي عشر الميلادي في مصر، كانبثاق عن المذهب الشيعي الإسماعيلي خلال عهد الخليفة الفاطمي السادس، الحاكم بأمر الله (حكم بين 996-1021).
بدأت الدعوة على يد شخصيات مثل حمزة بن علي ومحمد الدرزي، الذي يُعتقد أن اسم الطائفة اشتُق منه رغم أنه اعتُبر لاحقًا منشقًا داخل الحركة نفسها.
يعتقد الدروز أن الحاكم بأمر الله، الذي اختفى بشكل غامض عام 1021، كان “تجلّيًا إلهيًا”، وبعد اختفائه، تعرض أتباع الدعوة للاضطهاد الشديد في مصر، مما أدى إلى انحسار وجودهم فيها وانتشارهم في مناطق جبلية وعرة في بلاد الشام، خاصة في سوريا ولبنان، حيث تمكنوا من الحفاظ على عقيدتهم وهويتهم لقرون.
تعتبر العقيدة الدرزية مغلقة، حيث توقف قبول أعضاء جدد من خارج الطائفة منذ عام 1043، وتُحفظ نصوصهم المقدسة، المعروفة بـ”رسائل الحكمة” أو “الحكمة الشريفة”، بسرية تامة، ولا يطلع عليها إلا فئة قليلة من رجال الدين المتعمقين المعروفين بـ”العُقّال”.
يُقدر عدد الدروز في العالم بأكثر من مليون نسمة، يتوزعون بشكل أساسي في ثلاث دول رئيسية، بالإضافة إلى مجتمعات مهاجرة حول العالم.
يختلف المشهد السياسي الدرزي بشكل كبير من دولة إلى أخرى، ففي لبنان، تلعب عائلات إقطاعية تاريخية دورًا محوريًا في قيادة الطائفة، أبرزها عائلة جنبلاط التي تتزعم الحزب التقدمي الاشتراكي، وعائلة أرسلان التي تتزعم الحزب الديمقراطي اللبناني، وغالبًا ما تكونان على طرفي نقيض في السياسة اللبنانية.
أما في سوريا، فلا توجد قيادة سياسية درزية موحدة وبارزة على غرار لبنان، فخلال الحرب الأهلية، برزت ميليشيات محلية متعددة للدفاع عن مناطقهم.
وبعد سقوط نظام الأسد، ظهر الانقسام جليًا بين القيادات الروحية، حيث يمثل الشيخ حكمت الهجري تيارًا معارضًا للحكومة الجديدة، في حين يميل شيخا عقل آخران إلى التهدئة والتفاوض.
وفي الكيان المحتل، يتمتع الدروز بحضور في المؤسستين العسكرية والسياسية، إلا أنهم عبروا عن غضبهم بعد إقرار قانون “الدولة القومية للشعب اليهودي” عام 2018، معتبرين أنه يجعلهم مواطنين من الدرجة الثانية ويشكل خيانة لولائهم وتضحياتهم.