تشهد الولايات المتحدة في عام 2025 موجة غير مسبوقة من تسريح العمالة، ما يعكس حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي والتجاري، وسط تداخل معقد بين العوامل التقنية والسياسية، وتشير التقديرات إلى أن عدد حالات التسريح من العمل سيصل إلى ما يقارب ضعف معدل التسريح الذي تم تسجيله في الفترة نفسها من العام الماضي.
تعد الصناعات الأمريكية التي سرحت عمالتها هذا العام متعددة ومتنوعة، حيث شملت قطاعات التكنولوجيا، والحكومة، والتجزئة، فقد واصلت شركات كبرى مثل مايكروسوفت، وإنتل، وأمازون، ووول مارت تقليص أعداد موظفيها استجابة لتحديات سوق العمل.
وبينما يُوجَّه الكثير من اللوم إلى الذكاء الاصطناعي كعامل مباشر، يرى مراقبون أن السياسات الحكومية والرسوم الجمركية تلعب دورًا حاسمًا في هذه الظاهرة المتنامية.
فيما يتعلق بالقطاع الحكومي، فقد مثّل ما نسبته 39% من إجمالي عمليات التسريح خلال النصف الأول من العام، وتركزت النسبة الأكبر من هذه الحالات في العاصمة واشنطن، وسُجّل تسريح أكثر من 288 ألف موظف حكومي، كانت وزارة الطاقة على رأس الجهات التي اتخذت هذه الخطوة.
وقد دفع القلق من احتمالية فقدان الوظائف عددًا من الموظفين إلى التقاعد المبكر أو بيع مواقعهم الوظيفية طواعية، تجنبًا للمجهول الوظيفي.
أما قطاع التجزئة، فقد عانى من تداعيات تقلبات السوق والضغوط على سلوك المستهلكين، مما أدى إلى تسريح ما يقارب 79,900 موظف، وهو رقم يفوق ثلاثة أضعاف ما تم تسجيله في الفترة نفسها من عام 2024، وتظل هذه الفجوة دليلاً على عمق التحديات التي تواجه هذا القطاع الحيوي.
في السياق ذاته، شهد قطاع التكنولوجيا ارتفاعًا حادًا في نسب تسريح العمال بنسبة 27% مقارنة بالنصف الأول من 2024، فقد قامت شركة مايكروسوفت بإلغاء 15 ألف وظيفة خلال الأشهر الستة الأولى فقط من عام 2025، بينما أعلنت شركة إنتل عن خفض قوتها العاملة بنسبة 15% في إطار خطة لتقليص النفقات التشغيلية.
بالنظر إلى هذه التطورات، فإن الصناعات الأمريكية التي سرحت عمالتها تعكس صورة مركبة من الضغوط المتشابكة بين الابتكار التكنولوجي، وتغير السياسات الاقتصادية، وتحولات سلوك المستهلك، ويرى محللون أن هذه الموجة قد تستمر في التصاعد ما لم تُعالج التحديات البنيوية بشكل جذري.
يمكن أن تقرأ أيضًا:
نفوجرافيك| الوظائف الأسرع نموا في العالم بين 2025 و2030