رغم انتشار الحميات الغذائية والبرامج الرياضية، فإن إنقاص الوزن يظل من أكثر التحديات صعوبة، إذ تُظهر الدراسات أن ما بين 80% و95% من الأشخاص الذين يفقدون الوزن يستعيدونه خلال سنوات قليلة. ويقول الخبراء إن الأمر لا يرتبط بقوة الإرادة بقدر ما يتعلق بآليات الجسم الحيوية التي تعمل على الحفاظ على الوزن المعتاد.
وتشير الدكتورة كيمبرلي جودسون، المديرة الطبية للمجلس الأمريكي لطب السمنة، إلى أن الجسم يتعامل مع فقدان الوزن كتهديد، فيُبطئ عملية الأيض ويزيد الشعور بالجوع في محاولة لاستعادة الكتلة المفقودة. وتقول: “فقدان الوزن ليس نهاية الرحلة، بل بداية معركة بيولوجية حقيقية للحفاظ عليه”.
دراسات تكشف مقاومة الجسم بعد فقدان الوزن
أظهرت دراسة تابعت متسابقي برنامج “الخاسر الأكبر” أن أغلبهم استعادوا جزءًا من الوزن الذي فقدوه بعد مرور ست سنوات، كما لوحظ تباطؤ كبير في معدل الأيض لديهم. ويفسر العلماء ذلك بأن الجسم يبدأ في حرق سعرات حرارية أقل بعد الحمية، ما يجعل الحفاظ على الوزن الجديد مهمة صعبة. وتشير الأبحاث إلى تغيرات هرمونية ترافق هذه المرحلة، منها ارتفاع هرمون الغريلين الذي يثير الشهية، وانخفاض هرموني اللبتين والببتيد YY المسؤولين عن الإحساس بالشبع. هذه التغيرات تستمر لفترة طويلة، وتدفع الجسم إلى استعادة وزنه السابق.
ويعتمد كثير من الباحثين على ما يُعرف بـ”نظرية نقطة التوازن”، التي تفترض أن لكل جسم نطاقًا محددًا من الوزن يسعى للحفاظ عليه. ويعتقد أن هذا النطاق يتشكل في مرحلة الطفولة، ويستمر لاحقًا مع البالغين. ورغم الجدل حول دقة النظرية، فإنها تساعد في تفسير سبب مقاومة الجسم لأي تغيير في الوزن على المدى الطويل.
وصمة السمنة.. عائق أمام العلاج
تُعد الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالسمنة أحد أهم الأسباب التي تمنع المرضى من طلب العلاج.ةويقول الدكتور أندرو كرافتسون من جامعة ميشيغان إن المقارنات بين أصحاب الأوزان المختلفة غير منصفة، لأن العوامل البيولوجية والنفسية تلعب دورًا حاسمًا. ويضيف: “النحافة ليست دائمًا نتيجة انضباط، والسمنة ليست دائمًا ناتجة عن ضعف الإرادة”.
ويشير الخبراء إلى أن النظرة السلبية للسمنة تجعل بعض المرضى يترددون في اللجوء إلى الأطباء أو طلب المساعدة، رغم تطور العلاجات الدوائية والجراحية في السنوات الأخيرة. وتؤكد الدكتورة جودسون أن بعض المرضى يواجهون تمييزًا حتى في العيادات الطبية، إذ يُلامون على أوزانهم بغض النظر عن السبب الحقيقي لزيارتهم. وتقول: “اللوم المستمر يدفع كثيرين لتجنب الرعاية الصحية، ما يزيد من تعقيد حالتهم”، مشيرة إلى أن الوعي بهذا التحيز بدأ يتحسن تدريجيًا.
وطور الدكتور أندريس أكوستا من “مايو كلينك” نهجًا يعتمد على تحديد النمط الحيوي لكل مريض، لتقديم علاج أكثر دقة. ويقسم الأنماط إلى أربع فئات رئيسية وهي:
- الدماغ الجائع: الحاجة إلى مزيد من السعرات للشعور بالشبع.
- الأمعاء الجائعة: الإحساس بالجوع بعد فترة قصيرة من الأكل.
- الجوع العاطفي: الأكل بدافع التوتر أو المشاعر.
- الحرق البطيء: بطء معدل الأيض.
ويقول أكوستا إن فهم هذه الأنماط يساعد في تصميم خطط علاج شخصية تشمل الأدوية، والتغذية، والدعم السلوكي. ويرى الأطباء أن الهدف من علاج السمنة لا يقتصر على خفض الوزن فحسب، بل على تحسين الصحة العامة. ويؤكد كرافتسون أن التعامل مع السمنة يتطلب فريقًا متكاملًا من الأطباء وأخصائيي التغذية والصحة النفسية، نظرًا لأنها حالة مزمنة معقدة تتأثر بالبيئة ونمط الحياة والعوامل النفسية. ويختم بقوله: “بيئتنا الحديثة تشجع على الخمول وتغذي العادات غير الصحية، ولن نحقق تقدمًا حقيقيًا ما لم نعيد بناء بيئة تدعم خيارات صحية أفضل للجميع”.
اقرأ أيضًا:
أدوية إنقاص الوزن.. سباق الـ 100 مليار دولار
10 حقائق غير عادية عن السعرات الحرارية
الوجه الخفي لتطبيقات اللياقة.. لماذا قد يكون ضررها أكبر من نفعها؟














