
تبدو السعرات الحرارية مجرد أرقام على عبوات الطعام، لكنها في الواقع تتحكم في كثير من تفاصيل حياتنا اليومية؛ من طريقة تناولنا للطعام، إلى شعورنا تجاه أجسادنا، إلا أن ما لا يعرفه كثيرون هو أن مفهوم السعرات الحرارية نفسه مليء بالغرائب والحقائق المدهشة التي تكشف جانبًا آخر من علاقتنا بالطعام والطاقة.
نستعرض خلال التقرير 10 حقائق غير عادية عن السعرات الحرارية، تُظهر كيف تطورت من مفهوم فيزيائي إلى هوسٍ غذائي عالمي، وما يخفيه هذا المقياس الصغير من أسرار.
قبل أن ترتبط بالطعام، كانت السعرات الحرارية مصطلحًا فيزيائيًا بحتًا، فقد استخدمها الفيزيائي الفرنسي نيكولا كليمان في القرن التاسع عشر لقياس كمية الطاقة اللازمة لتسخين الماء بدرجة واحدة، ولم يُستخدم المصطلح غذائيًا إلا لاحقًا حين بدأ العلماء دراسة الطاقة الناتجة عن هضم الأطعمة.
المفارقة أن ما نقرأه اليوم على الملصقات الغذائية ليس “سعرة حرارية” واحدة، بل “كيلو كالوري” أي ألف سعرة حرارية فيزيائية، لكن تم تبسيط المصطلح تسويقيًا، لذا فإن لوح شوكولاتة بـ500 سعرة حرارية يعني فعليًا 500 ألف سعرة علمية.
تُظهر شاشات أجهزة المشي والدراجات أن المستخدم “حرق” مئات السعرات، لكنها في الغالب أرقام مبالغ فيها، حيث كشفت دراسات جامعة هارفارد وجامعة ستانفورد أن هذه الأجهزة قد تُخطئ بنسبة تصل إلى 80%، لأنها تعتمد على حسابات عامة لا تراعي الفروق الفردية في الوزن أو الأيض أو اللياقة.
الحقيقة أن أجهزة تتبع اللياقة لا تقدم أرقامًا دقيقة لحرق السعرات الحرارية، بل تقديرات تقريبية فقط، لذلك، لا ينبغي الاعتماد عليها كمرجع حاسم في خطط الحمية أو فقدان الوزن.
صحيح أن شرب الماء البارد يُجبر الجسم على تسخينه إلى درجة حرارته الداخلية، لكن كمية السعرات الحرارية التي تُستهلك ضئيلة للغاية، فشرب نصف لتر من الماء المثلج يحرق نحو 17 سعرة فقط — أي تحتاج إلى 70 كوبًا لحرق قطعة بسكويت واحد.
ورغم أن بعض الحميات تروّج لفكرة “حمية الماء المثلج”، إلا أن تأثيرها الفعلي ضئيل جدًا، ولا يمكن الاعتماد عليها في إنقاص الوزن.
هل تعلم أن القوانين في بعض الدول، مثل الولايات المتحدة، تسمح بهامش خطأ يصل إلى 20% في حساب السعرات الحرارية على الملصقات الغذائية؟
بمعنى آخر، وجبة مكتوب عليها “100 سعرة حرارية” قد تحتوي فعليًا على 120 أو 80 سعرة دون مخالفة، السبب يعود إلى طريقة القياس القديمة التي تُعرف بنظام “أتواتر”، الذي يقدر الطاقة بناءً على متوسطات ثابتة دون مراعاة طبيعة الطعام أو كفاءة الهضم.
وبالتالي، قد تستهلك أكثر مما تعتقد، خصوصًا في الأطعمة المصنعة.
يظن البعض أن 200 سعرة حرارية هي 200 في أي مكان، لكن هذا غير صحيح تمامًا، تختلف طرق حساب السعرات الحرارية من دولة لأخرى، تبعًا لقوانين التقريب ومعايير القياس.
في اليابان مثلًا، تُحسب فقط “الطاقة القابلة للهضم”، بينما تُقرب القيم في الولايات المتحدة إلى أقرب عشرة، هذا يعني أن المنتج نفسه قد يحمل أرقامًا مختلفة في طوكيو مقارنةً بلندن، رغم أنه من نفس النوع.
جسم الإنسان ليس آلة كاملة الكفاءة؛ فهو يهدر جزءًا من الطاقة أثناء الهضم والامتصاص، ويُعرف ذلك بـ”التأثير الحراري للطعام”، حيث يحرق الجسم 20-30% من سعرات البروتين أثناء الهضم، مقابل 3% فقط من سعرات الدهون.
بالتالي، قد تمنحك وجبة بـ300 سعرة حرارية طاقة فعلية أقل بكثير، وتعتبر الألياف والمكسرات مثال واضح على ذلك، إذ لا تُهضم بالكامل، مما يقلل من كمية السعرات الممتصة فعليًا.
سجل التاريخ حالات نادرة لأشخاص صاموا فترات طويلة دون تناول طعام، أبرزهم الاسكتلندي أنجوس باربييري الذي عاش أكثر من عام على الماء والقهوة فقط، مستمدًا طاقته من مخزون الدهون في جسده.
تُظهر هذه الحالة المذهلة قدرة الجسم على تحويل مخزونه الداخلي من الطاقة (الدهون) إلى وقود، إذ يحتوي كل رطل من الدهون على نحو 3500 سعرة حرارية.
رغم أن وزنه لا يتجاوز 2% من كتلة الجسم، إلا أن الدماغ يستهلك نحو 20% من إجمالي السعرات الحرارية اليومية، هذا يعني أن التفكير والذاكرة وحتى الأحلام تستهلك طاقة حقيقية.
لكن لا تتوقع أن التفكير المكثف سيُنقص وزنك، فالفارق لا يتعدى بضع سعرات في الساعة.
السعرات الحرارية من الدجاج تختلف تمامًا عن تلك القادمة من المشروبات الغازية، فالبروتين يُعزز الشبع ويحرق سعرات أكثر أثناء الهضم، بينما السكر يمتصه الجسم بسرعة ويُشجع على تخزين الدهون.
كما أن الأطعمة الحارة والغنية بالألياف ترفع معدل الحرق مؤقتًا وتُقلل من امتصاص السعرات، لهذا السبب، لا يكفي حساب الأرقام فقط، بل يجب النظر إلى جودة الطعام ومصدر الطاقة.
النظام الذي نستخدمه اليوم لتقدير السعرات الحرارية يعود إلى القرن التاسع عشر، حين ابتكر الكيميائي ويلبر أتووتر طريقة لحساب الطاقة في الطعام عبر “مسعر القنبلة” — جهاز يحرق الطعام بالكامل لقياس الحرارة الناتجة.
لكن أجسامنا لا تحرق الطعام تمامًا مثل الآلة، ومع ذلك ما زلنا نعتمد على تلك المعادلات القديمة حتى الآن، وبذلك، فإن كل سعرة تُسجلها تطبيقات الحمية اليوم هي تقدير تقريبي لمعادلة وُضعت قبل أكثر من 120 عامًا.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
أبرزها ثقب الجمجمة وابتلاع الديدان.. علاجات طبية غريبة أثبتت نجاحها !