logo alelm
أبرزها ثقب الجمجمة وابتلاع الديدان.. علاجات طبية غريبة أثبتت نجاحها !

واجه الإنسان عبر العصور المرض بوسائل قد تبدو لنا اليوم غريبة، لكنها كثيرًا ما أثبتت فعالية مدهشة. تكشف هذه الممارسات القديمة، التي جمعت بين الخرافة والتجريب، كيف وُلدت بعض الاكتشافات الطبية من يأسٍ أو صدفة. ونستعرض فيما يلي قائمة لأغرب علاجات طبية فعالة بحسب ما نشره موقع listverse ليذكرنا بأن ما نعتبره علمًا راسخًا اليوم كان يومًا ضربًا من الغرابة.

اليرقات علاج مقزز لكنه فعال

رغم ارتباط اليرقات في الأذهان بالتحلل والأفكار المُقززة، إلا أنها أثبتت فعاليتها الطبية المذهلة في تنظيف الجروح وعلاجها. يقوم العلاج باليرقات على إدخال يرقات معقمة تتغذى على الأنسجة الميتة فقط، وتفرز إنزيمات ومضادات ميكروبية تُكافح البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية.

 يُستخدم هذا العلاج خصوصًا لقرح السكري والجروح المزمنة، وغالبًا ما يُنقذ الأطراف من البتر. ورغم نفور المرضى من فكرته، فقد اعترفت به إدارة الغذاء والدواء الأمريكية رسميًا عام 2004، ليعود كأحد أكثر العلاجات القديمة غرابة وفعالية. وتوجد الآن عيادات للعلاج باليرقات في جميع أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا.

العلق الطبي أداة دقيقة في غرف الجراحة

يرتبط العلق في أذهان الكثيرين بالمستنقعات والطفيليات، لكنه في الطب أثبت قيمة علاجية مذهلة تمتد لآلاف السنين. فقد استُخدم منذ العصور المصرية واليونانية والهندية القديمة لعلاج أمراض يُعتقد أنها ناتجة عن اختلال توازن سوائل الجسم، لكنه اليوم يُستخدم لأسباب علمية بحتة.

يكمن سر العلق في لعابِه الغني بمركبات بيولوجية أهمها “الهيرودين”، وهو مضاد تخثر قوي يمنع تجلط الدم ويساعد على تدفقه بحرية، ما يجعله أداة فعالة في الجراحة الترميمية والتجميلية. ففي عمليات إعادة زرع الأصابع أو ترقيع الجلد أو ترميم الأذن، يُخفف العلق احتقان الدم في الأنسجة، مما يتيح تكوين أوعية دموية جديدة ويمنع موت الخلايا.

كما يبحث العلماء اليوم في استخدام لعاب العلق لتطوير علاجات لأمراض القلب، والجلطات، والتهاب المفاصل، نظرًا لخواصه المضادة للتجلط والالتهاب. ورغم مخاوف بعض المرضى من فكرة التصاق كائن حي بأجسامهم، فإن العلق الطبي يُربّى في بيئات معقمة ويُستخدم مرة واحدة فقط. وقد اعترفت به إدارة الغذاء والدواء الأمريكية كأداة طبية رسمية، مما جعله مثالًا مذهلًا على كيف يمكن لوسيلة علاج بدائية أن تجد لنفسها مكانًا في الطب الحديث.

ثقب الجمجمة بداية لطب الأعصاب الحديث

يُعدّ ثقب الجمجمة من أقدم وأغرب الممارسات الطبية في التاريخ، إذ تعود آثاره إلى آلاف السنين عبر القارات. كان يُعتقد أنه يُعالج النوبات وإصابات الرأس ويُخرج “الأرواح الشريرة”، ورغم بدائيته، نجا العديد من المرضى كما تُظهر علامات التئام العظام.

 اليوم يُعرف هذا الإجراء باسم جراحة إزالة الضغط، ويُستخدم لإنقاذ المرضى من ارتفاع الضغط داخل الجمجمة بعد الإصابات أو النزيف. كما ساعد قديمًا في إزالة شظايا العظام ومنع العدوى القاتلة. المذهل أن الجراحين القدماء، بأدواتهم الحجرية، أظهروا دقة لافتة مكّنتهم من تجنّب تلف الدماغ. و تشير الاكتشافات إلى أن العديد من المرضى عاشوا لسنوات بعد خضوعهم للثقب، غالبًا عدة مرات. ورغم محاولات حديثة غير علمية لإحياء الممارسة بدعوى قدرته على توسيع الوعي وتخفيف الاكتئاب، إلا أن هذه النظريات تفتقر إلى دعم علمي قوي، ولكن يبقى ثقب الجمجمة شاهدًا على عبقرية الإنسان في البحث عن الشفاء حتى في أحلك العصور.

ابتلاع الديدان حية

قد يبدو ابتلاع الديدان الحية فكرة مرعبة، لكنها فتحت بابًا علميًا جديدًا في علاج أمراض المناعة الذاتية. يقوم العلاج بالديدان الطفيلية على إدخال طفيليات مختارة إلى الجسم لتحفيز الجهاز المناعي بطريقة تُخفف من فرط نشاطه.

 يستند هذا النهج إلى “فرضية النظافة”، التي تفترض أن غياب الطفيليات في البيئات الحديثة جعل مناعتنا تهاجم أجسامنا. أظهرت التجارب الأولى نتائج واعدة لدى مرضى كرون، والتهاب القولون التقرحي، والربو، إذ تُفرز الديدان مركبات تُهدئ الالتهابات وتمنع التفاعلات المناعية الضارة.

ورغم أن الدراسات اللاحقة أظهرت نتائج متباينة، فإن الأبحاث مستمرة لعزل المواد المفيدة من دون الحاجة إلى العدوى الحية. هذا العلاج المثير للجدل يُعيد النظر في علاقتنا بالطفيليات، مُذكّرًا بأن ما كان يُعد خطرًا على الإنسان قد يصبح يومًا علاجًا مناعيًا مبتكرًا.

علاج  مرض الزهري بالملاريا

في بدايات القرن العشرين، كان الزهري العصبي من أخطر الأمراض، إذ يُسبب الشلل والخرف والموت دون علاج فعّال. عام 1917، ابتكر الطبيب النمساوي يوليوس فاغنر-ياورغ علاجًا غريبًا تمثل في إصابة المرضى عمدًا بالملاريا، اعتمادًا على ملاحظته أن الحمى الشديدة قد تقتل البكتيريا المسببة للزهري. وبالفعل، نجح هذا النهج؛ إذ أدت نوبات الحمى المتكررة إلى وقف تقدم المرض، ثم كان يُعالج المريض من الملاريا بالكينين.

انتشر “العلاج بالحمى” في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي وأنقذ آلاف الأرواح، رغم مخاطره الكبيرة، إذ تراوحت معدلات الوفاة بين 10 و15٪. حاز فاغنر-ياورغ على جائزة نوبل في الطب عام 1927 تقديرًا لاكتشافه، قبل أن يختفي العلاج نهائيًا مع ظهور البنسلين في الأربعينيات. ويظل هذا المثال شاهدًا على شجاعة الابتكار الطبي في مواجهة اليأس، حين يصبح الخطر وسيلةً للنجاة.

العلاج بالصدمات الكهربائية

رغم سمعته السيئة وصوره السينمائية القاسية، يُعد العلاج بالصدمات الكهربائية (ECT) أحد أنجح العلاجات للاكتئاب الشديد المقاوم للأدوية، إلى جانب اضطرابات نفسية أخرى كالهوس والذهول. ظهر في ثلاثينيات القرن العشرين حين لاحظ الأطباء أن النوبات قد تُخفف الأعراض النفسية، فطوّروا وسيلة لإحداث نوبة خفيفة بتحفيز كهربائي مُتحكم فيه. ورغم الجدل، أثبت العلاج فعاليته العالية، إذ تتراوح معدلات التحسّن بين 50% و80%.

اليوم، يُجرى الإجراء تحت تخدير كامل ومرخيات عضلية تمنع التشنجات، ويُراقَب بدقة في بيئة آمنة. تشمل آثاره الجانبية المؤقتة فقدانًا بسيطًا للذاكرة والارتباك، لكن فوائده قد تكون منقذة للحياة خاصة في حالات الانتحار الوشيك. وعلى الرغم من تاريخه المثير للجدل، فإن العلاج بالصدمات الكهربائية لا يزال معتمدًا من الجمعيات النفسية العالمية كخيار فعّال وسريع للمرضى الذين فشلت معهم الوسائل الأخرى.

دم الكركند في مختبرات الطب

قد يبدو غريبًا أن يتحول دم الكركند من مطاعم المأكولات البحرية إلى مختبر الطب، لكن في القرن التاسع عشر جرت محاولات لاستخدام الهيموليمف، وهو سائل الكركند الغني بمركب الهيموسيانين القائم على النحاس، كبديلٍ لدم الإنسان لنقل الأكسجين.

ورغم فشل التجارب وضعف نتائجها، فقد مهدت الطريق لأبحاث أوسع حول دم اللافقاريات. واليوم يُستخدم دم سلطعون حدوة الحصان في اختبار اللقاحات ضد التلوث البكتيري، بينما يُدرس الهيموسيانين في العلاجات المناعية للسرطان. ورغم أن دم الكركند لم يُنقذ الأرواح كما أُمل منه، فإنه يظل شاهدًا على جرأة التجريب الطبي في مواجهة المجهول.

العلاج بصدمة الأنسولين

في ثلاثينيات القرن الماضي، قبل ظهور الأدوية النفسية الحديثة، لجأ الأطباء إلى العلاج بصدمة الأنسولين لعلاج الفصام، عبر إحداث غيبوبة متعمّدة باستخدام جرعات ضخمة من الأنسولين. ابتكر الطبيب النمساوي مانفريد ساكيل هذا الأسلوب بعد أن لاحظ تحسّن سلوك بعض المرضى بعد نوبات انخفاض سكر الدم.

ورغم خطورته وارتفاع معدل الوفيات، حظي العلاج حينها بشعبية واسعة، إذ بدت نتائجه واعدة في تهدئة الأعراض الذهانية. ومع أن آليته لم تُفهم تمامًا، يُعتقد أنه أعاد “ضبط” نشاط الدماغ بطريقة تشبه الصدمات الكهربائية. ومع ظهور الأدوية المضادة للذهان لاحقًا، اختفى هذا العلاج، لكنه بقي شاهدًا على مرحلة جريئة ومؤلمة من تاريخ الطب النفسي، حين كان الأمل يختلط بالمخاطرة في سبيل إنقاذ العقول التائهة

الزئبق كعلاج لمرض الزهري

قبل اكتشاف المضادات الحيوية، كان الزئبق هو السلاح الوحيد ضد مرض الزهري الذي فتَك بالملايين. منذ القرن الخامس عشر، استخدم الأطباء مراهم وأبخرة وحمامات زئبقية في محاولة لوقف المرض، رغم سُمية المعدن وآثاره المدمّرة كـتلف الكلى وقرح الفم وارتعاش الأعصاب.

ورغم خطورته، أظهر الزئبق قدرة على كبح البكتيريا المسببة للزهري، ما جعله علاجًا شائعًا لقرون، حتى بعد خلطه بمواد أكثر سمّية كالزرنيخ واليود. انتهى عصر الزئبق مع ظهور البنسلين في الأربعينيات، لكنه بقي شاهدًا على مرحلة من يأس الطب وشجاعته.

اقرأ أيضًا:

لمحة عن أغرب الأمراض الطفيلية المخيفة

أغرب 5 حالات طبية من عام 2023

أغرب المكونات التي تستخدم في صناعة مستحضرات التجميل

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

إنفوجرافيك| أرباح “معادن” تعكس ازدهار الذهب

المقالة التالية

التفاصيل الكاملة لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة