دخلت الرسوم الجمركية الأمريكية المشددة على الصادرات القادمة من الهند، اليوم الأربعاء، حيز التنفيذ، لتنهي سلسلة طويلة من المفاوضات المتعثرة بين الطرفين انتهت بالفشل. وقد أدى القرار الذي أعلنه الرئيس الأمريكي السابق ترامب قبل أسابيع، إلى رفع نسب التعريفات على السلع الهندية إلى 50%.
وتُعد التعريفات الجمركية على الهند من أعلى المعدلات التي تفرضها واشنطن على أي شريك تجاري. ومع دخول هذه الإجراءات حيز التطبيق، باتت المواجهة التجارية بين أكبر ديمقراطيتين في العالم واقعًا ملموسًا يهدد بمزيد من التصعيد.
في بدايات العام، بدت العلاقة بين الهند والولايات المتحدة متجهة نحو صفقة تجارية محدودة قد تُمهّد لشراكة أوسع. وحملت تصريحات رسمية من نيودلهي وواشنطن تفاؤلاً بأن الجانبين قادران على التوصل إلى اتفاق يخدم مصالحهما المشتركة. لكن سرعان ما اصطدمت الآمال بواقع أكثر تعقيدًا، إذ تركزت الخلافات حول مستويات الرسوم الجمركية المفروضة على السلع الزراعية والمنتجات الصناعية، وهي قضايا اعتبرتها إدارة ترامب جوهرية.
وخاض الجانبان خمس جولات من المفاوضات جرت بين وفود البلدين على مدى أشهر. وخلال تلك الفترة، حاولت الهند إقناع واشنطن بتحديد سقف للتعريفات لا يتجاوز 15%، في حين شدد المسؤولون الأمريكيون على أن نيودلهي بدورها تفرض تعريفات مرتفعة تصل إلى 39% على المنتجات الزراعية. وجعل هذا التباين العميق من الصعب الوصول إلى أرضية مشتركة، لتتجه المباحثات تدريجيًا نحو الجمود. ومع اقتراب الموعد النهائي، أعلن مستشار البيت الأبيض أن الرسوم الجمركية ستُطبق بالكامل، مؤكدًا غياب أي نية للتراجع.
وكان إصرار ترامب على المضي قدمًا في خطة الرسوم الجمركية بمثابة إعلان فشل رسمي للمفاوضات. ففي البداية، فرضت إدارته زيادة أولى بنسبة 25% على الواردات الهندية، تلاها قرار لاحق بزيادة مماثلة ليصل المعدل الإجمالي إلى 50%. ووضعت هذه الخطوة الهند ضمن أكثر الدول تعرضًا لإجراءات عقابية من جانب الولايات المتحدة، إلى جانب الصين والبرازيل، وأكدت أن ملف الرسوم الجمركية أصبح أداة رئيسية في سياسة ترامب الاقتصادية.
انعكس تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية بشكل فوري على قطاعات واسعة من الاقتصاد الهندي. فقد أظهرت تقديرات اتحادات التصدير أن ما يقارب 55% من صادرات الهند والتي تستقبلها الولايات المتحدة – أي ما يعادل 87 مليار دولار – أصبحت تواجه مخاطر فقدان قدرتها التنافسية. وشملت الصناعات الأكثر تضررًا الملابس والأحذية والمجوهرات والمواد الكيميائية، وهي قطاعات توظف مئات الآلاف.
وفي محاولة للحد من الخسائر، أعلنت وزارة التجارة الهندية أن الحكومة ستوفر دعمًا ماليا وتسهيلات ائتمانية للمصدرين، مع حثهم على التوسع في أسواق بديلة في آسيا وأمريكا اللاتينية.
ووضعت تلك القرارات الهند في موقف صعب مقارنة بمنافسيها الإقليميين مثل فيتنام وبنغلادش، إذ أصبح الفارق السعري لصالح هؤلاء المنافسين يصل إلى 35% بعد تطبيق الرسوم الجمركية الأمريكية. ومن جانبه، اعتبر رئيس اتحاد منظمات التصدير في نيودلهي أن استمرار الوضع سيؤدي إلى فقدان حصص سوقية مهمة، ودعا الحكومة إلى تقديم تسهيلات مالية عاجلة ووقف القروض المستحقة على المصدرين المتضررين.
ولم تقتصر تداعيات الأزمة التجارية على حدود الاقتصاد فحسب، بل ألقت بظلالها على السياسة والعلاقات الاستراتيجية. فعلى الرغم من أن البلدين شريكان في إطار “الرباعية” إلى جانب اليابان وأستراليا، فإن قرارات ترامب أثارت الشكوك حول التزام واشنطن ببناء علاقة متوازنة مع الهند. وحاولت وزارتي الخارجية في البلدين لتخفيف من حدة التوتر من خلال بيانات، لكن واقع الرسوم الجمركية الثقيلة جعل تلك التصريحات أقرب إلى محاولة لاحتواء الخلاف أكثر من كونها حلًا فعليًا.
فبراير 2025.. مودي يعلن خططًا لاتفاق تجاري محدود مع واشنطن بحلول 2025، وتوسيع اتفاقية التجارة الثنائية إلى 500 مليار دولار بحلول عام 2030. كما تعهد أيضًا بتعزيز مشتريات الطاقة من الولايات المتحدة.
مارس – يونيو.. محادثات ثنائية متواصلة بين وفود البلدين دون تقدم ملموس.
يوليو.. إعلان ترامب فرض زيادة أولى في الرسوم الجمركية بنسبة 25%. على الواردات الهندية، وهدد بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 25% على شراء النفط الروسي.
أغسطس.. دخول القرار الأول بنسبة 25% حيز التنفيذ، مع تهديدات بمزيد من التصعيد.
27 أغسطس.. دخول الرسوم الجمركية الإضافية بنسبة 25%، حيز التنفيذ اليوم بنسبة إجمالية بلغت 50%.
اقرأ أيضًا:
لماذا تتردد الهند في التوقف عن شراء النفط الروسي؟
أمريكا تتهم الهند بدعم روسيا في الحرب الأوكرانية
ترامب يحطم هدوء التعريفات الجمركية بهجوم جديد.. لماذا يهدد الأسواق؟