تستعد الصين لتكون اللاعب الأكبر عالميًا في إعادة تدوير بطاريات المركبات الكهربائية، من خلال معالجة 3.6 ملايين طن من البطاريات التالفة في مصانعها داخل البلاد.
ويأتي هذا في ظل توسع متسارع في الطلب العالمي على البطاريات، بسبب انتشار السيارات الكهربائية والتكنولوجيا المعتمدة على الطاقة المخزنة.
واحتلت الصين موقعًا رياديًا في مراحل معالجة البطاريات التالفة، حيث تشمل هذه المراحل مرحلتين رئيسيتين: الأولى هي المعالجة الأولية، التي تبدأ بتفكيك البطاريات القديمة، وفرز المواد لتشكيل كتلة سوداء تحتوي على معادن ثمينة، مثل: الليثيوم والكوبالت والنيكل.
أما الثانية فمرحلة التكرير التي تحول هذه الكتلة إلى مواد كيميائية نقية تستخدم مجددًا في تصنيع بطاريات جديدة.
واستطاعت العملاق الآسيوي، بفضل استثمارات مبكرة وبنية تحتية ضخمة، أن تبني قدرة معالجة ضخمة، حيث ستعالج وحدها 78% من إجمالي البطاريات في مرحلة المعالجة الأولية عام 2025، و89% من مرحلة التكرير، وفقًا لبيانات حصرية من شركة Benchmark Mineral Intelligence.
يأتي هذا التطور في سياق متصل مع الضغط العالمي للحد من الاعتماد على الموارد الأولية التقليدية التي تتطلب استخراج معادن مكلفة ومرهقة بيئيًا.
وتعتمد الكثير من الدول الآن على إعادة التدوير لتوفير المواد الخام اللازمة لصناعة البطاريات، وهو ما يجعل قدرة الصين على السيطرة على هذه السوق تشكل تحديًا أمام جهود الدول الأخرى، خاصة في أوروبا وأمريكا الشمالية، اللتين ما زالتا تتخلفان إلى حد بعيد عن الصين في هذا المجال.
وبين عامي 2022 و2025، ارتفعت قدرة الصين على المعالجة الأولية من 1.2 مليون طن إلى 3.6 ملايين طن، بينما نمت القدرة العالمية من 1.5 مليون طن إلى 4.6 ملايين طن. بالمقابل، تظل قدرات آسيا عدا الصين وأوروبا وأمريكا الشمالية أقل بكثير، حيث من المتوقع أن تصل إلى 361 ألف طن، 416 ألف طن، و196 ألف طن على التوالي عام 2025.
أما في مرحلة التكرير، فتظهر الفجوة أكبر، إذ تضاعفت قدرة الصين من 895 ألف طن في 2022 إلى 2.5 مليون طن في 2025، مقارنة بـ 225 ألف طن لباقي آسيا و28 ألف طن لأوروبا و21 ألف طن لأمريكا الشمالية.
على الرغم من التقدم الأمريكي في زيادة قدراته التكريرية بنسبة 425% بين 2022 و2025، فإن القاعدة المتواضعة التي بدأ منها تعني أن الفجوة مع الصين ستظل كبيرة.
ويقول خبراء صناعة المعادن إن على الدول الأخرى تسريع استثماراتها في البنية التحتية لإعادة التدوير لتقليل اعتمادها على سلاسل التوريد الصينية، وخصوصًا مع تزايد الطلب على المركبات الكهربائية والبطاريات.
ويرى بعض المحللين أن هيمنة الصين على إعادة التدوير تمنحها نفوذًا استراتيجيًا مهمًا في مستقبل الطاقة النظيفة، بينما يؤكد آخرون على أن ذلك يشكل مخاطرة اقتصادية وسياسية للدول الأخرى، التي ينبغي عليها أن تبني قدرات محلية مستقلة لتأمين مواردها.
كما يشير البعض إلى أن التطور التكنولوجي في هذا القطاع قد يغير قواعد اللعبة مستقبلًا، ويقلل من احتكار أي جهة.
اقرأ أيضًا:
إندونيسيا: هل ستصبح بديل الصين في البطاريات؟
الانبعاثات الكربونية: أعلى القطاعات تأثيرًا 2022
ترامب يحطم هدوء التعريفات الجمركية بهجوم جديد.. لماذا يهدد الأسواق؟