بينما يسابق الكونغرس الزمن لتمرير مشروع قانون ترامب الجديد المعروف بـ”One Big Beautiful Bill Act” أو “الشي قبل الرابع من يوليو، ترسل الأسواق المالية العالمية إشارات مقلقة.
بين ارتفاع عوائد السندات، تراجع الدولار، وارتفاع الذهب، يبدو أن ثقة المستثمرين في الاقتصاد الأمريكي بدأت تتزعزع، في وقت يزداد فيه العجز المالي تفاقمًا.
يوسع مشروع القانون سياسات ترامب المالية السابقة، حيث يقترح:
وفقًا لمكتب الميزانية في الكونغرس، فإن هذا القانون قد يضيف نحو 3 تريليونات دولار إلى العجز خلال العقد المقبل، ويدفع الدين العام إلى 100% من الناتج المحلي بحلول 2030.
منذ سبتمبر 2022، خفّض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بـ100 نقطة أساس. في الظروف الطبيعية، يُفترض أن يؤدي ذلك إلى تراجع عوائد السندات طويلة الأجل.
لكن ما حدث كان العكس: فقد ارتفع العائد على السندات لعشر سنوات بمقدار 60 نقطة ليصل إلى 4.4%.
هذا الارتفاع يعكس مخاوف المستثمرين، خاصة الأجانب، من أن تضطر الحكومة الأمريكية إلى اللجوء إلى التضخم لتغطية التزاماتها المتزايدة.
في وقت ارتفعت فيه الرسوم الجمركية، وازدادت الفوارق في أسعار الفائدة لصالح الدولار مقارنة باليورو واليوان،
كان من المتوقع أن ترتفع قيمة الدولار. إلا أنه تراجع بنحو 10% منذ بداية عام 2025.
هذا الانخفاض يعكس فقدان الثقة الدولية بالسياسة المالية الأمريكية، ما يعزز المخاوف من انهيار أوسع في سوق العملة.
شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا بنسبة 30% منذ مطلع العام، مع بدء عدد من البنوك المركزية الكبرى تحويل جزء من احتياطاتها من الدولار إلى الذهب. هذا الاتجاه يعكس تصاعد القلق العالمي من لجوء الولايات المتحدة إلى “ضريبة التضخم” كوسيلة غير معلنة لسداد ديونها.
تشير كل هذه المؤشرات مجتمعة إلى أن الأسواق بدأت تستشعر خطرًا حقيقيًا. وإذا لم تُصحح السياسة المالية، فقد يجد الاقتصاد الأمريكي نفسه في مهب أزمة مزدوجة: أزمة في سوق السندات، وأخرى في قيمة الدولار.
في الوقت الذي ينبغي فيه اتخاذ تدابير مالية متوازنة – كتلك التي اقترحتها لجنة بولز سيمبسون عام 2010 –
يمضي مشروع ترامب في اتجاه معاكس، مما يزيد من احتمالية الانفجار الاقتصادي قبل الانتخابات النصفية المقبلة.
كما قال الاقتصادي الراحل رودري دورنبوش: “الأزمات الاقتصادية تستغرق وقتًا طويلًا لتقع، ولكنها تحدث بسرعة تفوق التوقع”. الأسواق أطلقت الإنذارات، والكرة الآن في ملعب صانعي القرار. فإما تصحيح المسار، أو الاستعداد لما قد يكون أسوأ من أزمة 2008.