هبت عاصفة جليدية شديدة بعد ظهر الثلاثاء الماضي في إقليم كاتالونيا بإسبانيا، مما تسبب في وفاة طفل يبلغ من العمر 20 شهرًا متأثرًا بإصابة في رأسه جراء سقوط كرة ثلجية، حيث وصل قطر كرات الجليد المتساقطة إلى 10 سم، والتي أحدثت أضرارًا كبيرة وحطمت النوافذ وأثرت على خطوط الكهرباء.
واستمرت العاصفة، لمدة تزيد عن 10 دقائق بقليل، لكنها تسببت في إصابة العشرات، وخلفت العديد من الخسائر.
ومن هذا المنطلق نستعرض لكم أسباب تزايد عدد العواصف الثلجية أكثر من أي وقت مضى، وفقًا لما كتبه ديفيد هامبلينج من بي بي سي فيوتشر، في مقاله الذي نُشر في مارس من هذا العام.
ويقول “هامبلينج” في مقاله: “في ليلة 21 يوليو 2021 ، شهدت “ليسيسترشاير”، ببريطانيا سقوط كرات ثلجية كبيرة تشبه كرات الغولف في تكوينها وثقلها، مما أدى إلى تحطم النوافذ وتصادم السيارات، لقد كانت عاصفة ثلجية غير عادية في شدتها، بسبب التيار الصاعد القوي من السحب العالية في الغلاف الجوي.
تغير المناخ
ولفت “هامبلينج” إلى أن تغير المناخ يغير نمط عاصفة البرد، ففي الولايات المتحدة في تكساس وكولورادو وألاباما، تم كسر الرقم القياسي لأكبر عواصف برد على مدى السنوات الثلاث الماضية، حيث وصلت كرات الثلج إلى 16 سم.
وأوضح “هامبلينج” أن الثلج يتشكل عندما تتصاعد قطرات الماء إلى أعلى خلال العواصف الرعدية، حيث ينقلها تيار الهواء الصاعد إلى أجزاء من الغلاف الجوي حيث يكون الهواء باردا بدرجة كافية لتجميد القطرات، وتتراكم الرطوبة الموجودة في الهواء على السطح الخارجي لقطرات الجليد أثناء تحركها في الهواء، ما يتسبب في تنامي حبات البَرَد على شكل كرات ذات طبقات كطبقات البصل.
ويواصل: “تعتمد سرعة نمو حبات الثلج على كمية الرطوبة في الهواء، وتستمر في النمو إلى أن يضعف تيار الهواء المتصاعد، ويصبح غير قادر على إبقائها مرتفعة في الجو.
ويستطيع تيار الهواء المتصاعد بسرعة 103كم في الساعة حمل حبات الثلج بحجم كرة الغولف، في حين أن تيارا أسرع بنسبة 27% يستطيع حمل قطع بحجم كرة البيسبول، وفقا للإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي.
ويجلب الهواء الذي يحتوي على نسبة أعلى من الرطوبة والتيارات المتصاعدة القوية قطعا أكبر، وعادة ما تسقط القطع الكبيرة، بالقرب من التيار الصاعد بينما تتساقط حبات البَرَد الأصغر بعيدا عنه، وغالبا ما تتطاير إلى هناك بفعل الرياح المتقاطعة.
العواصف الثلجية المدمرة
ومن جانبه يقول “جوليان بريميلو”، عالم الفيزياء في وزارة البيئة وتغير المناخ الكندية، وهي إدارة حكومية كندية درست كيفية تأثير تغير المناخ على تكوين البَرَد، إن العواصف المدمرة التي ينتج عنها بَرَد يزيد قطره عن 25 مم تتطلب ظروفًا محددة.
العواصف المدمرة تحتاج إلى رطوبة وافرة، وتحديثات قوية وهناك حاجة إلى “عامل الزناد”، وعادة ما يكون واجهة الطقس، وهذا هو السبب في أن عواصف البرد الشديدة عادة ما تكون محصورة في مناطق معينة، مثل السهول الكبرى في الأميركتين وفي أستراليا.
وأشار “بريميلو”، إلى أن هذه المناطق تحتوي على هواء بارد وجاف في الغلاف الجوي العلوي فوق الهواء السطحي الدافئ الرطب، حيث تؤدي هذه الحالة غير المستقرة إلى تكوين موجات صاعدة قوية وعواصف رعدية، فتكون هذه الأماكن معرضة بشكل خاص لنوع من العواصف الرعدية المعروفة باسم supercells (أو supercells) ، والتي يمكن أن تولد أحجار ثلجية كبيرة جدًا بسبب التيار الصاعد الدوراني القوي الذي تخلقه.
وتابع “بريميلو”: “ولكن نظرًا لأن تغير المناخ يغير درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض، فإنه يغير أيضًا كمية الرطوبة في الهواء، حيث يمكن أن يحتوي الهواء الأكثر دفئًا على المزيد من بخار الماء ، بينما تعني درجات الحرارة المرتفعة أيضًا أن المزيد من الماء يتبخر من سطح الأرض.
كثافة الكرات الثلجية
ويقول بريميلو: “مع استمرار ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، من المرجح أن تتغير المناطق الملائمة للبَرَد، ولكن من الصعب تحديد المناطق التي ستتلقى أكبر قدر من البرد، إذ يمكن أن تؤثر درجة الحرارة ومستوى الرطوبة في الهواء الذي يتكون فيه البَرَد على كثافته.
تؤثر كثافة حبة البرد أيضًا على مدى نموها، فكلما كانت أثقل، زاد احتمال سقوطها من التيار الصاعد، كما أنها ستسقط بشكل أسرع أيضاً، لأنه كلما زاد حجم حبة البَرَد، كلما قل السحب الذي تتعرض له لكل وحدة وزن واحدة.
وتم تسجيل أثقل حجر بَرَد سقط على الإطلاق في منطقة غوبالغانج في بنغلاديش عام 1986، وكان وزنه 1.02 كغم، وهي العاصفة التي تسببت في مقتل 40 شخصا وإصابة 400 آخرين، وفقا للتقارير الإعلامية في ذلك الوقت.
وفي نفس السياق، يرى عالم الأرصاد الجوية ماثيو كومجيان، من جامعة ولاية بنسلفانيا، أن أكبر حبة برد قد يصل قطرها إلى 27 سم، وهذا أكبر من كرة القدم، استنادا إلى بيانات محاكاة أنماط الطقس، ولكن في الواقع لم يتم تسجيل أي شيء بهذا الحجم الكبير بعد، مشيرًا إلى الأبحاث جارية لتحسين دقة التقديرات.
كيف تؤثر حالة الطقس على مزاجنا؟