الكعبة المشرفة قبلة المسلمين، هي بناء شامخ يتوسط الحرم المكي، وتطمح قلوب المسلمين كافة إلى رؤيتها، وتغطى بستارة من الحرير الأحمر الوردي من الداخل.
في هذا الموضوع نتناول تاريخ الكعبة المشرفة والمراحل التي مرت بها، والمناسبات التي تفتح فيها.
تاريخ الكعبة المشرفة
أمر الله إبراهيم عليه السلام ببناء الكعبة المشرفة، ودعا فقال: {رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا}، ثم دعا بقوله: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}، فسكنت فيه أقوام مختلفة، وتعاقبت على ولاية الكعبة.
حظيت الكعبة بالتعظيم والإجلال في مكة، يعمرونها ويجددون بنيانها عند الحاجة، ويكسونها، ويحتسبونه فخرا وتشريفا لهم، وزادها الإسلام تشريفها وحث على تعظيمها، وتطهيرها.
إعادة البناء
أعادت قريش بناء الكعبة قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وتركت جزءا من البيت تابعا للحِجْر، لأن النفقة قد قصرت بهم.
وأراد النبي صلى الله عليه وسلم، أن يعيد بناءها على قواعد إبراهيم عليه السلام، وأن يُدخل الجزء الذي تركوه من الكعبة، وأن يجعل لها بابين لاصقين بالأرض، كما في حديث عائشة رضي الله عنها “لولا أن قومك حديث عهد بجاهلية، لأمرت بالبيت، فهدم، فأدخلت فيه ما أخرج منه، وألزقته بالأرض، وجعلت له بابين بابا شرقيًّا، وبابًا غربيًّا، فبلغت به أساس إبراهيم”، رواه البخاري.
وتحقق ما أراده رسول الله عام 64 هجريا لما تولى حكم الحجاز عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما، فبَنَى الكعبة المشرفة على ما أحب النبي، صلى الله عليه وسلم، مشتملة على ما تركته قريش، وجعل لها بابين، باب يدخل منه الناس وباب يخرجون منه.
ترميم الكعبة المشرفة
في عهد خادم الحرمين الشريفين المغفور له الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود أمر بترميم الكعبة المشرفة ترميمًا كاملاً شاملاً من داخلها وخارجها على أحسن وجه، بعدما لوحظ بعض التلف في بعض أجزاء الكعبة المشرفة المصنوعة من الخشب، وكان السقف أكثر عرضة للتلف من غيره وكذلك الأعمدة الخشبية، فخيف على الكعبة من هذا الضعف والتآكل.
الركن الشامي
على يمين الداخل إلى الكعبة المشرفة يوجد بناء الدرج المؤدي إلى السطح، وهو عبارة عن بناء مستطيل شكله كالغرفة المسدودة بدون نوافذ، ضلعاها الشرقي والشمالي من أصل جدار الكعبة المشرفة، وتحجب في داخلها الدرج، ولها باب عليه قفل خاص وعليه ستارة حريرية جميلة مكتوب عليها ومنقوشة بالذهب والفضة.
عرض الجدار الجنوبي للدرج الذي فيه بابها 225 سم، وعرض الجدار الغربي 150 سم، وإذا صعد الإنسان من الدرج إلى السطح فقبل وصوله إلى السطح بنحو قامة يرى أمامه بابًا صغيرًا وعن يساره بابًا مثله، وكلاهما يدخل إلى ما بين سقفي الكعبة المشرفة، ومسافة ما بين السقفين 120 سم، وينتهي الدرج عند السطح بروزنة (منور) مغطاة بغطاء محكم منعًا لدخول المطر ، ويرفع الغطاء عند الصعود إلى السطح.
وفي داخل الكعبة أعمدة خشبية ثلاثة تحمل سقف الكعبة المشرفة، وهي من أقوى أنواع الأخشاب التي لا يعرف مثلها، وهي من وضع عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أي أن عمرها أكثر من 1350 عامًا، وهي بنية اللون تميل إلى السواد قليلاً، ومحيط كل عمود منها 150سم تقريبًا، وبقطر 44 سم، ولكل منها قاعدة مربعة خشبية منقوشة بالحفر على الخشب.
أما أرض الكعبة المشرفة فهي مفروشة بالرخام وأغلبه من النوع الأبيض والباقي ملون.
وجدار الكعبة المشرفة من داخلها مؤزر برخام ملون ومزركش بنقوش لطيفة، وتغطى الكعبة المشرفة من الداخل بستارة من الحرير الأحمر الوردي مكتوب عليها بالنسيج الأبيض الشهادتان وبعض أسماء الله الحسنى على شكل 8 ثمانية أو 7 سبعة متكررة، وكسي بهذه الستارة سقف الكعبة المشرفة أيضًا.
الجزء الداخلي من الكعبة
يوجد داخل الكعبة المشرفة تسعة أحجار من الرخام مكتوبة بالخط الثلث بالحفر على الحجر، إلا حجرًا واحدًا فإنه مكتوب بالخط الكوفي البارز، وحروف الكلمات على هذه اللوحة تتكون من قطع من الرخام الملون الثمين، ملصقة بعضها إلى جانب بعض على قاعدة الخط الكوفي المربع.
وكل هذه الأحجار مكتوبة بعد القرن السادس للهجرة، وفي الحائط الشرقي وبين باب الكعبة المشرفة وباب التوبة وضعت وثيقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، محفورة على لوح رخام تشير إلى تاريخ ترميمه الشامل لبناء الكعبة المشرفة.
وبذلك صار عدد الأحجار المكتوبة في باطن الكعبة المشرفة عشرة أحجار كلها من الرخام الأبيض، وكل هذه الرخامات مرتفعة عن رخام أرض الكعبة بمقدار 144 سم ماعدا الحجر الموضوع فوق عقد باب الكعبة المشرفة من الداخل فإنه يرتفع بأكثر من مترين.
فتح الكعبة
تفتح الكعبة لغسلها من الداخل، حيث إنها في الوقت الحاضر تُغسل من الداخل مرة واحدة في العام في الخامس عشر من شهر محرم في كل عام وذلك مراعاة للمشاريع القائمة والتوسعات المباركة وحفاظاً على سلامة رواد بيت الله الحرام والتيسير عليهم في أداء نسكهم وعبادتهم.
ويقوم بهذا الشرف العظيم خادم الحرمين الشريفين أو من ينوب عنه، بحضور الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ونائبه لشؤون المسجد الحرام وعدد من سفراء الدول الإسلامية، ورؤساء بعثات الحج وغيرهم من كبار المسؤولين، فيتشرفون بغسلها، ومسح جدرانها بماء زمزم المعطر بالند والعود وعطر الورد، حتى إذا تم ذلك صلوا إلى جدرانها، ثم دعوا حامدين شاكرين الله رب العالمين.
ومن الملامح المهمة التي تلازم الكعبة المشرفة، بل ربما يصح لنا أن نقول عناصر الكعبة المشرفة “باب الكعبة، قفل ومفتاح باب الكعبة، الحجر الأسود، الركن اليماني، الحجر، الميزاب، الملتزم، الكسوة، سدنة الكعبة، الشاذروان”.
شاهد غسيل سطح الكعبة باستخدام أحدث التقنيات (فيديو)
في حدث نادر.. الجمعية الفلكية تكشف موعد تعامد الشمس على الكعبة