اقتصاد

خفض الفائدة عالميًا.. لماذا تفعل البنوك المركزية ذلك الآن؟

في خطوة لافتة، قام بنك إنجلترا مؤخرًا بخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس ليصل إلى 4.50%، لينضم بذلك إلى عدد من البنوك المركزية الكبرى التي بدأت في تعديل سياساتها النقدية. ولكن لماذا يحدث هذا الآن؟ وكيف يؤثر ذلك على الاقتصاد العالمي وعلى حياتنا اليومية؟

لماذا تخفض البنوك المركزية أسعار الفائدة؟

عادةً، تقوم البنوك المركزية برفع أو خفض أسعار الفائدة وفقًا لحالة الاقتصاد. عندما يكون التضخم مرتفعًا، يتم رفع الفائدة لجعل الاقتراض أكثر تكلفة، مما يحدّ من الإنفاق ويبطئ التضخم. أما في أوقات التباطؤ الاقتصادي، مثلما يحدث حاليًا في بعض الدول، فإن خفض الفائدة يجعل الاقتراض أرخص، مما يحفّز الإنفاق والاستثمار وبالتالي يدفع عجلة الاقتصاد.

لماذا خفض الفائدة مختلفًا هذه المرة؟

المثير للاهتمام أن هناك تباينًا كبيرًا بين الاقتصادات الكبرى. ففي الوقت الذي تعاني فيه أوروبا وكندا واليابان من تباطؤ اقتصادي، نجد أن الاقتصاد الأميركي لا يزال قويًا. هذا التفاوت أدى إلى انقسام في السياسات النقدية عالميًا:

  • بنك إنجلترا، البنك المركزي الأوروبي، وبنك كندا خفضوا الفائدة لدعم اقتصاداتهم.
  • الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي الأميركي) لم يتحرك بنفس الوتيرة، حيث إن التضخم لا يزال يمثل تحديًا هناك.
  • البنك المركزي السويسري استفاد من انخفاض قيمة عملته لتعزيز الصادرات، وهو أمر غير معتاد.

كيف يؤثر خفض الفائدة على الولايات المتحدة؟

في ظل هذه التخفيضات العالمية، يواجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب معضلة اقتصادية. فهو يخطط لفرض تعريفات جمركية جديدة على بعض الدول، لكن المفارقة أن هذه التخفيضات في أسعار الفائدة خارج أميركا تضعف عملات الدول الأخرى مقابل الدولار. هذا يجعل السلع الأجنبية أرخص للأميركيين، مما قد يُضعف فعالية التعريفات الجمركية التي تهدف إلى تقليل الواردات وحماية المنتجات الأميركية.

هل يمكن أن يستمر خفض الفائدة؟

رغم أن بعض الدول خفضت الفائدة بالفعل، إلا أن هناك حدودًا لما يمكن للبنوك المركزية فعله. فإذا استمرت أسعار الفائدة في الانخفاض بشكل كبير، فقد يؤدي ذلك إلى ضعف الثقة في العملات، مما قد يتسبب في ارتفاع التضخم مجددًا أو هروب رؤوس الأموال إلى أصول أكثر أمانًا مثل الذهب والدولار الأميركي.

ماذا يعني خفض الفائدة للأشخاص العاديين؟

إذا كنت تفكر في شراء منزل، فإن أسعار الفائدة المنخفضة تعني أن القروض العقارية ستكون أرخص. وإذا كنت مستثمرًا، فقد تجد أن عوائد السندات أقل، لكن الأسهم قد تستفيد من السيولة الإضافية في الأسواق. أما إذا كنت تتابع الأخبار الاقتصادية فقط، فإن ما يحدث الآن هو معركة بين البنوك المركزية والحكومات حول كيفية إدارة الاقتصاد العالمي في مواجهة عدم اليقين.

الخلاصة

خفض أسعار الفائدة هو أداة قوية، لكنه ليس حلًا سحريًا. في حين أن بعض الدول تحاول تحفيز اقتصاداتها، فإن الولايات المتحدة تجد نفسها في وضع معقد، حيث إن تحركات البنوك المركزية الأخرى قد تؤثر على سياساتها الاقتصادية والتجارية. السؤال الكبير الآن: هل ستواصل البنوك المركزية هذا النهج، أم أن هناك تغييرات مفاجئة في الأفق؟