تتزايد المؤشرات الاستخباراتية حول احتمالية تدخل كوريا الشمالية بشكل مباشر في الحرب الروسية الأوكرانية، مما قد يغير قواعد اللعبة في النزاع القائم في أوروبا، حيث ذكرت تقارير استخباراتية من أوكرانيا وكوريا الجنوبية أن كوريا الشمالية أرسلت قوات إلى روسيا للتدريب، استعدادًا لنشرها في أوكرانيا.
وعلى الرغم من أن موسكو وبيونغ يانغ تنفيان هذه المزاعم، إلا أن تحالفهما العسكري المتنامي ضد الولايات المتحدة يثير القلق في كييف وواشنطن.
اتهامات أوكرانية
حذر الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في مناسبات عديدة من انضمام قوات كورية شمالية إلى الحرب، مشيرًا إلى معلومات استخباراتية تؤكد تدريب وحدتين عسكريتين كوريتين شماليتين في روسيا، كل واحدة تضم حوالي 6000 جندي.
وذكر في خطابه الأخير أن أوكرانيا لاحظت وجود ضباط وفنيين من كوريا الشمالية في المناطق المحتلة مؤقتًا، مما يعزز التكهنات بأن روسيا تعد لنشر هذه القوات في أوكرانيا.
كما أكدت وكالة الاستخبارات الوطنية الكورية الجنوبية، أن كوريا الشمالية أرسلت 1500 جندي، بما فيهم مقاتلون من القوات الخاصة، إلى روسيا للتدريب.
تم تداول فيديوهات تظهر جنودًا كوريين شماليين يتلقون تدريبات في ساحة تدريب بأقصى شرق روسيا، مما يزيد من الشكوك حول دورهم المحتمل في الصراع.
العلاقات المتزايدة بين روسيا وكوريا الشمالية
منذ اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، بدأت موسكو وبيونغ يانغ في تعزيز علاقاتهما العسكرية، ففي يونيو الماضي، وقعت الدولتان اتفاقية دفاعية تاريخية تتعهد فيها بتقديم المساعدة العسكرية المتبادلة في حال تعرض إحداهما لهجوم.
وعلى الرغم من نفي الطرفين تزويد بيونغ يانغ لموسكو بالأسلحة، إلا أن هناك أدلة تشير إلى توريد كوريا الشمالية كميات كبيرة من الذخيرة التي ساعدت روسيا في تعويض خسائرها في الحرب.
وتحصل كوريا الشمالية في المقابل على مواد غذائية وغيرها من الاحتياجات الأساسية، كما تعزز من برامجها الصاروخية والنووية، وهذا التبادل قد يتيح لكوريا الشمالية توسيع نطاق نفوذها العسكري.
ردود الفعل الدولية
نفى المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، صحة التقارير التي تتحدث عن إرسال قوات كورية شمالية إلى أوكرانيا، واصفًا إياها بأنها “شائعات لا أساس لها”.
ومن جانبها، رفضت كوريا الشمالية هذه الادعاءات في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.
بينما أخذت كوريا الجنوبية هذه التقارير على محمل الجد، واستدعت السفير الروسي لديها لحثه على سحب القوات الكورية الشمالية من روسيا فورًا.
ومن جانبه، أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، إلى أن صحة هذه التقارير ستكون “خطيرة للغاية”.
وفي بريطانيا، أكد وزير الدفاع جون هيلي أنه من المرجح أن تكون عملية نقل المئات من القوات الكورية الشمالية إلى روسيا قد بدأت بالفعل.
التأثيرات المحتملة
يمثل تدخل كوريا الشمالية في الحرب لحظة محورية، حيث تسعى الدولة المعزولة والخاضعة للعقوبات إلى لعب دور نشط في صراع عالمي، ورغم أن جيش كوريا الشمالية هو أحد أكبر الجيوش في العالم إلا أن غالبية قواتها تفتقر إلى الخبرة القتالية، وتمنح المشاركة في الحرب القوات الكورية الشمالية فرصة للحصول على خبرة ميدانية ثمينة.
وفي هذا السياق، قال كارل شوستر، المدير السابق للعمليات في مركز الاستخبارات المشتركة بالقيادة الأمريكية في المحيط الهادئ، إن عودة القوات الكورية الشمالية بخبرات ميدانية حية قد تجعلها أكثر خطورة، حيث ستكتسب مهارات تسلل ومهارات قتالية قد تستفيد منها في المستقبل إذا اشتد الصراع في شبه الجزيرة الكورية.
وأضاف شوستر أن تدخل كوريا الشمالية في الحرب الأوكرانية يمثل تحولاً كبيرًا في ديناميات الصراع، وإذا نجحت القوات الكورية الشمالية في هذا التدخل، فإنها لن تكتسب خبرة قتالية فقط، بل قد تؤسس لنمط جديد من التدخلات الدولية.
واشار إلى أن هذه الخطوة قد تكون بمثابة إنذار للعالم بأسره، إذ يثير تساؤلات حول طموحات كوريا الشمالية ومدى تأثير هذه التحالفات العسكرية الجديدة على الاستقرار العالمي.
المصدر:
CNN