خلال القرن التاسع الميلادي وتزامنًا مع حكم الدولة العباسية، ذاع صيت أبناء موسى شاكر الثلاثة، نظرًا لإسهاماتهم في الثورة العلمية العربية الإسلامية.
وعُرف عن أبناء موسى شاكر براعتهم في علوم الرياضيات والفلك وميكانيكا الآلات، وابتكروا وقتها أجهزة متقدمة يمكن اعتبارها الأساس الذي بُنيت عليه الروبوتات في شكلها الحالي.
وتزامنًا مع اليوم العالمي للمخطوطات العربية الذي يُحتفل به في 4 أبريل من كل عام، نسلط الضوء على أبناء موسى شاكر وإسهاماتهم العلمية.
من هم أبناء موسى شاكر؟
هم ثلاثة إخوة محمد وأحمد والحسن، كان والدهم موسى بن شاكر، عالم فلك ورياضيات وصديق شخصي للخليفة المأمون.
عندما توفى الأب، علم الخليفة المأمون وطلب من رجاله إرسال أبناء موسى شاكر إلى بيت الحكمة في بغداد، تحت إشراف الفلكي يحيى بن منصور.
وهناك نشأ أبناء موسى في بيئة علمية، وسرعان ما أصبحوا أشهر علماء العصر العباسي.
وبرع الإخوة الثلاثة في عدة علوم، فتخصص محمد في الهندسة والفلك، وأحمد في الحيل، وتميز الحسن في الهندسة.
إسهامات الإخوة الثلاثة
لعب أبناء موسى دورًا مهمًا في حركة الترجمة، وأنفقوا الكثير من الأموال في سبيل تشجعيها.
ودفع أبناء موسى لبعض المترجمين مثل حنين بن إسحاق، وحبيش بن الحسن، راتبًا شهريًا قدره 500 دينار لترجمة الكتب والمؤلفات.
كما أرسلوا مبعوثين إلى بيزنطة لإحضار المخطوطات والمترجمين.
ترجم أبناء موسى إلى العربية معظم المخطوطات اليونانية والرومانية، ودرسوها ونقدوها وأضافوا إليها تفسيرات وتطبيقات جديدة.
كما اخترع الإخوة الثلاثة علومًا جديدة لم تكن معروفة من قبل.
وبسبب تفوقهم في علم الفلك، بنى الإخوة مرصدًا، حيث أجروا الحسابات والملاحظات الفلكية، وأشاد العلماء اللاحقون ببراعة بني موسى في هذا المجال مثل ابن يونس والبيروني.
كما بنى أبناء موسى أول جهاز محاكاة هندسي في العالم، عبارة عن آلة دائرية الشكل تحتوي على صور لأجسام تحاكي النجوم والكواكب، وتُدار بالطاقة المائية.
واعتمد الجهاز على الحسابات الفلكية التي كانت تجعل النجم يظهر في الجهاز بمجرد ظهوره في السماء، وهو أمر تطلب قوة ميكانيكية هائلة.
مؤلفات بني موسى
في مجال علم الفلك والميكانيكا التطبيقية، قدم العلماء الثلاثة اختراعات في مجال الأجهزة المتطورة، كانت بداية لأجهزة التحكم الآلي بالتغذية الراجعة التطبيقية لأول مرة في التاريخ.
ومن بين مخطوطاتهم في مجال الفلك والرياضة هي مخطوطة “الدرجات المعروفة” النادرة، والتي عملوا فيها على تصحيح المفاهيم الخاطئة في المؤلفات اليونانية المأخوذة من الهند في العلوم التجريبية.
وركّز بنو شاكر على تنقيح تلك المخطوطات وتعديلها ومن ثم نقلها للعرب، بما ساهم في جعلها موسوعة فلكية تهدف لإحياء العلوم اليونانية والهندية التجريبية.
ويبرز هنا الفارق بين التفكير اليوناني الذي أهمل المنهج التجريبي في مقابل الاهتمام بالفلسفة والعلوم النظرية، والفكر العربي الذي أولى اهتمامًا أكبر للمنهج التجريبي.
ومن أبرز مؤلفاتهم الأخرى كتاب “الحيل”، وهو المصطلح الذي كان يُطلق قديمًا على علم الميكانيكا، والذي يدور حول استخدام الآلات في أغراض معينة.
ويُعد كتاب الحيل من المخطوطات النادرة لأبناء موسى يضم 100 ابتكار، إذ طبقوا فيه مبادئ التحكم الآلي، وأنظمة التحكم في الحركة.
كما أن الكتاب من أشهر الأعمال المتخصصة للإخوة، استفادوا فيه من علم الهيدروستاتيكية والهوائية، وكان محتواه نادرًا ولم تتضمن الكتابات العربية اللاحقة محتوى مماثلًا لما جاء فيه.
المصدر: scholar.cu