logo alelm
معركة تل مرعي.. ملحمة سعودية في حرب أكتوبر

تعد معركة تل مرعي إحدى أبرز الملاحم العسكرية التي جسدت عمق التلاحم العربي خلال حرب أكتوبر 1973، حيث سطرت فيها القوات السعودية المشاركة على الجبهة السورية فصلاً من البسالة في مواجهة مباشرة مع جيش الاحتلال.

ورغم أنها لا تحظى بنفس شهرة المعارك الكبرى على الجبهة المصرية، إلا أن تفاصيلها تكشف عن دور سعودي حاسم في وقف الزحف الإسرائيلي نحو العاصمة دمشق، وتبرز تضحيات وبطولات سجلها التاريخ بمداد من الفخر.

قصة معركة تل مرعي

تعود فصول القصة إلى الأيام التي أعقبت اندلاع الحرب، وتحديدًا بعد أن بدأ الجيش الإسرائيلي هجومًا مضادًا عنيفًا على الجبهة السورية، محاولًا اختراق الدفاعات والوصول إلى دمشق.

وصلت طلائع القوات السعودية إلى سوريا في 14 أكتوبر 1973، ممثلة في فوج مدرعات “بانهارد”، والذي كُلف في البداية بالمشاركة في الدفاع عن محيط العاصمة، ومع اشتداد القتال، صدرت الأوامر بإلحاق الوحدات السعودية بالفرقة السابعة مشاة السورية لتعزيز خطوطها الدفاعية في مواجهة الهجوم الإسرائيلي.

وبدأت الأحداث تتسارع في 19 أكتوبر، حين قررت القيادة السورية شن هجوم للسيطرة على “تل مرعي”، وهو موقع استراتيجي مرتفع يشرف على محاور تقدم القوات الإسرائيلية.

وبعد نجاح وحدات المشاة السورية في السيطرة على التل فجر يوم 20 أكتوبر، صدرت الأوامر بتعزيز الدفاعات فيه استعدادًا لهجوم مضاد متوقع، وهنا، لعبت القوات السعودية دورًا محوريًا، حيث دُفعت سرايا من مدرعات “بانهارد” الخفيفة وسرية مدافع مضادة للدروع إلى قمة التل لتشكيل خط دفاع متقدم، لتتحول معركة تل مرعي إلى اختبار حقيقي لقدراتهم القتالية.

وفي صباح يوم الأحد، 21 أكتوبر 1973، شن الجيش الإسرائيلي هجومًا شاملًا ومركزًا لاستعادة التل، حاشدًا قوة ضاربة تقدر بكتيبة دبابات من طراز “سنتوريون” الثقيلة (نحو 36-50 دبابة)، معززة بوحدات مشاة ميكانيكية وهندسة عسكرية، وبغطاء ناري كثيف من المدفعية.

ودارت على سفوح التل مواجهة ضارية وغير متكافئة، صمد خلالها المقاتلون العرب في الدفاع عن مواقعهم ببسالة لساعات، وشهدت معركة تل مرعي التحامًا مباشرًا بين المدرعات السعودية والدبابات الإسرائيلية المتقدمة.

وتكشف المقارنة الفنية حجم التحدي الذي واجهته القوات السعودية؛ فمدرعة “بانهارد” الفرنسية هي مركبة استطلاع خفيفة تزن 5.5 أطنان ومزودة بمدفع 90 ملم ودرع لا يتجاوز 28 ملم، بينما دبابة “سنتوريون” البريطانية هي دبابة قتال رئيسية تزن 52 طنًا، ومحصنة بدروع تصل إلى 153 ملم ومدفع فتاك عيار 105 ملم.

ورغم هذا الفارق الهائل، نجحت أطقم المدرعات السعودية بفضل مهارتها وشجاعتها في التصدي للدبابات الثقيلة، وتمكنت خلال معركة تل مرعي من تدمير ما بين 5 إلى 7 دبابات إسرائيلية، وهو ما وثقته التقارير العسكرية.

ونتيجة للتفوق العددي والنوعي للقوات المهاجمة وضراوة القصف، صدرت الأوامر للقوات المدافعة بالانسحاب من التل صباح ذلك اليوم بعد تكبيد العدو خسائر فادحة.

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

إعصار بريسيلا يهدد المكسيك بفيضانات وأمواج كارثية

المقالة التالية

وظائف وزارة الخارجية 1447.. آلية التقديم عبر منصة مسار