فينسنت فان جوخ، الفنان الهولندي صاحب أشهر اللوحات وأغلاها سعرًا في العالم، ترك بعد وفاته إرثًا فنيًا فريدًا ومتنوعًا، لكنه ترك أيضًا جدلًا واسعًا حول صحته النفسية والعقلية وما عاناه قبل انتحاره.
لسنوات عانى فان جوخ من مشكلات الصحة العقلية، ترك هذا أثرًا واضحًا في كل شيء بحياته، حتى أن نوبات المرض جعلته يقطع أذنه اليسرى، وبعد ذلك بعامين، عام 1890، أطلق الرصاص على نفسه.. وانتحر.
رغم ذلك فإن مهمة تشخيص المريض معقدة، وهناك العديد من النظريات حول الحالات التي يعاني منها فان جوخ، ولكن واحدة من أكثر النظريات إقناعًا هي أن فان جوخ كان يعاني من اضطراب ثنائي القطب.
في اليوم العالمي للاضطراب ثنائي القطب، الذي يُحتفل به سنويًا في عيد ميلاد فان جوخ، 30 مارس، نسلط الضوء على هذه النظرية.
اضطراب ثنائي القطب
هذه حالة صحية عقلية تؤثر على الحالة المزاجية وتتميز بالتأرجح الدراماتيكي من طرف متطرف إلى طرف آخر، وهي حالة شائعة نسبيًا تصيب واحد من كل 100 شخص.
يتعرض الرجال والنساء بنسب متساوية إلى هذا الاضطراب، والذي يمكن أن يصابون به في أي عمر، وتزداد الخطورة في أواخر سن المراهقة.
أنواع اضطراب ثنائي القطب
هناك أنواع مختلفة من اضطراب ثنائي القطب، في النوع الأول مثلًا يعاني المصابون فترات من الارتفاعات الهوسية والانخفاضات الاكتئابية.
النوع الثاني من اضطراب ثنائي القطب، فيه يعاني المصابون من الاكتئاب الشديد ونوبات الهوس الخفيفة، والتي تستمر لفترة زمنية أقصر.
ويمكن أن تستمر كل نوبة شديدة من الاضطراب ثنائي القطب لعدة أسابيع (أو حتى لفترة أطول).
فان جوخ واضطراب ثنائي القطب
عاني فنسنت فان جوخ من مشكلات مختلفة تتعلق بالصحة العقلية منذ فترة المراهقة، وفي إحدى الدراسات التي أجراها أكاديميون هولنديون في عام 2020، حللوا ما يقرب من 1000 رسالة كتبها فان جوخ إلى أخيه وآخرين،، لتشخيص اضطراباته.
يقول أحد مؤلفي دراسة 2020، أستاذ الطب النفسي المتقاعد ويليم نولن من جامعة هارفارد إن الرسائل أعطت فريقه الفرصة للنظر في أدلة الأعراض بهدف إجراء التشخيص.
وأوضح: “ربما يكون قد بالغ في أعراضه في رسائله إلى أخيه، لأنه كان بحاجة إلى المزيد من المال والمزيد من الدعم. ولكن يمكنك أيضا أن تتخيل أنه عندما كتب رسالة إلى أفراد الأسرة الآخرين -بمن في ذلك والدته- ربما جعل الأعراض تبدو أقل حدة”.
جُمعت الرسائل في 6 مجلدات، وراجعها البروفيسور نولن جميعها بنفسه، فضلًا عن إجراء مقابلات مع 3 مؤرخين فنيين مختلفين من متحف فنسنت فان جوخ في هولندا، وجميعهم خبراء في حياة الرسام وعمله.
وتوصلت الدراسة التي أجراها الباحثون في المجلة الدولية لاضطرابات ثنائية القطب، إلى أن فان جوخ أُصيب باضطراب ثنائي القطب، مع سمات اضطراب الشخصية الحديّ، والذي “تفاقم على الأرجح من خلال تعاطي الكحول مع سوء التغذية”.
في حياته، لم يفهم فان جوخ نفسه تمامًا ما الذي يحدث له، لقد كتب عن “حمى أو جنون عقلي أو عصبي، لا أعرف تمامًا ماذا أقول أو كيف أسميها”، ووصفها في البداية بأنها “نوبة جنون فنان بسيطة”، ربما لطمأنة عائلته.
لكن مؤلفي الدراسة وجدوا أدلة على أنه عانى من الاكتئاب خلال فترة المراهقة، واستوفى معايير اضطراب الشخصية الحديّ، وارتكب تشويها للذات. لكن المؤشرات التي تشير إلى أنه مر بمراحل اكتئاب وهوس مميزة هي التي تشير إلى اضطراب ثنائي القطب.
وقال البروفيسور نولن: “ليس من الواضح تماما أي شكل من أشكال الاضطراب ثنائي القطب كان يعاني منه، لأنه على الرغم من أن نوبات الاكتئاب التي كان يعاني منها كانت شديدة للغاية، إلا أننا لا نستطيع أن نعرف من الرسائل ما إذا كان يعاني اجتماعيا من جانب الهوس أم لا”.
اقرأ أيضًا
علماء يطورون نهجًا جديدًا لتشخيص “الاضطراب ثنائي القطب”
لماذا يرتبط تعاطي الحشيش بالإصابة بالاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب؟