نجح تلسكوب جيمس ويب الفضائي في اكتشاف حقيقة جديدة بدقة مذهلة تعمق الغموض حول توسع الكون، وتحطم الكثير من النظريات في علم الكونيات.
منذ ما يقرب من قرن من الزمان، اكتشف عالم الفلك إدوين هابل تضخم الكون الشبيه بالبالون والاندفاع المتسارع لجميع المجرات بعيدًا عن بعضها البعض، ورأى العلماء أن اتباع هذا التوسع إلى الوراء عبر الزمن أدى إلى فهمنا الحالي الأفضل لكيفية بدء كل شيء، ألا وهو الانفجار الكبير . لكن على مدى العقد الماضي، ظهرت فجوة مثيرة للقلق في هذه الصورة: اعتمادًا على المكان الذي ينظر إليه علماء الفلك، يختلف معدل توسع الكون بشكل كبير.
وفي الذكرى الثانية لإطلاقه عزز تلسكوب جيمس ويب الفضائي هذا التناقض من خلال عمليات رصد جديدة دقيقة بشكل مذهل تهدد بقلب النموذج القياسي لعلم الكون رأسًا على عقب.
الطاقة المظلمة
يقول آدم ريس، أستاذ علم الفلك في جامعة جونز هوبكنز وقائد الفريق الذي أجرى قياسات تلسكوب جيمس ويب الفضائي الجديدة إنه خلاف يجب أن يجعلنا نتساءل عما إذا كنا نفهم حقًا تكوين الكون وفيزياء الكون”، ولا بد من إجراء المزيد من الدراسات حول الطاقة المظلمة التي تم اكتشافها عام 1998، وهي القوة الغامضة وراء التوسع المتسارع للكون.
ويتفق العلماء أن بداية كون كانت بانفجار أو ضجة كبيرة، ثم في لحظة، تم تشكيل الكون الشاب .
ويرى غالبية العلماء أنه مع تضخم الكون مثل البالون، تجمعت المادة العادية (التي تتفاعل مع الضوء) حول كتل من المادة المظلمة غير المرئية لتكوين المجرات الأولى، المرتبطة ببعضها البعض من خلال شبكة كونية واسعة.
وفي البداية مع انتشار محتويات الكون، انخفضت كثافة الطاقة وبالتالي معدل توسع الكون، لكن بعد ذلك منذ حوالي 5 مليارات سنة، بدأت المجرات في الانحسار مرة أخرى بمعدل أسرع من أي وقت مضى، والسبب بحسب الصور التي يحللها العلماء، هو كيان آخر غير مرئي وغامض يعرف باسم الطاقة المظلمة.
ويعتبر التفسير الأبسط والأكثر شيوعًا للطاقة المظلمة هو أنها ثابتة كونية ، وهي طاقة تضخمية في كل مكان وفي كل لحظة، منسوجة في نسيج الزمكان الممتد، وأطلق عليها أينشتاين اسم لامدا في نظريته النسبية العامة.
توسع الكون
يتطلب قياس توسع الكون ما هو أكثر قليلاً من مجرد استخدام الرادار ، واستخدم العلماء طريقتين لقياس نمو الكون، تتمثل الأولى في النظر إلى ما يسمى بإشعاع الخلفية الكونية الميكروي (CMB)، وهو من بقايا أول ضوء للكون تم إنتاجه بعد 380 ألف سنة فقط من الانفجار الكبير، حيث يتتبعون من خلال الصور البقع الأكثر سخونة وبرودة حيث تكون المادة أكثر أو أقل كثافة، وبجمع كثافات الطاقة للمادة العادية والمادة المظلمة والطاقة المظلمة والطاقة من الضوء، تحدد السرعة القصوى لتوسع الكون.
أما الطريقة الثانية للعثور على معدل التوسع يستخدم العلماء النجوم النابضة التي تسمى المتغيرات القيفاوية، وهي نجوم ميتة ذات طبقات خارجية من غاز الهيليوم تنمو وتتقلص أثناء امتصاصها وإصدارها لإشعاع النجم، مما يجعلها تومض بشكل دوري مثل مصابيح الإشارة البعيدة.
وفي عام 1912، وجدت عالمة الفلك هنريتا سوان ليفيت أنه كلما كان النجم القيفاوي أكثر سطوعًا، كان وميضه أبطأ، مما مكن علماء الفلك من قياس السطوع المطلق للنجم، وبالتالي قياس المسافة التي تفصله.
علم الكونيات في خطر
يرى مجموعة من علماء الفلك الآن بأن التوتر، إلى جانب ملاحظة أن مجرة درب التبانة تقع داخل فراغ فائق منخفض الكثافة، يعني أنه يجب التخلص من نظرية Lambda-CDM والمادة المظلمة تمامًا.
ويقول بافيل كروبا أستاذ الفيزياء الفلكية بجامعة بون إن ما يشاهده الآن يعتبر انهيار لعلم الكونيات، وأنه يجب أن تحل نظرية تسمى ديناميات نيوتن المعدلة (MOND) محل نظرية Lambda-CDM والمادة المظلمة، لأن وجود مجرتنا درب التبانة في الصور الجديدة بالقرب من مركز المجرات ذات الكثافة الواسعة التي تبلغ 2 مليار سنة ضوئية يؤدي إلى تحريف قياساتنا لثابت هابل، بينما يقول علماء فلك آخرون إن حساباتهم الخاصة لا تتفق مع ادعاءات MOND.
ومن ناحية أخرى يسعى العلماء إلى إجراء تعديل على نموذج Lambda-CDM الذي يفترض أن الطاقة المظلمة (لامدا) ليست ثابتة ولكنها بدلاً من ذلك تتطور عبر حياة الكون وفقًا لفيزياء غير معروفة.
اقرأ ايضا :
الجسيمات دون الذرية.. هكذا تتشكل المواد من حولنا في الكون
محمية “الملك خالد” الملكية تستقبل 56 كائنًا فطريًا مهددًا بالانقراض