تشهد إيران وأفغانستان نزاعًا حول المياه المتدفقة من نهر هلمند الذي يعتبر موردًا حيويًا للبلدين، حيث تتجه كلا الدولتين نحو السيطرة على هذا المورد المتقلص يومًا بعد يوم، وتزداد حدة الصراع حول المياه في ظل انخفاض هطول الأمطار ومستويات الأنهار.
وقد اشتعلت أعمال العنف على طول الحدود بين البلدين في الأسابيع الأخيرة، ففي 27 مايو، اشتبك حرس الحدود الإيراني والأفغاني، حيث تبادلا إطلاق نار كثيف، أسفر عن مقتل حارسين إيرانيين وجندي من طالبان، وإصابة عدد آخر، ويتبادل الطرفان الاتهامات في إثارة القتال، مما دفع بقضايا المياه في المنطقة مرة أخرى إلى دائرة الضوء.
ويوضح الخبراء أن الإجهاد المائي يتسبب في ضغوط شديدة على الموارد المائية في إيران، وأنه سبب للاضطراب المدني واسع النطاق في السنوات الأخيرة ففي صيف عام 2021، شهدت مقاطعة خوزستان بغرب إيران احتجاجات بسبب نقص المياه وانقطاع التيار الكهربائي، وانتشرت هذه المظاهرات التي أطلق عليها “انتفاضة العطشان” إلى عدة مدن في جميع أنحاء إيران، وأثارت حملة قمع حكومية شديدة، وتعرضت إيران بالفعل لضغوط كبيرة بسبب العقوبات الأمريكية والاقتصاد الضعيف بشدة.
وتعود التوترات المائية بين إيران وأفغانستان إلى الخمسينيات من القرن الماضي، حيث قامت أفغانستان بإنشاء سدين رئيسيين للحد من تدفق مياه نهر هلمند إلى إيران،الأمر الذي أثار غضب طهران وهدد العلاقات ، مما أدى في النهاية إلى توقيع معاهدة في عام 1973 خصصت لإيران 850 مليون متر مكعب من مياه هلمند سنويًا، لكن الثورات والغزوات والحروب اللاحقة والتغييرات الحكومية الدراماتيكية في كلا البلدين لم تصل بالمعاهدة إلى أن تنفذ بالكامل.
أداة ضغط على إيران
ووفقًا للخبراء فإن الحكومات الأفغانية المختلفة استخدمت ضعف إيران المائي كأداة ضغط في القضايا الثنائية، وهذا أدى إلى اقتراب البلدين من الحرب عدة مرات منذ توقيع معاهدة المياه في عام 1973، وينصح الخبراء بضرورة التعامل مع هذه القضية بحكمة وتعاون بين البلدين لتفادي المزيد من التوترات والصراعات المحتملة في المستقبل.
وتشير التصريحات الأخيرة لطالبان والرئيس الإيراني إلى تصاعد التوترات المائية بين البلدين، حيث طلب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي من قادة أفغانستان أن يأخذوا كلماته ”على محمل الجد” ، قائلاً: ”أحذر حكام أفغانستان عليهم إعطاء الناس حقوقها [المناطق الحدودية الإيرانية] في سيستان وبلوشستان على الفور”، ورد قائد في طالبان، قائلا إنه لا توجد مياه لهم لإعطاء إيران ، وحذر: لا تهاجمنا نحن لسنا خائفين.”، الأمر الذي يمكن أن يؤدي تصاعد التوترات السياسية بين البلدين، بما يمكن أن ينتج عنه تفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في أفغانستان.
وتعتبر ندرة المياه في المنطقة مشكلة معقدة وملحة، حيث تتطلب حلولاً استثمارية واسعة النطاق ومكلفة في البنية التحتية. وبالنظر إلى العقوبات الشديدة التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران وأفغانستان، فإن الحلول المستدامة يمكن أن تكون أكثر صعوبة، وقد يؤدي النقص المستمر في إمدادات المياه في أفغانستان إلى تدهور الإنتاج الزراعي وزيادة نقص الغذاء، مما يزيد من الفقر والاضطرابات في البلاد.
هل تجاوزت المساعدات الأمريكية لأوكرانيا تكاليف حرب أفغانستان؟
إيران تكشف موعد استئناف بعثاتها الدبلوماسية إلى المملكة
هل تسمح الشبكات الاقتصادية المرتبطة بالحرس الثوري بانفتاح السوق الإيراني على الأسواق الخليجية؟