مع الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الطفل، تبرز أهمية التذكير بالاتفاقية الدولية التي تكفل حماية الأطفال وتعزيز حقوقهم حول العالم. فهذه الاتفاقية لا تكتفي بتحديد سن الطفولة، بل تؤكد على حقوقهم في الحماية والرعاية والتعليم، وتوفير بيئة آمنة تسمح لهم بالنمو والتطور واكتشاف مواهبهم، مع ضمان مشاركتهم الفعّالة في إعمال حقوقهم.
اتفاقية حقوق الطفل
في هذا السياق، نسلط الضوء على أبرز ما تنص عليه اتفاقية حقوق الطفل وما يجب على الدول الالتزام به لضمان مستقبل أفضل لهم. وتنص الاتفاقية على إلزام الدول الأطراف بضمان حقوق الأطفال دون أي تمييز، بما في ذلك الحماية والرعاية، والحصول على التعليم والخدمات الصحية، وتمكينهم من تطوير شخصياتهم ومواهبهم إلى أقصى إمكاناتهم، والنشأة في بيئة مليئة بالسعادة والحب والفهم، مع إدراك حقوقهم والمشاركة الفاعلة في ممارستها.
وتعد اليونيسف، المنظمة الأممية المتحدة المكلفة بحماية حقوق كل طفل، والتي تعمل على دعم الأطفال الأكثر ضعفًا، وضمان تلبية احتياجاتهم الأساسية، وتوسيع فرصهم لتحقيق كامل إمكاناتهم.
وجرى التفاوض على اتفاقية حقوق الطفل لعشر سنوات بمشاركة حكومات ومنظمات حقوقية وخبراء في الصحة والتعليم والطفولة، وأسفرت عن وثيقة تعكس توافقًا عالميًا، تراعي التقاليد والقيم الثقافية وتلبي احتياجات البلدان النامية.
تشكل اتفاقية حقوق الطفل مرجعًا عالميًا لتقييم مدى التقدم في حماية حقوق الأطفال ومقارنتها بين الدول. وبموافقة الحكومات على المعايير الواردة في الاتفاقية، تلتزم بتعديل قوانينها وسياساتها وممارساتها لضمان تحويل تلك المعايير إلى واقع ملموس لجميع الأطفال، والامتناع عن أي إجراء يعيق تمتعهم بحقوقهم أو ينتهكها. كما يُلزم على الدول تقديم تقارير دورية إلى لجنة من الخبراء المستقلين حول التقدم المحرز في تنفيذ حقوق الطفل.
تعرّف اتفاقية حقوق الطفل "الطفل" بأنه أي إنسان لم يتجاوز سن الثامنة عشرة، ما لم يُحدد القانون المعمول به سن الرشد قبل ذلك. وتشترط الاتفاقية على الدول وضع سن أدنى لقضايا محددة، مثل سن العمل وسن إتمام التعليم الإلزامي، بينما تمنع صراحةً الحكم بالسجن مدى الحياة أو بالإعدام على أي شخص دون الثامنة عشرة.
أهم مبادئ ومزايا اتفاقية حقوق الطفل
تركز اتفاقية حقوق الطفل على عدة مبادئ أساسية توجه تطبيقها: عدم التمييز بين الأطفال، وجعل مصلحة الطفل الفضلى الاعتبار الأساسي في جميع القرارات المتعلقة به، وضمان الحق المتأصل للطفل في الحياة والنماء إلى أقصى حد ممكن، بالإضافة إلى حق الطفل في التعبير عن آرائه بحرية في كل ما يهمه، مع إعطاء هذه الآراء الوزن الذي تستحقه.
تضع الاتفاقية مجموعة شاملة من المعايير التي تلزم جميع الدول بالالتزام بها، مؤكدة رؤية حديثة للطفل. فالطفل ليس ملكية للوالدين ولا مجرد مستفيد من أعمال خيرية، بل هو إنسان مستقل له حقوقه الخاصة. وتقدّم الاتفاقية الطفل كفرد وعضو في الأسرة والمجتمع، مع حقوق ومسؤوليات تتناسب مع عمره ومرحلة نموه، ما يركز على الطفل ككيان متكامل.
تُعد اتفاقية حقوق الطفل أبرز اتفاقيات حقوق الإنسان وأكثرها تصديقًا عالميًا، إذ أصبحت سارية في جميع دول العالم، موفرة إطارًا قانونيًا وأخلاقيًا مشتركًا لإعمال حقوق الطفل. وبلغ عدد الدول الأطراف 196 دولة حتى أكتوبر2015. وتبقى الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الوحيدة التي لم تصادق على الاتفاقية، رغم توقيعها عليها وإعلان نيتها المصادقة مستقبلًا، دون أن يتم ذلك حتى الآن. وتشكل الاتفاقية التزامًا رسميًا لضمان حقوق الطفل ورصد تقدمه، ما ينهي اعتبار هذه الحقوق خيارًا شخصيًا أو عملاً خيريًا، ويجعلها مسؤولية على الجميع احترامها.
كما أقرتها هيئات دولية وغير حكومية، وتُستخدم مرجعًا للعديد من المنظمات العاملة مع الأطفال، بما فيها الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية. وتؤكد الاتفاقية على المساواة بين جميع الحقوق وأهميتها في تحقيق النماء الكامل للطفل، وتضع الدولة تحت رقابة المساءلة والشفافية لضمان تنفيذها.
وتعزز الاتفاقية التضامن الدولي، حيث يُطلب من الدول المانحة تقديم الدعم للبلدان التي تحدد احتياجاتها، في حين توجه الدول المتلقية المساعدات لتنفيذ هذه الاحتياجات. كما تسلط الاتفاقية الضوء على دور المجتمع، والمجتمعات المحلية، والأسر في حماية حقوق الأطفال وتعزيزه
تعمل لجنة حقوق الطفل على حث الحكومات على استخدام الاتفاقية كمرجع للسياسات، بما يشمل وضع خطط وطنية، ورصد الإنفاق على الأطفال، وإجراء تقييمات أثر، وتعيين أمين مظالم مستقل للأطفال. وخلال 30 عامًا منذ إقرار الاتفاقية، تحسنت حياة ملايين الأطفال تدريجيًا عبر تطبيق حقوقهم والوفاء بالالتزامات المكرسة في الاتفاقية وبروتوكولاتها الاختيارية.
ألهمت اتفاقية حقوق الطفل مجموعة واسعة من المبادرات الوطنية والاجتماعية حول العالم، تضمنت دمج مبادئ حقوق الطفل في التشريعات، وتأسيس هيئات متعددة الاختصاصات لمعالجة قضايا الأطفال، ووضع جداول أعمال وطنية مخصصة لهم، وتعيين أمناء مظالم أو مفوضين معنيين بحقوق الأطفال.
كما شملت إعادة هيكلة الميزانيات لدعم حقوق الطفل، وتنفيذ تدخلات لضمان بقاء الأطفال ونمائهم، ومكافحة التمييز والعوائق الاجتماعية والاقتصادية أمام إعمال حقوقهم. وحرصت المبادرات أيضًا على توفير فرص للأطفال للتعبير عن آرائهم، وتوسيع الشراكات الداعمة لهم، وتقييم أثر السياسات والإجراءات على حياتهم بشكل دوري.
اقرأ أيضًا :
لماذا توجد هذه الخطوط على الزجاج الخلفي للسيارة؟
في اليوم العالمي للعزاب.. اليابان تواجه شبح العزوبية المتأخرة!














