رغم التقدّم المذهل الذي حققه الذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة، فإن دراسة حديثة أماطت اللثام عن نقطة ضعف غير متوقعة في أداء هذه التقنية المتطورة، فقد أظهرت الأبحاث أن الذكاء الاصطناعي، الذي نجح في اجتياز امتحانات، وكتابة أكواد برمجية، وإنتاج نصوص وصور واقعية، يتعثر في مهام بسيطة من منظور الإنسان، مثل قراءة الساعة التناظرية أو معرفة اليوم المقابل لتاريخ معين.
في عرض تقديمي خلال المؤتمر الدولي لتمثيلات التعلم (ICLR) لعام 2025، كشف فريق من الباحثين من جامعة إدنبرة أن مجموعة من النماذج المتقدمة من الذكاء الاصطناعي تفشل بشكل منتظم في تفسير موضع عقارب الساعات أو إجراء الحسابات التقويمية البسيطة.
قال الباحث الرئيسي في الدراسة، روهيت ساكسينا، إن معظم الناس يتعلمون قراءة الساعة والتعامل مع التواريخ منذ سن مبكرة جدًا، لكن الذكاء الاصطناعي لا يزال يواجه صعوبات كبيرة في هذه المهام”.
وأضاف ساكسينا: “هذه الفجوة تُعد عائقًا أمام دمج أنظمة الذكاء الاصطناعي في تطبيقات واقعية تتطلب دقة في الوقت، مثل الجدولة أو الأنظمة المساعدة”.
لاختبار قدرة الذكاء الاصطناعي على التعامل مع مفهومي الوقت والتقويم، أدخل الباحثون مجموعة بيانات مخصصة تحتوي على صور لساعات وتواريخ داخل عدة نماذج لغوية متعددة الوسائط (MLLMs)، مثل:
لكن النتائج كانت دون التوقعات، فقد فشلت النماذج في تحديد الوقت الصحيح من الساعة أو اليوم المرتبط بتاريخ معين في أكثر من 50% من الحالات.
أوضح ساكسينا أن الذكاء الاصطناعي غالبًا ما يُدرَّب على أنماط مكررة من بيانات مشروحة، لكن المهام مثل قراءة الساعة تتطلب تفكيرًا مكانيًا وتحليليًا، حيث يجب على النموذج إدراك تراكب عقارب الساعة، وحساب الزوايا، وفهم تصميمات مختلفة كالرموز الرومانية أو الموانئ المزخرفة.
وأشار ساكسينا إلى أن إدراك أن هذه صورة لساعة أسهل بكثير من فهم الوقت الذي تشير إليه بالنسبة للذكاء الاصطناعي.
عندما طُلب من النماذج تحديد اليوم من السنة رقم 153 مثلًا، جاءت النتائج مخيبة:
وعلى الرغم من أن هذه النسب تعتبر غير مقبولة، إلا أنها تكشف جانبًا مهمًا من آلية عمل الذكاء الاصطناعي، حيث تعتمد هذه الأنظمة على الأنماط الاحتمالية بدلاً من الخوارزميات الرياضية الدقيقة.
في هذا السياق قال ساكسينا: “في حين أن الحواسيب التقليدية تنفذ الحسابات بدقة، فإن الذكاء الاصطناعي لا يجري الحساب بشكل مباشر، بل يتنبأ بالإجابات استنادًا إلى بيانات التدريب”، وأضاف أن هذا ما يجعل إجاباته أحيانًا صحيحة، لكنها تفتقر إلى المنطق الثابت أو الاتساق الرياضي.
سلطت الدراسة الضوء على الاختلافات الجوهرية بين فهم البشر وفهم الذكاء الاصطناعي، إذ يعتمد الإنسان في حل المسائل على فهم منطقي وتسلسلي، بينما تعتمد النماذج الذكية على التكرار والأنماط المألوفة.
وهذا ما يُفسّر فشل الذكاء الاصطناعي في أداء مهام لم يُدرَّب عليها بكثافة، مثل حساب السنوات الكبيسة أو التعامل مع التواريخ غير النمطية.
يرى الباحثون أن هذه النتائج تبرز ضرورة إعادة التفكير في طريقة تدريب الذكاء الاصطناعي، خصوصًا في المهام التي تجمع بين الإدراك البصري والتحليل المنطقي.
وأكد الباحثون أننا نحتاج إلى بيانات تدريب أكثر تنوعًا، وأمثلة أكثر استهدافًا، خصوصًا للمهام النادرة أو الدقيقة.
كما شدد الباحثون على أن الذكاء الاصطناعي يظل أداة قوية، لكنه يحتاج إلى ضوابط بشرية وطرق تحقق صارمة عند التعامل مع مهام حساسة، حيث إن الذكاء الاصطناعي ممتاز في بعض الأمور، لكن عندما تتداخل الإدراكات البصرية مع الحسابات الدقيقة، فإننا لا نزال بحاجة إلى وجود العنصر البشري في الحلقة.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
الذكاء الاصطناعي VS إنترنت الأشياء.. أبرز الاختلافات