رغم أن الرئيس الأميركي جو بايدن قد غادر المنصب، فإن تصريحاته المتكررة خلال فترة رئاسته بشأن “الدفاع عن تايوان” لا تزال تُناقش في أروقة السياسة الأميركية والدولية. وطرح السؤال حول قدرة ترامب على اتخاذ قرار الحرب بعد تخطي عقبات رؤيته السابقة بأن تايوان يجب أن تدفع ثمن الحماية، لكن هذا يفتح الباب إلى التحديات القانونية والدستورية التي تحكم أي تدخل أميركي محتمل في حال نشوب صراع مع الصين.
في عهد إدارة بايدن، بدأت تايوان باتخاذ خطوات عملية لتعزيز قدرتها الدفاعية. فمددت فترة التجنيد الإجباري، وزادت الإنفاق العسكري، وبدأت بالتحول من الاعتماد على الأسلحة الثقيلة إلى استراتيجية “الدفاع غير المتكافئ” التي تركز على الطائرات المسيرة والصواريخ الذكية. لكن كل هذه التحركات لم تكن كافية لطمأنة محللي الدفاع، الذين توقعوا آنذاك احتمال تدخل صيني بحلول 2027.
خلال رئاسته، صرّح بايدن أكثر من مرة بأن الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان إذا تعرضت لهجوم من الصين. ورغم هذه التصريحات، لم يكن لدى الولايات المتحدة أي معاهدة دفاعية رسمية مع تايوان. كما أن الدستور الأميركي لا يمنح الرئيس وحده صلاحية اتخاذ قرار الحرب، بل يشترط مشاركة الكونغرس، وفقًا لقانون صلاحيات الحرب (War Powers Act).
لم يسبق أن خاضت الولايات المتحدة حربًا كبرى منذ الحرب العالمية الثانية دون تفويض قانوني، سواء من الكونغرس أو من خلال الأمم المتحدة. وفي حالة تايوان، كانت التحديات أكثر تعقيدًا، لأنها لا تملك غطاءً قانونيًا مشابهًا لما حصل في العراق أو أفغانستان أو حتى كوسوفو. والأخطر من ذلك أن الصين تُعد قوة نووية، ما يعني أن أي صراع معها يحمل خطر تصعيد غير مسبوق.
كان يُخشى في ذلك الوقت أن تتحول أي حادثة بحرية أو تصعيد محدود في مضيق تايوان إلى صراع مفتوح، خاصة في ظل وجود قوات بحرية وجوية أميركية قريبة من المنطقة. السيناريوهات المتداولة حينها أظهرت كيف يمكن لرئيس أميركي أن يجد نفسه في مواجهة مسلحة مع الصين دون قرار مسبق من الكونغرس، مما يضع الديمقراطية الأميركية أمام اختبار خطير.
ما أظهرته تلك الفترة هو أن الردع الحقيقي ضد الصين لا يجب أن يستمد فقط من تصريحات رئاسية، بل على إجماع تشريعي واضح. إذا أرادت واشنطن إرسال رسالة جادة لبكين، فإن هذه الرسالة لا تكتمل بدون مشاركة الكونغرس، الذي يمثل صوت الشعب الأميركي.