يتوقع بعض المحللين أن قمة بوتين وترامب المرتقبة ستمهد الطريق لتحقيق اختراق فوري لإنهاء الحرب في أوكرانيا. فالخلافات بين روسيا وأوكرانيا لا تزال عميقة، حيث يسعى الكرملين لفرض هيمنته، بينما تقاتل كييف من أجل الاندماج الكامل مع الغرب. ومع ذلك، فإن نجاح أو فشل قمة ألاسكا بوتين وترامب سيعتمد على مدى القدرة على معالجة خمسة ملفات رئيسية وشائكة.
تحتل روسيا حاليًا حوالي خُمس أراضي أوكرانيا، لكنها لا تزال تطالب بالمزيد. فوفقًا للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، تريد روسيا السيطرة على ما تبقى من إقليم دونيتسك مقابل وقف إطلاق النار، وهو أمر ترفضه كييف بشكل قاطع، خاصة وأن أي تنازل عن الأراضي قد يستخدم كنقطة انطلاق لهجمات مستقبلية. وتقترح أوكرانيا قبول وقف إطلاق النار على خطوط المواجهة الحالية، على أن يتم تأجيل تحديد الوضع النهائي للأراضي المحتلة إلى مفاوضات مستقبلية، وهي فكرة يدعمها بعض الخبراء مثل جون فورمان، الملحق العسكري البريطاني السابق في موسكو، الذي يقترح تأجيل هذه القضية الحساسة لمدة قد تصل إلى 25 عامًا.
تطالب روسيا بأن تكون أوكرانيا دولة “محايدة”، وهو ما يعني عمليًا أن تكون دولة ضعيفة عسكريًا وغير مرتبطة بالغرب. وقد طالبت موسكو في مفاوضات سابقة بتقليص الجيش الأوكراني إلى 50 ألف جندي فقط، و”تطهير البلاد من النازية”، وهو ما يُفسر على أنه دعوة لاستبدال زيلينسكي. في المقابل، ترغب أوكرانيا في الانضمام إلى حلف الناتو، وفي ظل رفض الولايات المتحدة لذلك، تسعى للحصول على ضمانات أمنية ثنائية أو متعددة الأطراف. وقد وعدت بريطانيا وفرنسا بقيادة “قوة طمأنة” أوروبية، بينما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن ترامب مستعد لتقديم ضمانات أمنية أمريكية، رغم أن طبيعتها لا تزال غير واضحة.
سيكون الملف الاقتصادي محورًا رئيسيًا في قمة بوتين وترامب. فمن جهة، تريد روسيا رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، وهو أمر يصعب على ترامب تحقيقه بمفرده دون موافقة الحلفاء الأوروبيين. ومن جهة أخرى، هناك قضية التعويضات وإعادة الإعمار. فقد قدّر البنك الدولي تكلفة إعادة إعمار أوكرانيا بنحو 506 مليارات يورو، وترفض روسيا حتى الآن المساهمة في تمويلها، مما يترك خيار مصادرة الأصول الروسية المجمدة في الخارج، والبالغة 280 مليار دولار، مطروحًا على الطاولة.
لا يمكن تجاهل ملف جرائم الحرب في أي اتفاق سلام. فقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق بوتين بتهمة النقل القسري لنحو 20 ألف طفل من أوكرانيا إلى روسيا. وقد طالب زيلينسكي بإعادة هؤلاء الأطفال كخطوة أولى في أي محادثات سلام. ويؤكد محامو حقوق الإنسان أن أوكرانيا “ملزمة بالتحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة ضد مواطنيها”.
هناك العديد من القضايا العملية الأخرى التي يجب حلها. فأوكرانيا تدعو إلى إطلاق سراح جميع أسرى الحرب، الذين تحتجز روسيا منهم أكثر من 8000 أسير، بينما تحتجز أوكرانيا عددًا أقل. كما أن مصير محطة زابوريزهيا للطاقة النووية، الأكبر في أوروبا والتي تسيطر عليها روسيا، لا يزال غامضًا، مع وجود مؤشرات على رغبة موسكو في إعادة تشغيلها.