اكتشف الباحثون أن الدماغ يتحرك عبر 5 مراحل رئيسية من الأسلاك، ويتشكل من خلال 4 نقاط تحول محورية تحدث عادة في الأعمار: 9، و32، و66، و83.
إن تطور الدماغ الذي نفكر فيه عادة باعتباره "مرحلة المراهقة" يستمر في الواقع لفترة أطول بكثير من المتوقع، وغالبًا ما يستمر حتى أوائل الثلاثينيات قبل أن يستقر نمط التوصيل العصبي لدى البالغين الناضجين أخيرًا.
5 عصور من بنية الدماغ خلال فترة العمر
حدد علماء الأعصاب في جامعة كامبريدج 5 مراحل رئيسية تصف كيفية تطور بنية الدماغ من الولادة إلى الشيخوخة، تعكس هذه المراحل عمليات إعادة تنظيم واسعة النطاق في بنية الدماغ، ما يدعم أساليب تفكير جديدة مع نمو الإنسان ونضجه، وصولًا إلى مرحلة التدهور.
حلل فريق بحثي من وحدة الإدراك وعلوم الدماغ التابعة لمجلس البحوث الطبية في كامبريدج بيانات مسح انتشار الرنين المغناطيسي لـ3802 فردًا، تتراوح أعمارهم بين حديثي الولادة و90 عامًا، تتتبع هذه المسوحات حركة الماء عبر أنسجة الدماغ، مما يسمح للعلماء برسم خرائط للمسارات التي تربط بين مناطق الدماغ المختلفة.
نُشرت الدراسة يوم 25 نوفمبر في مجلة نيتشر كوميونيكيشنز، وتشير إلى أن بنية الدماغ البشري تميل إلى المرور 5 مراحل رئيسية على مدار العمر، تفصل بين هذه المراحل 4 "نقاط تحول" رئيسية، تُشير إلى مراحل عمرية يتغير فيها تخطيط شبكة الدماغ بشكل ملحوظ.
الطفولة والمراهقة والتحولات الكبرى الأولى
تمتد المرحلة الأولى من تكوين الدماغ من الولادة وحتى سن التاسعة تقريبًا، وهنا يبدأ الانتقال إلى مرحلة المراهقة، وهي فترة تستمر حتى سن 32 تقريبًا في المتوسط.
خلال أوائل الثلاثينيات، ينتقل نمط توصيلات الدماغ إلى ما يصفه الباحثون بـ"الوضع الناضج"، تُعد هذه الفترة الأطول، إذ تستمر لأكثر من 30 عامًا، ثم تأتي نقطة تحول لاحقة في سن 66 تُشير إلى بداية مرحلة "الشيخوخة المبكرة"، تليها مرحلة "الشيخوخة المتأخرة" التي تظهر قرب سن 83.
كيف يتغير الدماغ من الطفولة إلى سن التاسعة
منذ الولادة وحتى الطفولة، يتشكل الدماغ من خلال عملية تُعرف باسم "توطيد الشبكة". يُنتج الرضع عددًا هائلًا من المشابك العصبية، وهي الروابط بين الخلايا العصبية. مع مرور الوقت، تبقى فقط الوصلات الأكثر نشاطًا، بينما تُقلّص الوصلات المتبقية.
طوال هذه الفترة، يتبع الدماغ نمطًا ثابتًا من إعادة التوصيل. تنمو المادة الرمادية والبيضاء بسرعة، مما يؤدي إلى وصول سُمك القشرة (المسافة بين المادة الرمادية الخارجية والمادة البيضاء الداخلية) إلى أعلى مستوياته. كما تستقر طيات القشرة الخارجية خلال هذه الفترة.
بحلول سن التاسعة، يواجه الدماغ أول نقطة تحول رئيسية في حياته. تتوسع القدرات المعرفية بشكل ملحوظ، لكن خطر الإصابة بأمراض الصحة العقلية يصبح أكثر وضوحًا.
المراهقة: زيادة الكفاءة العصبية وتحسين الشبكة
في المرحلة الثانية، يستمر دماغ المراهق في بناء حجم المادة البيضاء، مما يسمح لشبكات الاتصال بأن تصبح أكثر تنظيمًا. تُظهر مسوحات الانتشار أن حركة الماء عبر هذه المسارات تصبح أكثر تنظيمًا، مما يعكس نظامًا أكثر انسيابية.
تتميز هذه الفترة بتحسن كفاءة مناطق الدماغ المختلفة وتنسيق أسرع في جميع أنحاء الدماغ. تدعم هذه التغييرات أداءً إدراكيًا أقوى.
الكفاءة العصبية، كما يمكنك أن تتخيل، متصلة بشكل جيد بمسارات قصيرة، وأن فترة المراهقة هي الفترة الوحيدة التي تتزايد فيها هذه الكفاءة
وتصل هذه التحسينات إلى ذروتها في أوائل الثلاثينيات، وهو ما يصفه العلماء بأنه "أقوى نقطة تحول طوبولوجية" في عمر الإنسان.
في حوالي سن 32 عامًا، نرى أكبر التغييرات الاتجاهية في الأسلاك وأكبر تحول عام في المسار، مقارنة بجميع نقاط التحول الأخرى كما تقول الدكتورة أليكسا موسلي، الباحثة في مؤسسة غيتس كامبريدج.
في حين أن البلوغ يُمثل بداية واضحة، إلا أن تحديد نهاية المراهقة علميًا أصعب بكثير. بناءً على البنية العصبية البحتة، وجدنا أن التغيرات الشبيهة بتغيرات المراهقة في بنية الدماغ تنتهي في أوائل الثلاثينيات تقريبًا.
البلوغ: الاستقرار والتجزئة البطيئة
في حوالي سن الثانية والثلاثين، تبدأ مرحلة البلوغ. بالمقارنة مع المراحل السابقة، يصبح هيكل الدماغ أكثر استقرارًا، ولا تحدث أي تحولات جوهرية لمدة 3 عقود تقريبًا. ووفقًا لدراسات أخرى أشار إليها الفريق، تتزامن هذه الفترة مع "ثبات في الذكاء والشخصية".
ولاحظ الباحثون أيضًا "الانفصال" المتزايد خلال مرحلة البلوغ، وهو ما يعني أن مناطق الدماغ تصبح تدريجيًا أكثر تخصصًا وانفصالًا في وظائفها.
نقطة التحول عند بلوغ سن 66 دقيقة نسبيًا. ورغم أنها لا تتضمن إعادة هيكلة جذرية، إلا أن الفريق رصد تحولات جوهرية في ترتيب شبكات الدماغ.
تشير البيانات إلى أن إعادة تنظيم شبكات الدماغ تدريجيًا تبلغ ذروتها في منتصف الستينيات، كما تقول موسلي. "ويُرجّح أن يكون ذلك مرتبطًا بالشيخوخة، مع ازدياد انخفاض الاتصال مع بدء تدهور المادة البيضاء.. هذا هو العصر الذي يواجه فيه الأشخاص خطرًا متزايدًا للإصابة بمجموعة متنوعة من الحالات الصحية التي يمكن أن تؤثر على الدماغ، مثل ارتفاع ضغط الدم."
الشيخوخة المتأخرة
تحدث نقطة التحول الرئيسية الأخيرة في سن 83 تقريبًا، بعد ذلك، ينتقل الدماغ إلى المرحلة الأخيرة من التنظيم الهيكلي، على الرغم من قلة البيانات المتاحة لهذه المرحلة، وجد الباحثون أن الدماغ ينتقل من اتصال عالمي واسع النطاق إلى نمط يعتمد بشكل أكبر على مناطق معينة مع ضعف التواصل العام.
عند النظر إلى الماضي، يشعر الكثير منا أن حياتنا اتسمت بمراحل مختلفة. وقد اتضح أن الأدمغة تمر أيضًا بهذه المراحل، كما أضاف البروفيسور دنكان أستل، المؤلف الرئيسي للدراسة، وأستاذ علم المعلومات العصبية بجامعة كامبريدج.
ترتبط العديد من الحالات العصبية التنموية، والصحية العقلية، والعصبية بكيفية توصيل الدماغ. في الواقع، تُنبئ الاختلافات في توصيلات الدماغ بصعوبات في الانتباه، واللغة، والذاكرة، ومجموعة واسعة من السلوكيات المختلفة.
"إن فهم حقيقة أن الرحلة البنيوية للدماغ ليست مسألة تقدم ثابت، بل هي واحدة من نقاط التحول الرئيسية القليلة، سيساعدنا في تحديد متى وكيف تصبح أسلاكه عرضة للاضطراب".













