logo alelm
هل للفضاء رائحة؟ الإجابة مفاجأة من وجهة نظر فيزيائية

مع الاحتفال بالأسبوع العالمي للفضاء، يبرز وصف رواد الفضاء لروائح غريبة أثناء رحلاتهم خارج غلافنا الجوي، وهو أمر يعكس الاختلاف الكبير في التركيب الكيميائي مقارنة بالأرض، ما يجعل للفضاء طابعه الخاص في الروائح.

على الرغم من أن الفضاء عبارة عن فراغٌ خالٍ من الهواء، وبالتالي لا يمكن للإنسان شم أي شيء فيه مباشرةً، إلا أنه ليس فارغًا تمامًا، فهو مليء بجزيئات مختلفة، تحمل بعضًا منها روائح قوية تظهر عند التعرض لها على الأرض، تساهم دراسة هذه الروائح المرتبطة بأجزاء محددة من الفضاء في منح العلماء فرصة لفهم الكيمياء الكونية بعمق أكبر، وكشف أسرار الكون من منظور غير تقليدي.

ما هي رائحة الفضاء؟

ووفقًا لموقع ” Space.com” أفاد رواد الفضاء خلال هبوط مهمة أبولو على سطح القمر بأنهم شعروا برائحة تشبه البارود عند عودتهم إلى غرفة معادلة الضغط ودخولهم مركبة الهبوط وخلع خوذاتهم. كما ذكر رواد محطة الفضاء الدولية، بعد الانتهاء من السير في الفضاء، أنهم شعروا بنفس رائحة البارود إلى جانب نفحات من الأوزون ورائحة تشبه لحم البقر المحروق.

وضع العلماء نظريتين لتفسير هذه الظاهرة، الأولى تشير إلى أن ذرات الأكسجين المفردة يمكن أن تلتصق بالبدلة الفضائية أثناء سير رائد الفضاء في الفضاء، وعند العودة إلى غرفة معادلة الضغط تتحد مع الأكسجين الجزيئي لتكوين الأوزون، ما يفسر الرائحة المعدنية اللاذعة التي يشعر بها الرواد.

تشير النظرية الثانية إلى أن الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات (PAHs)، الموجودة في الأطعمة المتفحمة مثل الخبز المحمص واللحم المشوي، تتواجد أيضًا بكثرة في الفضاء وبين النجوم. وبما أنها متوفرة في النظام الشمسي، يمكن لرواد الفضاء التقاطها وإحضارها إلى محطة الفضاء الدولية أو كبسولاتهم، ما قد يفسر رائحة اللحم المحروق التي يلاحظونها.

تتعامل ناسا مع روائح الفضاء

تتعامل ناسا مع روائح الفضاء باعتبارها أكثر من مجرد فضول علمي، ففي عام 2008، كلفت الوكالة الكيميائي ستيفن بيرس من شركة أوميغا إنجريدينتس، المتخصصة في العطور والنكهات، بإعادة إنتاج روائح الفضاء لتدريب رواد الفضاء.

 وتهدف هذه التجربة إلى تمكين الرواد من التمييز بين رائحة الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات على بدلاتهم الفضائية وتسربات كيميائية محتملة على متن محطة الفضاء الدولية.كما أظهرت مراقبات مذنب “67P/تشوريوموف-جيراسيمنكو” أن رائحته تتكون من مزيج كريه يشبه البيض الفاسد والبول والمخللات.

ماذا عن الفضاء الأبعد؟

للأماكن الأخرى في الكون أيضًا روائح فريدة، في حال تمكن البشر من السفر لمسافات بعيدة لاستنشاقها، فعندما اقتربت مركبة روزيتا التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية من المذنب 67P/تشوريوموف-جيراسيمنكو عام 2014، رصدت هالة غازية غنية بالجزيئات حول نواته الصلبة.

 تضمنت هذه الجزيئات؛ كبريتيد الهيدروجين المسؤول عن رائحة البيض الفاسد، والأمونيا التي تذكر برائحة البول، وسيانيد الهيدروجين ذو رائحة اللوز، وثاني كبريتيد الكربون ذي الرائحة الحلوة، والفورمالديهايد ذو الرائحة المخللة.

من المحتمل أن تُستشعر هذه الروائح الكونية، لكنها ستكون ضعيفة نسبيًا، إذ تتكون الغالبية العظمى من ذؤابة المذنب من بخار الماء وثاني أكسيد الكربون.

أحد الأماكن التي يمكن لغلافها الجوي الاحتفاظ بالروائح هو تيتان، أكبر أقمار زحل، إلا أن الغلاف الجوي لا يتيح التنفس، إذ يفتقر للأكسجين ودرجات الحرارة تصل إلى 292 درجة فهرنهايت تحت الصفر (179.6 درجة مئوية تحت الصفر) ولو أمكن استنشاق الهواء هناك، فإن تيتان ستفوح برائحة تشبه البنزين.

ليس من المفاجئ أن تفوح رائحة البنزين من تيتان، فالبنزين يُصنع من النفط الخام الغني بالهيدروكربونات، وهي جزيئات من الهيدروجين والكربون مثل الميثان والإيثان، ويحتوي غلاف تيتان الجوي على ضباب كثيف من الهيدروكربونات، فيما تشكل الهيدروكربونات السائلة على سطحه بحيرات وأنهارًا زيتية، ومع ذلك، يبقى الميثان، الهيدروكربون السائد هناك، عديم الرائحة.

حددت مركبة كاسيني التابعة لناسا مادة كيميائية مجهولة في الغلاف الجوي الضبابي لتيتان، وأظهرت تجارب مختبرية على الأرض أنها جزيء يحتوي على النيتروجين والميثان والبنزين، وينتمي إلى عائلة جزيئات النيتروجين العطري متعدد الحلقات(PANHs) ، ويعزى الرائحة البترولية النفاذة لتيتان إلى وجود البنزين ضمن هذه الجزيئات، وهو نفس المركب المعروف في البنزين الأرضي.

هل للكون روائح أخرى؟

على بعد أقل من 400 سنة ضوئية من مركز مجرة درب التبانة، توجد سحابة القوس B2، وهي سحابة جزيئية بين نجمية غنية بالغاز والغبار، تتميز بتنوع كيميائي عطري كبير. فهي تحتوي على كميات كبيرة من الكحول، بما في ذلك كحول الفينيل والميثانول والإيثانول، وهو نفس نوع الكحول الموجود في البيرة.

وفي عام 2009، اكتشف علماء الفلك أيضًا جزيء فورمات الإيثيل في السحابة، وهي المادة الكيميائية التي تمنح التوت والروم عبيرًا حلوًا.

اقرأ أيضًا :

صخور الفضاء قد تستخدم لبناء أول مستعمرة على المريخ.. كيف ذلك؟

السفر إلى الفضاء يسرع عملية الشيخوخة

40 عامًا على وجود أول عربي في الفضاء

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

لماذا لا تستطيع نماذج الذكاء الاصطناعي الحالية إحداث ثورة علمية؟

المقالة التالية

إنفوجرافيك| التحدي البيئي للأزياء.. عندما تصبح الملابس عبئًا على الكوكب