logo alelm
كيف نرث الصفات من أجدادنا؟ .. رحلة مذهلة عبر الحمض النووي

يحمل الإنسان في داخله أكثر من 20,000 جين موزعة على 23 زوجًا من الكروموسومات، وهذه الجينات هي التي تحدد شكلنا وطريقة عمل أجسامنا ونمونا عبر الزمن. هذا الكنز الوراثي الذي نحمله يحكي قصة طويلة تمتد لآلاف السنين، قصة تربطنا بأجدادنا وأسلافنا البعيدين.

الحمض النووي.. دليل التعليمات الشامل

يتكون الحمض النووي (DNA) من حوالي 3 مليارات “حرف” مرتبة في تسلسلات مختلفة، وهي أدينين (A) وسيتوزين (C) وجوانين (G) وثايمين (T). هذه الحروف تشكل “كتاب التعليمات” الشامل لكل كائن حي، والذي يحدد كيفية صنع البروتينات التي تؤثر على صفاتنا المختلفة.

معظم الحمض النووي موجود في نواة الخلايا، لكن جزءًا منه يوجد في الميتوكوندريا – “بيوت الطاقة” في الخلايا. هذا الحمض النووي الميتوكوندري يُورث من الأم فقط، مما يجعله أداة قيمة لتتبع الأصول في السلالة الأنثوية.

الإنسان والحيوانات.. تشابه مذهل في الحمض النووي

من أكثر الاكتشافات إثارة في علم الوراثة أن البشر يتشاركون 99.9% من جيناتهم مع بعضهم البعض. لكن الأمر الأكثر إدهاشًا هو مستوى التشابه مع الحيوانات الأخرى. فنحن نتشارك حوالي 90% من الحمض النووي مع الشمبانزي، و85% مع الفئران، وحتى 70% مع أسماك الزرد.

هذا التشابه يعكس رحلة التطور الطويلة التي بدأت منذ 3.77 مليار سنة على الأقل، عندما ظهرت أولى أشكال الحياة على الأرض. الأنواع الأقرب لبعضها تحمل تعليمات وراثية متشابهة أكثر من الأنواع البعيدة.

جريجور مندل.. أبو علم الوراثة

في القرن التاسع عشر، وضع العالم جريجور مندل (1822-1884) الأسس العلمية لعلم الوراثة من خلال تجاربه على نباتات البازلاء. أمضى تسع سنوات في زراعة ومراقبة حوالي 28,000 نبتة، واكتشف قوانين الوراثة السائدة والمتنحية.

أثبت مندل أن بعض الصفات مسيطرة وتظهر حتى لو ورثت من أحد الوالدين فقط، بينما الصفات المتنحية تحتاج لوراثتها من كلا الوالدين لتظهر. هذه الاكتشافات كانت ثورية في عصرها، رغم أن العلماء لم يفهموا دور الحمض النووي حتى أربعينيات القرن العشرين.

اكتشاف الأصول من خلال الحمض النووي

اليوم، تتيح اختبارات الأصول الوراثية للأشخاص تتبع تاريخ عائلاتهم من خلال عينات اللعاب. هذه الاختبارات تبحث عن تغيرات وراثية فريدة تنتقل عبر الأجيال وترتبط بمناطق جغرافية محددة.

يمكن لهذه الاختبارات حتى الكشف عن وجود الحمض النووي النياندرتالي في جينومنا. فقد تزاوج البشر المعاصرون مع النياندرتال (الإنسان البدائي) لآلاف السنين قبل انقراضهم منذ 40,000 سنة، وما زالت آثارهم الوراثية موجودة في جينومات الأشخاص من أصول أوروبية وآسيوية.

الأمراض والوراثة

ليست كل الأمراض وراثية، لكن 5-10% من حالات السرطان فقط تنتج عن طفرات وراثية موروثة. بعض الطفرات في جينات مثل BRCA1 وBRCA2 ترتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي والمبيض. معظم المشاكل الصحية تنتج عن تفاعل معقد بين العوامل الوراثية والبيئية ونمط الحياة.

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

البرتغال أحدث المنضمين لقافلة الاعتراف بدولة فلسطين

المقالة التالية

اليوم العالمي للرياضة الجامعية.. عقول وأجسام للمستقبل

كيف نرث الصفات من أجدادنا؟ .. رحلة مذهلة عبر الحمض النووي - العلم