logo alelm
الأرض تحتضن 6 أقمار مصغّرة في مدارها.. من أين جاءت هذه الشظايا؟

في السماء المظلمة، حيث تتقاطع مسارات الصخور والغبار، تدور أجسام صغيرة تكاد تختفي عن العيون، لكنها تؤدي رقصة عابرة حول الأرض.

هذه الأجسام، التي يسميها العلماء «الأقمار المصغّرة» (Minimoons)، ليست سوى شظايا من القمر نفسه، تتحرر بفعل اصطدامات عنيفة، لتدخل في مدار الأرض لفترة قصيرة، ثم تعود إلى رحلتها الأبدية حول الشمس. يثير هذا المشهد الفضولي تساؤلات عميقة: هل يمكن أن يكون للأرض أكثر من قمر واحد في اللحظة ذاتها، حتى لو كان بحجم سيارة صغيرة؟

كيف تولد هذه الأقمار؟

عندما تصطدم نيازك بالقمر، تتطاير أجزاء من سطحه بفعل الانفجارات، فينطلق غبار وصخور بأحجام متفاوتة إلى الفضاء، وينجذب الجزء الأكبر من هذه المواد إلى الشمس بفعل جاذبيتها الأقوى، لكن نسبة منها تنحرف إلى مدار الأرض مؤقتًا.

وبحسب دراسة حديثة نُشرت في مجلة Icarus، فإن نحو خمس هذه الشظايا قد تتحول إلى «أقمار مصغّرة» تظل محيطة بالأرض لفترة قد تمتد إلى تسعة أشهر.

يشبه روبرت جيديكه، الباحث بجامعة هاواي وأحد مؤلفي الدراسة، هذه الظاهرة برقصة مربعة «يتبادل فيها الشركاء أماكنهم باستمرار، وقد يغادرون الرقصة لبعض الوقت».

هذا الوصف لا يقتصر على الصور البلاغية، بل يكشف عن حالة دائمة من التغير وعدم الاستقرار في مسار هذه الشظايا.

كم عددها فعلًا؟

تشير الحسابات النظرية إلى أن نحو 6 أقمار مصغّرة قد تدور حول الأرض في أي لحظة، لكنها ليست أرقامًا ثابتة، إذ يقر جيديكه بأن «هامش الخطأ ضخم جدًا»، ما يجعل الأمر أشبه بتوقع حركة حبات الرمل وسط العاصفة.

بعض هذه الأجسام يبقى شهورًا، وبعضها يختفي سريعًا، بينما يظهر غيرها ليحل محله، ومن الأمثلة الشهيرة «كاموأوليفا» (Kamoʻoalewa)، الجسم الذي اكتشف عام 2016، وتبين لاحقًا أنه قطعة قديمة من القمر، تعود إلى حادث اصطدام عنيف قبل ملايين السنين.

لماذا يصعب اكتشافها؟

رغم التطور المذهل للتلسكوبات، يبقى رصد هذه الأجسام مهمة شبه مستحيلة، فحجمها الصغير -ما بين مترين وستة أمتار تقريبًا- يجعلها أشبه بنقاط باهتة على شاشة سوداء. والأدهى أنها تتحرك بسرعة كبيرة، تاركة آثارًا على الصور أشبه بخطوط ضبابية، بدلًا من النقاط الواضحة التي يبحث عنها الفلكيون.

يوضح جيديكه: «اكتشاف جسم بهذا الحجم يعني أن يكون قريبًا بما يكفي ليظهر بوضوح، لكن هذا القرب يجعله يتحرك بسرعة هائلة عبر السماء».

هل هناك قيمة لهذه الأقمار المصغّرة؟

من منظور علمي، تمثل هذه الأجسام نافذة لفهم ماضي النظام الشمسي، حيث إن تحليل مكوناتها قد يمنح الباحثين أدلة حول كيفية تشكل القمر، أو حتى كيفية تعامل الأرض مع اصطدامات النيازك الكبرى.

أما من الناحية الاقتصادية، فقد تتحول هذه الأقمار الصغيرة إلى فرص ذهبية، إذ يمكن للشركات المستقبلية استغلال قربها لتجربة عمليات التعدين الفضائي، بدلًا من القيام برحلات بعيدة إلى حزام الكويكبات.

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

إنفوجرافيك| ارتفاع جديد في الصادرات غير البترولية السعودية

المقالة التالية

الذهب أم الألماس.. أيهما الأكثر ندرة في العالم؟