في قلب الصحراء السعودية، تقف صخرة النصلة شامخة، كأنها منحوتة عمدًا لتكون أعجوبة بهذا الشكل، لكنها في الحقيقة نتاج التفاعلات الطبيعية عبر ملايين السنين. هذه الكتلة الصخرية الواقعة في محافظة تيماء جنوب غرب منطقة تبوك، تحوّلت إلى معلم أثري وسياحي بارز، يجذب الزوار والباحثين على حد سواء، ولكن ما التفسير العلمي الأقرب لانشطار الصخرة بهذا القدر؟ هذا ما سنبرزه في هذا المقال
تتكون صخرة النصلة من الحجر الرملي، وهو نفسه تكوين الجبال المحيطة بها. يبلغ ارتفاعها نحو 8 أمتار، وتنقسم بدقة مذهلة إلى نصفين متماثلين تقريبًا، يفصل بينهما شق ضيق لا يتعدى 10 سنتيمترات. يستند كل جزء من الصخرة على قاعدة طبيعية ضيقة، منحوتة بتأثير الرياح والعوامل الجوية، في مشهد يثير الدهشة والفضول العلمي.
رغم تعدد التفسيرات حول سبب هذا الانقسام الدقيق، يتفق الجيولوجيون على أن زحزحة الجانب الأيسر للصخرة، الذي يُعد أضعف من نظيره الأيمن، هو ما أدى إلى الانشطار. القاعدة الشمالية، التي تحمل الجزء الأيسر من الصخرة، تبدأ بعرض يقارب المترين، ثم تمتد لتصل إلى ثلاثة أمتار، لكنها تعود لتضيق تدريجيًا حتى تصل إلى عرض لا يتجاوز 50 سنتيمترًا، ما يجعل توازن هذا الجزء من الصخرة ملفتًا للانتباه. في المقابل، يبلغ عرض القاعدة الجنوبية التي تحمل الجزء الأيمن من الصخرة مترًا واحدًا، لكنها أكثر اتساقًا من حيث الشكل والاستقرار.
صخرة النصلة ليست مجرد تشكيل صخري؛ بل هي سجل تاريخي منقوش على سطحها. تظهر على واجهتها نقوش ثمودية تعود إلى أكثر من 3 آلاف عام، ورسوم لحيوانات مثل الخيول العربية والطيور والزواحف. إحدى النقوش تشير إلى اسم مالك حصان، ما يدل على أن الصخرة كانت نقطة مرجعية مهمة للقوافل والمسافرين.
تقع صخرة النصلة على بعد 5 كيلومترات جنوب مدينة تيماء، ونحو 319 كيلومترًا من مدينة تبوك. وتعد تيماء منطقة تاريخية مرّت بها حضارات عدة، لما تتمتع به من موارد طبيعية، كالماء والتربة الخصبة والمناخ المعتدل، وكانت مركزًا اقتصاديًا وتجاريًا هامًا في العصور القديمة.
تُعرف الصخرة محليًا باسم “حصاة النصلة”، نسبة إلى انفرادها عن الجبال القريبة، وتشترك في هذا الاسم مع صخرة “عنترة” الشهيرة في محافظة عيون الجواء بمنطقة القصيم، المرتبطة بالشاعر العربي عنترة بن شداد، مما يعكس الأثر الثقافي واللغوي المتجذر في تسمية المعالم الجيولوجية بالمملكة.