ديك تشيني.. رحيل أقوى نائب رئيس في تاريخ أمريكا

نوفمبر ٤, ٢٠٢٥

شارك المقال

ديك تشيني.. رحيل أقوى نائب رئيس في تاريخ أمريكا

توفي اليوم الثلاثاء، نائب الرئيس الأمريكي الأسبق ديك تشيني، أحد أكثر الشخصيات نفوذًا وإثارة للجدل في السياسة الأمريكية الحديثة، عن عمر ناهز 84 عامًا، بعد صراع مع الالتهاب الرئوي ومضاعفات أمراض القلب والأوعية الدموية، بحسب بيان صادر عن عائلته.

ووُصف رحيل تشيني بأنه نهاية لمسيرة سياسية حافلة امتدت لأكثر من أربعة عقود، تدرّج خلالها من العمل في البيت الأبيض خلال إدارة جيرالد فورد إلى أن أصبح أقوى نائب رئيس في تاريخ الولايات المتحدة في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، وصاحب الدور الأبرز في رسم سياسات الحرب على الإرهاب وغزو العراق عام 2003.

وفي بيان نعي العائلة، قالت أسرته: “كان ديك تشيني رجلًا عظيمًا ومخلصًا، علّم أبناءه وأحفاده حب الوطن، وعاش حياة تتسم بالشجاعة والاحترام والمحبة”.

من هو ديك تشيني؟

وُلد ريتشارد بروس تشيني في لينكولن، نبراسكا عام 1941، ونشأ في وايومنغ حيث بدأ اهتمامه المبكر بالسياسة. والتحق بجامعة ييل لكنه لم يُكمل دراسته هناك، قبل أن يحصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة وايومنغ. وبدأ ديك تشيني مسيرته في واشنطن عام 1968 كمساعد للنائب الجمهوري ويليام ستيجر، ثم شق طريقه سريعًا في أروقة السلطة ليصبح رئيسًا لموظفي البيت الأبيض في عهد الرئيس جيرالد فورد وهو في الرابعة والثلاثين من عمره فقط، ليُسجّل اسمه كأصغر من شغل هذا المنصب في تاريخ الولايات المتحدة.

ولاحقًا، أمضى ديك تشيني عقدًا من الزمن في الكونغرس الأمريكي ممثلًا عن ولايته، واكتسب سمعة بوصفه أحد أبرز المحافظين وأكثرهم انضباطًا وتأثيرًا. وفي عام 1989، تولى منصب وزير الدفاع في إدارة الرئيس جورج بوش الأب، حيث قاد البنتاغون خلال حرب الخليج الأولى (1990–1991) التي انتهت بتحرير الكويت من الاحتلال العراقي.

وبين فترتي عمله في الحكومات الجمهورية، تولّى تشيني رئاسة شركة هاليبرتون للطاقة ومقرها دالاس، وهي واحدة من كبرى شركات الخدمات النفطية في العالم، مما زاد من مكانته الاقتصادية والسياسية قبل أن يعود إلى واشنطن عام 2000 كنائب للرئيس جورج دبليو بوش.

نائب الرئيس الذي تجاوز دوره التقليدي

حوّل تشيني موقع نائب الرئيس من دورٍ بروتوكولي محدود إلى مركز نفوذٍ فعلي داخل الإدارة. فقد كان اليد اليمنى لبوش في قضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية، خصوصًا بعد هجمات 11 سبتمبر 2001. وكان من أبرز مهندسي الحرب على الإرهاب، ودافع بقوة عن استخدام أساليب الاستجواب القاسية، وعن إنشاء مراكز الاحتجاز السرية التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية، وهي سياسات أثارت انتقادات واسعة داخل الولايات المتحدة وخارجها.

كما كان ديك تشيني من أوائل المروجين لغزو العراق، مستندًا إلى مزاعم امتلاك نظام صدام حسين لأسلحة دمار شامل وعلاقاته بتنظيم القاعدة – وهي مزاعم ثبت لاحقًا عدم صحتها – ومع ذلك ظل تشيني يؤكد حتى وفاته أنه كان “على حق” في قراراته تلك. وبعد مغادرته المنصب في عام 2009، نأى تشيني بنفسه عن الأضواء، لكنه عاد للواجهة خلال حقبة دونالد ترامب، منتقدًا بشدة توجه الحزب الجمهوري تحت قيادته.

ووقف ديك تشيني إلى جانب ابنته ليز تشيني، النائبة الجمهورية التي تحدّت ترامب ورفضت أكاذيبه بشأن نتائج انتخابات 2020، ووصف ترامب في أحد تصريحاته بأنه: “أخطر تهديد واجهته جمهوريتنا في تاريخها الحديث”. وفي خطوة فاجأت الأوساط السياسية، أعلن في 2024 أنه سيُصوّت لصالح المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس ضد ترامب، مؤكدًا أن “الولاء للدستور أهم من الولاء للحزب”.

وعلى الرغم من أن مؤيديه يعتبرونه رجل دولة صلبًا خدم بلاده بثبات في أوقات الأزمات، يرى منتقدوه أنه مهندس حروبٍ مكلفة زعزعت الشرق الأوسط وعمّقت الانقسام داخل الولايات المتحدة. وظل تشيني طوال حياته يعاني من مشاكل قلبية مزمنة، وأُجريت له عدة عمليات جراحية بينها زرع قلب عام 2012. وكان يقول مازحًا في سنواته الأخيرة: “أستيقظ كل صباح ممتنًا لهبة يومٍ جديد”.

اقرأ أيضًا:
جافين نيوسوم.. أول منافس محتمل على مقعد رئيس أمريكا 2028
إنفوجرافيك| جورجيا ميلوني.. رئيسة وزراء إيطاليا المثيرة للجدل
خالد العناني.. أول عربي ومصري يفوز برئاسة اليونسكو

الأكثر مشاهدة

أحصل على أهم الأخبار مباشرةً في بريدك


logo alelm

© العلم. جميع الحقوق محفوظة

Powered by Trend'Tech