ما الذي يحدث في مدينة الفاشر السودانية؟

أكتوبر ٢٧, ٢٠٢٥

شارك المقال

ما الذي يحدث في مدينة الفاشر السودانية؟

تتصاعد حدة الأزمة الإنسانية في إقليم دارفور غرب السودان، مع تجدد القتال في مدينة الفاشر بين الجيش وقوات الدعم السريع، وسط تقارير عن مجاعة وانتهاكات واسعة ضد المدنيين، وذلك عقب إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على المدينة.

وفي خضم هذه التطورات، دعا حاكم الإقليم، مني مناوي، إلى تدخل عاجل لحماية المدنيين. وقال مناوي، اليوم الاثنين، “نطالب بحماية المدنيين والإفصاح عن مصير النازحين، وإجراء تحقيق مستقل في الانتهاكات والمجازر التي ترتكبها قوات الدعم السريع بعيداً عن الأنظار”.

وأعلنت قوات الدعم السريع، أمس الأحد، سيطرتها الكاملة على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور في غرب السودان، والتي تُعد آخر مركز إداري رئيسي في الإقليم كان لا يزال خاضعًا لسيطرة الجيش السوداني.

انفلات أمني وعمليات قتل ونهب

وتأتي تصريحاته في وقت أعلنت فيه “شبكة أطباء السودان” أن قوات الدعم السريع نفذت عمليات تصفية بحق عشرات المدنيين على أساس عرقي في مدينة الفاشر، إضافة إلى نهب المرافق الطبية والصيدليات.

وقالت “شبكة أطباء السودان”، في بيان صحفي، إن قوات الدعم السريع ارتكبت مساء الأحد عمليات قتل استهدفت مدنيين عُزّل في مدينة الفاشر على أساس عرقي، مشيرة إلى أن التقارير الواردة من فرقها الميدانية تفيد بأن أعداد الضحايا “تفوق العشرات”، وسط صعوبة في الوصول إلى المناطق المنكوبة نتيجة “الانفلات الأمني الكامل” الذي تسببت به تلك القوات.

وأكدت الشبكة أن ما يجري في الفاشر “يرتقي إلى مستوى القتل الجماعي”، لافتة إلى أن قوات الدعم السريع قامت بـ”نهب المستشفيات والمرافق الطبية والصيدليات” في المناطق التي سيطرت عليها.

وحملت “شبكة أطباء السودان” قوات الدعم السريع المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم التي تشهدها مدينة الفاشر، مطالبة الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية والمجتمع الدولي بـ”تحرك فوري وفعّال لوقف المجازر، وحماية المدنيين، وضمان محاسبة المسؤولين عنها أمام العدالة الدولية”.

وفي سياق متصل، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، اليوم الاثنين، من “تصعيد مروّع للنزاع” في مدينة الفاشر، معبّرًا عن قلقه العميق إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية هناك. وقال غوتيريش، في تصريحات للصحافيين خلال زيارته إلى ماليزيا، إن ما يجري في الفاشر “يمثل تصعيدًا مروّعًا في النزاع”، مؤكدًا أن “مستوى المعاناة التي يشهدها السودان لا يمكن تحمّله”.

إعلان السيطرة الكاملة على الفاشر

وكان مستشار قائد قوات الدعم السريع، الباشا محمد طبيق، قد أعلن أن السيطرة الكاملة على مدينة الفاشر تمثل “نقطة تحول كبرى” في الصراع الدائر، مؤكداً أن الهدف المقبل يتمثل في “تحرير كامل التراب السوداني”.

واعتبر طبيق، خلال حديثه إلى التاسعة على سكاي نيوز عربية، أن ما وصفه بـ”الانتصار العظيم” في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، يمثل تحولاً جوهرياً في موازين القوى الميدانية، مشيراً إلى أن السيطرة على مقر قيادة الجيش هناك تُعدّ “تحريراً لخط الدفاع الغربي الأول للسودان”.

وأوضح أن الفاشر كانت تضم أكثر من 40 ألف جندي من الجيش وقوات الأمن والمستنفرين والحركات المسلحة، لافتاً إلى أن موقعها الاستراتيجي يجعلها عقدة ربط بين ولايات دارفور وكردفان والخرطوم. وأضاف أن السيطرة عليها “تفتح الطريق أمام التقدم نحو مدن رئيسية أخرى مثل الأبيض وكوستي”.

وصف طبيق العملية بأنها “التحرير الأكبر”، مؤكداً أنها تمهد لإعادة رسم الخارطة العسكرية في السودان، وتمثل ما أسماه “التحول العملياتي الشامل” في مسار الحرب.

كما شدد على أن ما حدث في المدينة يُعد “تحريرًا من المجموعات المتطرفة” المرتبطة بالحركة الإسلامية و”الإخوان”، في إشارة إلى الخصوم السياسيين والعسكريين لقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).

وأوضح طبيق أن المعركة كانت “حاسمة ومفصلية”، مشيرًا إلى أن الجيش السوداني “حشد فيها عناصر متطرفة ومرتزقة” لكون الفاشر تُعد “المدينة الفاصلة في الحرب الدائرة الآن”.

وأضاف أن الانتصارات التي تحققت جاءت تنفيذًا لتوجيهات القائد العام لقوات الدعم السريع، الفريق أول عبد الرحيم دقلو، الذي أصدر أوامر صريحة بـ”تحرير كامل السودان من الجماعات الإرهابية والمتطرفة”. وأكد طبيق أن الصراع لا يستهدف الجيش السوداني كمؤسسة وطنية، بل “المجموعات التي اختطفت المؤسسة العسكرية لخدمة أيديولوجيات دينية متشددة”، على حد تعبيره.

رغم الطابع العسكري الحاد لتصريحات مستشار قائد قوات الدعم السريع، الباشا محمد طبيق، فقد أكد أن “الأوضاع الإنسانية تمثل أولوية قصوى”، مشيرًا إلى فتح ممرات آمنة للمدنيين وتوفير مناطق لجوء داخل الفاشر وخارجها، مع تعهدات بعدم التعدي على ممتلكات المواطنين ومحاسبة المخالفين، كما تعهّد بفتح المدينة أمام عودة الأهالي ووصول المساعدات الإنسانية، قائلًا “الوضع يتحول تدريجيًا نحو الاستقرار”.

وفي موازاة ذلك، أبدى طبيق ترحيبًا بالمبادرات الإقليمية والدولية لإنهاء الصراع، موضحًا أن قوات الدعم السريع مستعدة للنظر في “هدنة حقيقية لمدة ثلاثة أشهر لتسهيل الإغاثة”، لكنه حمّل الجيش السوداني مسؤولية فشل جولات التفاوض السابقة عبر “الاستعانة بجماعات متشددة”.

وأكد أن العمليات العسكرية “لن تتوقف حتى تحرير كامل السودان من المجموعات المتطرفة”، معتبرًا أن “التحرير العسكري هو المدخل لبناء دولة مدنية جديدة”. ورغم حديثه عن الانفتاح على جهود السلام، فإن خطابه عكس تمسكًا بخيار الحسم العسكري، في وقت يرى فيه المجتمع الدولي أن الحل لا يمكن أن يكون إلا سياسياً.

اقرأ أيضًا :

الرباعية الدولية لحل أزمة السودان.. التحديات تُعيق جهود التسوية

إنفوجرافيك| مدينة الفاشر.. صراع يلتهم المدنيين

فيضانات السودان.. ما علاقة سد النهضة بما يحدث؟

 

الأكثر مشاهدة

أحصل على أهم الأخبار مباشرةً في بريدك


logo alelm

© العلم. جميع الحقوق محفوظة

Powered by Trend'Tech