تحولت مدينة الفاشر، عاصمة إقليم دارفور، إلى بؤرة لأزمة إنسانية كارثية في السودان بسبب الحصار، حيث يواجه مئات الآلاف من المدنيين الموت جوعًا أو تحت القصف المتبادل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
تجددت الدعوات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، لفك الحصار المفروض على مدينة الفاشر، التي تعد مركزًا حيويًا للعمليات الإنسانية في ولايات دارفور الخمس.
وتأتي هذه الدعوات في وقت يتواصل فيه نزوح المدنيين بشكل متسارع هربًا من انعدام الأمن المتزايد، حيث سجلت المنظمة الدولية للهجرة نزوح 770 شخصًا من المدينة خلال 48 ساعة فقط في الأسبوع الأول من شهر أكتوبر الجاري، ليكشف هذا الرقم عن جزء ضئيل من معاناة مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين داخلها منذ أكثر من 500 يوم.
ويحتدم الصراع العسكري على الأرض ليجعل من البقاء في مدينة الفاشر خيارًا محفوفًا بالمخاطر، إذ أفادت لجنة “أطباء السودان” بمقتل 12 شخصًا قبل أيام قليلة، جراء قصف مدفعي عنيف شنته قوات الدعم السريع واستهدف بشكل مباشر مستشفى الفاشر، في هجوم يسلط الضوء على الكلفة البشرية الباهظة التي يدفعها المدنيون العالقون بين طرفي النزاع.
وفي سياق متصل، يؤكد الجيش السوداني تصديه لهجوم شنته قوات الدعم السريع على المحور الجنوبي للمدينة، معلنًا سيطرته على مواقع دفاعية متقدمة كانت تابعة لخصومه.
وذكر الجيش في بيان له أنه تمكن من الاستيلاء على 6 مركبات قتالية بكامل عتادها، بالإضافة إلى تدمير 6 مركبات أخرى بينها مدرعات، في محاولة منه لتأمين مواقعه داخل مدينة الفاشر.
وبينما يحاول الجيش كسر الطوق عبر عمليات نوعية وإسقاط جوي لم يغير الواقع الميداني بشكل جذري، تواصل قوات الدعم السريع فرض حصارها الخانق على المدينة منذ شهر مايو 2024، بهدف السيطرة عليها وإحكام قبضتها على الإقليم.
وتنتظر فيه عشرات الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية العاجلة، التي أعدتها الأمم المتحدة، موافقة قوات الدعم السريع للسماح لها بالدخول، بعد أن منحتها الحكومة السودانية الضوء الأخضر، لتبقى حياة المحاصرين معلقة على قرار ميداني.
وعلى الصعيد السياسي، دفعت أزمة مدينة الفاشر القوى السياسية لابتدار حوارات داخلية لمعالجة جذور الأزمة السودانية، حيث أكد معتز عثمان، المتحدث باسم تحالف الكتلة الديمقراطية، الحرص على سلام شامل “يستوعب كل المتغيرات ويوقف صوت البندقية”، بينما أعرب أحمد بكر، المتحدث باسم مجلس الصحوة، عن تفاؤله بسلام “حقيقي يحقق طموحات الشعب السوداني في الاستقرار والتنمية”، ليبقى الأمل معقودًا على أن تنجح هذه الجهود في إنقاذ مدينة الفاشر وبقية مدن السودان.