كيف يرى قادة التقنية مستقبل الذكاء الاصطناعي؟

ديسمبر ١٧, ٢٠٢٥

شارك المقال

كيف يرى قادة التقنية مستقبل الذكاء الاصطناعي؟

مع تسارع التطورات التقنية خلال السنوات الأخيرة، أصبح الذكاء الاصطناعي أحد أبرز محركات التغيير في العالم الحديث، مؤثرًا على الاقتصاد والمجتمع وسوق العمل بشكل غير مسبوق. ويرى المؤيدون للذكاء الاصطناعي أن هذه التقنية توفر إمكانيات كبيرة لتعزيز الإنتاجية البشرية وتخفيف عبء الأعمال الشاقة. ويشير هؤلاء إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحسن مجالات الطب والتعليم، كما يسرّع من وتيرة الابتكار العلمي والتقني.

وفي السطور التالية نستعرض آراء أبرز الشخصيات المؤثرة في مجال التقنية والذكاء الاصطناعي.

سام ألتمان.. مستقبل الذكاء الاصطناعي الخارق

يشغل سام ألتمان منصب الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، ويُعد من أبرز المتحدثين حول مستقبل الذكاء الاصطناعي العام والذكاء الخارق. وعلى مدى السنوات الماضية، طرح ألتمان رؤيته لمستقبل البشرية بالتوازي مع تطور أنظمة الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أن هذه التقنية ستعمل على تحرير البشر من الأعمال الروتينية وزيادة الإنتاجية، عبر التركيز على المهام الأكثر تجريدًا واتخاذ القرارات الأكثر تعقيدًا.

ويرى ألتمان أن الذكاء الاصطناعي العام سيخلق ما يسميه "ذكاءً مشتركًا"، معززًا فرص الازدهار الاقتصادي والاجتماعي. وفي مقابلة أُجريت في مايو 2024 بكلية هارفارد للأعمال، وصف كيف أن كل شخص سيحصل قريبًا على فريق ذكاء اصطناعي شخصي يتضمن خبراء افتراضيين في مختلف المجالات، قادرين على المساهمة في توليد أي شيء يمكن تصوره.

وأضاف التمان في مدونته لعام 2024، أن هذه الأنظمة ستصبح مساعدين شخصيين مستقلين لأداء مهام محددة مثل تنسيق الرعاية الصحية، وأن التطور المستقبلي سيصل إلى مرحلة تجعل الذكاء الاصطناعي قادرًا على تطوير أنظمة أفضل من نفسه، مما يسرع التقدم العلمي والتقني بشكل غير مسبوق. وعن الجدول الزمني للتطور، أشار في يناير 2025 إلى أن "أول وكلاء الذكاء الاصطناعي سينضمون إلى القوى العاملة وسيغيرون الإنتاج بشكل ملموس"، فيما توقع في ديسمبر من نفس العام خلال قمة ديل بوك أن بلوغ الذكاء الاصطناعي العام سيحدث أسرع مما يعتقد معظم الناس، لكنه سيكون أقل تأثيرًا دراماتيكيًا من المتوقع.

وحذّر ألتمان أيضًا من المخاطر المحتملة، مثل فقدان الوظائف أو استخدام الحكومات للذكاء الاصطناعي في المراقبة الجماعية، مؤكدًا ضرورة وضع ضوابط صارمة لضمان استخدام التقنية بشكل مسؤول. واعتبر أن أسوأ السيناريوهات قد تصل إلى "انقطاع التيار الكهربائي عالميًا"، وأن السلامة والتوجيه الصحيح للذكاء الاصطناعي يمثلان أولوية قصوى.

بيل غيتس.. الذكاء الاصطناعي بين الإنتاجية والوظائف

يُعد بيل غيتس، مؤسس شركة مايكروسوفت، من أبرز المؤيدين للذكاء الاصطناعي، لكنه يركز على سرعة تطور هذه التقنية وتأثيرها المباشر على سوق العمل. ويشير غيتس إلى أن الذكاء الاصطناعي يتحرك بوتيرة "تُفاجئه" حتى هو، وأن الخبراء يجدون صعوبة في تحديد متى سيحل محل العمال، سواء خلال سنة واحدة أو عقد كامل.

ووفق غيتس، فإن التقنية اليوم قادرة على أداء وظائف إدارية محددة، مثل المبيعات الهاتفية، بكفاءة تعادل البشر، لكنها لا تزال أقل قدرة في التعامل مع المهام الأكثر تعقيدًا. لكنه يؤكد أن زيادة الإنتاجية الناتجة عن الذكاء الاصطناعي ستتيح للناس وقتًا أكبر لممارسة أنشطة أخرى، من الأعمال الجانبية إلى الإجازات، كما قد تسهم في تحسين ظروف العمل، وتخفيف التوتر، وتسهيل صنع القرار.

ويوضح غيتس أن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل جميع الوظائف، بل سيعيد تشكيلها، ويفتح فرصًا جديدة قد تكون أكثر إبداعًا ومرونة. ويشير إلى أن الشركات بدأت بالفعل تقليص وظائف مبتدئة محددة، لكنه يرى أن النتيجة ليست بالضرورة سلبية، بل قد تسمح بتوزيع الموارد البشرية بشكل أكثر فعالية.

إريك شميدت.. المخاطر الأمنية والذكاء الفضائي

لا يقدم الذكاء الاصطناعي فقط فرصًا اقتصادية، بل يطرح تحديات أمنية. ويعتقد إريك شميدت، الرئيس التنفيذي السابق لشركة غوغل، أن التقدم السريع للذكاء الاصطناعي قد يؤدي قريبًا إلى ظهور ما وصفه بـ "الذكاء الفضائي"، أي قدرة تفوق الإدراك البشري بشكل كبير.

وأشار شميدت إلى أن الأنظمة الذكية معرضة للاختراق، وأن بإمكان المخترقين تجاوز القيود الأمنية عبر حقن البيانات الخبيثة، ما قد يؤدي إلى إنتاج محتوى ضار أو خطير. كما حذر من أن العالم لا يمتلك حاليًا إطارًا شبيهًا بآليات الحد من الانتشار النووي لضمان الاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أن وصول الذكاء الفضائي يمثل حدثًا حيويًا للبشرية ويستحق الانتباه.

وأضاف شميدت أن انتشار الأنظمة الذكية يحدث بسرعة مذهلة، كما يظهر من وصول ChatGPT إلى 100 مليون مستخدم في شهرين فقط، مشيرًا إلى أن الواقع الفعلي للتقنية قد يكون أكبر من التغطية الإعلامية لها.

الاستثمار العالمي والآفاق المستقبلية

بلغ حجم الاستثمارات العالمية في الذكاء الاصطناعي 252.3 مليار دولار عام 2024، بزيادة 44.5% عن العام السابق، وفق تقرير "مؤشر الذكاء الاصطناعي 2025" الصادر عن جامعة ستانفورد. وعلى الرغم من تحذيرات بعض الاقتصاديين من تشابه الفقاعة الحالية مع طفرة الإنترنت في التسعينيات، يرى خبراء مثل شميدت أن الثقة الطويلة الأمد في العوائد الاقتصادية ستدفع المستثمرين للاستمرار في ضخ الأموال، معتبرين أن المخاطر مقبولة مقارنة بالعوائد المحتملة على المدى الطويل.

وتشير تصريحات العديد من قادة التقنية إلى أن الذكاء الاصطناعي سيغير شكل سوق العمل بشكل كبير، لا سيما الوظائف المكتبية التقليدية ووظائف الخدمة. وتوقع داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة Anthropic، أن يصل استبدال الذكاء الاصطناعي لما يصل إلى 50% من وظائف ذوي الياقات البيضاء المبتدئين خلال خمس سنوات، فيما بدأت شركات مثل أمازون وميتـا وIBM بالفعل أتمتة بعض الوظائف التقليدية، مثل خدمة العملاء والمهام الإدارية الروتينية، مع التركيز على الوظائف الإبداعية والمعقدة.

الأكثر مشاهدة

أحصل على أهم الأخبار مباشرةً في بريدك


logo alelm

© العلم. جميع الحقوق محفوظة

Powered by Trend'Tech