logo alelm
فيضانات السودان.. ما علاقة سد النهضة بما يحدث؟

أعلنت وحدة الإنذار المبكر التابعة لهيئة الأرصاد الجوية ووزارة الري في السودان حالة طوارئ من الدرجة القصوى، بعد توقعات بفيضانات واسعة على طول مجرى النيل، تشمل ولايات سنار والنيل الأزرق والخرطوم ونهر النيل والنيل الأبيض، اعتبارًا من صباح الأحد وحتى مساء الثلاثاء.

وقالت الهيئة إن مستويات النيلين الأبيض والأزرق ارتفعت بشكل مقلق قد ينعكس سلبًا على الأراضي الزراعية والقرى القريبة من الضفاف، إضافة إلى تهديد الطرق الحيوية والجسور. ودعت السلطات الأهالي إلى التعامل بجدية مع الوضع عبر إجراءات وقائية مثل قطع الكهرباء في المناطق المغمورة، تجنب عبور السيول، وإبعاد الأطفال وكبار السن عن مناطق الخطر، إلى جانب حماية المحاصيل والوثائق الهامة في أماكن مرتفعة.

وفي تطور متزامن، أطلقت الأرصاد إنذارًا برتقاليًا بخصوص هطول أمطار غزيرة وعواصف رعدية مساء الأحد وحتى فجر الاثنين في جنوب كردفان وأطرافها وأجزاء من دارفور، محذرة من مخاطر السيول المتوقعة. كما شددت على ضرورة فتح المصارف لتصريف المياه والابتعاد عن مجاري السيول حتى وإن بدت ضحلة.

ومن جانبها، أكدت وزارة الزراعة والري أن ولايات الخرطوم والنيل الأبيض ونهر النيل مهددة بارتفاع أكبر في المناسيب خلال الأيام المقبلة، الأمر الذي يستوجب رفع الاستعدادات وتفعيل خطط الطوارئ لمواجهة أي سيناريو محتمل.

سد النهضة وتعقيد أزمة الفيضانات

أوضح وزير الري السوداني الأسبق، الدكتور عثمان التوم، أن إثيوبيا قامت برفع مستوى التخزين في بحيرة سد النهضة إلى ما يتجاوز السقف المعتاد، وذلك لأغراض احتفالية. وأشار إلى أن هذه الخطوة أدت إلى تدفق كميات هائلة من المياه تُقدر بنحو 730 مليون متر مكعب يوميًا خلال الأيام الأربعة الأخيرة، في وقت يتزامن مع قرب انتهاء موسم الفيضان في سبتمبر، وهو ما يزيد من صعوبة التحكم في منسوب النيل ويرفع من احتمالات تعرض السودان لكارثة فيضانية.

وشدد التوم في تصريحات لموقع “العربية.نت” على أن معالجة هذا الموقف تستوجب تحركًا سريعًا وتنسيقًا مباشرًا مع الجانب الإثيوبي لضبط كميات التصريف الخارجة من السد بما يتماشى مع المعدلات الطبيعية. وبيّن أن مثل هذا التنسيق سيسمح بخفض تصريف المياه من سدود الروصيرص وسنار خلال يومين تقريبًا، على أن ينعكس ذلك في تراجع ملحوظ لمستوى النيل شمال الخرطوم بعد نحو خمسة أيام. وأكد أن التعاون بين الخرطوم وأديس أبابا يمثل عنصرًا محوريًا لتجنب أضرار جسيمة، خصوصًا في ظل تدفق غير مسبوق من مياه النيل الأزرق، وهو المصدر الرئيسي الذي يغذي النيل في السودان.

من جانبه، اعتبر أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، إن العام الماضي شهد اكتمال إنشاء سد النهضة الإثيوبي إلى جانب الملء الذي انتهى في 5 سبتمبر 2024، غير أن تشغيل التوربينات المخصصة لتوليد الكهرباء لم يتم تركيبها بالكامل.

وأوضح شراقي في تصريحات لقناة MBC مصر، أن التصميم الأصلي للسد كان يتضمن تركيب 13 توربينًا، لكن إثيوبيا اكتفت بتركيب 4 فقط، وتأجل افتتاح السد رسمياً لحين استكمال التوربينات. وأضاف: “كان من المفترض أن تستهلك هذه التوربينات جزءًا من مخزون البحيرة على مدار العام، ما يؤدي إلى انخفاض منسوبها بما لا يقل عن 50% قبل إعادة الملء مع موسم الأمطار الجديد، لكن ما حدث أن التوربينات لم تعمل تقريبًا”.

وأشار شراقي إلى أن السلطات الإثيوبية تجاهلت الدعوات المتكررة لفتح بوابة واحدة على الأقل لتصريف تدريجي للمياه قبل موسم الأمطار، وهو ما يعد الإجراء الهندسي الطبيعي في إدارة السدود. وتابع: “إثيوبيا تعمدت عدم التصريف حتى لا ينكشف للشعب أن التوربينات معطلة، إذ ظلت تروج داخليًا أن السد يعمل بكفاءة”.

ولفت شراقي إلى أن امتلاء البحيرة بشكل كامل ومع تدفق الأمطار الموسمية تسبب في فيضانها من أعلى السد، الأمر الذي أجبر إثيوبيا على فتح أربع بوابات إضافية، وهو ما أدى إلى حدوث فيضان كبير في السودان. وأوضح: “حاليًا يخرج من السد نحو 750 مليون متر مكعب يوميًا، بينما المعتاد في نهاية سبتمبر ألا يتجاوز 300 مليون متر مكعب، أي أن هناك حوالي 400 مليون متر مكعب إضافية يتم تصريفها يوميًا من المخزونات السابقة”.

وبيّن شراقي أن الوضع الطبيعي منذ افتتاح السد كان يقتضي أن تكون جميع التوربينات الـ13 قد ركبت وتم تشغيلها، مما كان سيؤدي إلى استهلاك كميات كبيرة من المياه. لكن الواقع ـ حسب قوله ـ أن يوم الافتتاح لم يشهد تشغيل أي توربين، والمياه التي خرجت كانت عبر البوابات العلوية فقط، لا عبر التوربينات.

وأشار إلى أن التدفقات الضخمة من بحيرة السد وصلت إلى سد الروصيرص في السودان، الذي كان ممتلئاً بالفعل، فارتفع منسوب النيل الأزرق إلى مستويات تفوق منسوب الفيضان، وهو ما انعكس على النيل الرئيسي ورفع مناسيب المياه في جميع المناطق الواقعة على ضفتيه. وأضاف: “الخطر أن الروصيرص اضطر للتفريغ بأقصى ما يمكن، ومع ذلك ارتفع المنسوب فوق حد الفيضان”.

وكشف شراقي أن السودان لجأ في نهاية أغسطس إلى تصريف كميات كبيرة من المياه استباقًا للوضع، وهذه المياه وصلت إلى السد العالي في مصر مطلع سبتمبر بكميات يومية لا تقل عن 700 مليون متر مكعب. وقال: “لو لم يكن السد العالي موجودًا لغرق جنوب مصر كما حدث في السودان، لكن بفضل السد تم استيعاب هذه الكميات”. وأكد أن مخزون السد العالي ارتفع خلال سبتمبر بنحو مترين، أي ما يعادل 15 مليار متر مكعب من المياه، وهي كميات كان من الممكن أن تغرق مساحات واسعة من الأراضي المصرية في غياب السد.

واختتم شراقي تصريحاته بالتأكيد على أن سد النهضة حجز خلال خمس سنوات ما يقارب 64 مليار متر مكعب من المياه، وهي في الأساس من حصة مصر. وأردف: “السد العالي عوّض هذه الكميات، وهو السبب في أن المواطن المصري لم يشعر بأي نقص في المياه رغم استمرار الملء الإثيوبي”.

اقرأ أيضًا:
سد النهضة.. إثيوبيا تفرض الأمر الواقع على مصر
هل يُهدّد زلزال إثيوبيا بانهيار سد النهضة؟
بعد اشتباكات السودان.. هل يتأثر موقف مصر في أزمة سد النهضة؟

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

إنفوجرافيك| رئيس الهيئة العامة للعقار: لا يوجد احتكار في سوق الإيجار

المقالة التالية

إنفوجرافيك| نقاط بارزة في كلمة وزير البلديات في المؤتمر الصحفي الحكومي