يأتي الاحتفال باليوم الوطني للمملكة العربية السعودية مناسبةً تستحضر فيها الأجيال مسيرة التأسيس التي قادها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، حيث ارتبط هذا اليوم الخالد بحدث إعلان توحيد البلاد عام 1351هـ/1932م، بعد رحلة كفاح امتدت عقودًا، شكلت أبرز ملامح النهضة السعودية الحديثة.
ولد الملك عبد العزيز عام 1293هـ/1877م في الرياض، ونشأ في كنف والده الإمام عبد الرحمن بن فيصل آخر حكام الدولة السعودية الثانية. ومنذ بواكير شبابه بدأت خطواته تتشكل نحو بناء الدولة الحديثة.
في عام 1308هـ/1890م برزت أولى مشاركات الملك عبد العزيز السياسية وهو في الخامسة عشرة من عمره قرب أسوار الرياض، ليشهد بعد عام واحد سقوط الدولة السعودية الثانية عام 1309هـ/1891م.
وبدأت محاولاته المبكرة لاستعادة الرياض عام 1318هـ/1901م، وتوجها باستعادة الرياض عام 1319هـ/1902م، وهو الحدث الذي مثل نقطة تحول محورية وانطلاقة مشروع التأسيس للمملكة. ومنذ ذلك الحين خاض الملك المؤسس سلسلة من المعارك الحاسمة مثل معركة البكيرية والشنانة عام 1322هـ/1904م التي هُزمت فيها القوات العثمانية وحليفها ابن رشيد، وصولًا إلى معركة روضة مهنا عام 1324هـ/1906م التي انتصر فيها على خصمه ابن رشيد وكرست مكانته القيادية. كما زار الملك عبد العزيز ساحل الخليج العربي في عام 1323هـ/ 1905م.
ولم تتوقف إنجازاته عند حدود المعارك، بل مضى في بناء الكيان الموحد، فأسس أول هجرة في البلام في عام 1330هـ/ 1912م، ووحّد الأحساء وطرد العثمانيين عام 1331هـ/1913م. وفي عام 1332هـ/1914م اندلعت الحرب العالمية الأولى، وفي عام 1334هـ/1915م، وتوسط ذلك زيارة للبصرة في عام 1334هـ/ 1916م.
وكان عام 1337هـ/ 1919م محوريً ومؤثرًا في حياة الملك المؤسس، إذ تم إرسال الأمير فيصل بن عبد العزيز إلى بريطانيا ووفاة ثلاثة من أبنائه وزوجته الجوهرة بسبب وباء الإنفلونزا الإسبانية. وعاد الملك بعد ذلك لمواصلة عمله، إذ أبرم معاهدة دارين مع بريطانيا، ثم تابع خطواته نحو توحيد عسموفدًا من الملك عبد العزيز،ير ونجران عام 1338هـ/1920م وحائل عام 1340هـ/1921م، وصولًا إلى ضم الحجاز بما فيه مكة المكرمة عام 1343هـ/1924م والمدينة المنورة وجدة عام 1344هـ/1925م.
في عام 1341هـ/ 1922م أبرم الملك عبد العزيز معاهدة العقير، ثم منح أول امتياز للتنقيب عن الزيت لفرانك هولمز في 1434هـ/1923م، وفي عام 1343هـ / 1924م دخل مكة المكرمة، ثم قام بتوحيد جدة والمدينة المنورة ومناطق الحجاز في 1344هـ / 1925م. وفي منتصف العقد الثالث من القرن العشرين، رسخ الملك عبد العزيز مكانته كقائد مؤسس، فنال البيعة ملكًا للحجاز وسلطانًا على نجد وملحقاتها عام 1344هـ/1926م، ثم ملكًا على الحجاز ونجد وملحقاتها عام 1345هـ/1927م. وفي عام 1346هـ/ 1928 توفى الإمام عبد الرحمن بن فيصل والد الملك عبد العزيز، وجاءت معركة السبلة عام 1347هـ/1929م لتؤكد هيبته السياسية والعسكرية.
أما الحدث الأبرز، فقد كان إعلان توحيد المملكة العربية السعودية عام 1351هـ/1932م، ليضع حجر الأساس لدولة عصرية موحدة تحت راية واحدة. تلا ذلك توقيع أول اتفاقية للتنقيب عن النفط مع الشركة الأمريكية “ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا” وأصبح الأمير سعود وليًا للعهد في عام 1352هـ/1933م، ثم اكتشاف البئر رقم 7 للنفط في الظهران بكميات تجارية عام 1357هـ/1938م، لتبدأ المملكة عهدًا جديدًا من التنمية الاقتصادية.
وعلى الصعيد الدولي، شارك الملك عبد العزيز في معترك السياسة العالمية، حيث شهدت سنوات حكمه توقيع ميثاق هيئة الأمم المتحدة عام 1364هـ/1945م، والمساهمة في تأسيس جامعة الدول العربية. كما التقى بالرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل في ذات العام، في خطوة كرست حضور المملكة على الساحة الدولية.
وشهد عام 1365هـ/ 1946م زيارته إلى مصر، وفي عام 1366هـ/ 1947م قام بزيارته للظهران ومعاينة أعمال أرامكو. واستمرت الإنجازات حتى آخر أيامه، فافتتح سكة حديد الدمام – الرياض عام 1371هـ/1951م، ثم شهدت المملكة تشكيل أول مجلس للوزراء عام 1373هـ/1953م، وهو العام الذي توفي فيه الملك عبد العزيز – رحمه الله – في الطائف ودُفن بالرياض، بعد أن ترك إرثًا خالدًا تتجدد ذكراه مع كل يوم وطني.
اقرأ أيضًا:
اليوم الوطني.. ملامح شخصية المؤسس بعيون ابنه الملك فيصل
الهجر.. قصة مشروع الملك عبد العزيز الأكبر في التاريخ
الملك سلمان.. اهتمام بالمواطن من الإمارة للمُلك