وصل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، اليوم، إلى مدينة نيوم في زيارة خاصة للمملكة العربية السعودية، حيث كان في استقباله ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لدى وصوله مطار خليج نيوم. وتأتي الزيارة لتكون أحدث محطة في تاريخ العلاقات السعودية المصرية المتجذرة.
بدأت العلاقات الحديثة بين البلدين بلقاء الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود بالملك فاروق ملك مصر عام 1364هـ (1945م)، الذي شكّل حجر الأساس لشراكة قوية. وفي العام نفسه وافق الملك عبدالعزيز على “بروتوكول الإسكندرية” معلنًا انضمام المملكة للجامعة العربية. كما وُقّعت اتفاقية الدفاع المشترك بين الرياض والقاهرة في 27 أكتوبر 1955، برئاسة وفد المملكة آنذاك الملك فيصل بن عبدالعزيز. وخلال العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وقفت المملكة بكل ثقلها إلى جانب القاهرة سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا.
وفي 16 مارس 1987، زار الملك سلمان بن عبدالعزيز – حين كان أميرًا للرياض – مصر لافتتاح معرض “المملكة بين الأمس واليوم” في القاهرة. كما استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان الرئيس عبدالفتاح السيسي في قصر اليمامة بالرياض في مارس 2022، بحضور ولي العهد، حيث جرى استعراض العلاقات التاريخية وسبل تطويرها.
ارتقت العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية من خلال تأسيس مجلس التنسيق السعودي المصري، وتوقيع نحو 70 اتفاقية وبروتوكول ومذكرة تفاهم بين الحكومتين. كما كانت مصر من أوائل الدول التي استقبلت الطلبة السعوديين منذ عام 1927 حين أوفد الملك عبدالعزيز أول دفعة تضم 14 طالبًا. وتشير إحصاءات وزارة التعليم إلى وجود 2220 طالبًا سعوديًا يدرسون حاليًا في الجامعات المصرية. كما شهد عام 2020 تأسيس جامعة الملك سلمان الدولية في سيناء، التي تضم 16 كلية و56 برنامجًا في مدن الطور ورأس سدر وشرم الشيخ. وفي المجال الثقافي، سجّل البلدان معًا ملف “الخط العربي” ضمن التراث الثقافي غير المادي في اليونسكو عام 2021.
وفي عام 2020، جرى إنشاء جامعة الملك سلمان الدولية كجزء من مشروعات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لتنمية شبه جزيرة سيناء. وتضم الجامعة 16 كلية و56 برنامجًا أكاديميًا موزعة على ثلاثة فروع في مدن الطور ورأس سدر وشرم الشيخ. وتُصنّف الجامعة ضمن جامعات الجيل الرابع الذكية، حيث تجمع بين أحدث أساليب التعلم الرقمي، والتطبيق العملي، والمعرفة النظرية، إلى جانب دورها في خدمة المجتمع وتنمية البيئة.
بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال الفترة من 2016 إلى 2021 نحو 179 مليار ريال (47.7 مليار دولار)، فيما سجلت الصادرات السعودية غير النفطية إلى مصر ارتفاعًا بنسبة 6.9% عام 2021 لتصل إلى 7.2 مليارات ريال (1.9 مليار دولار). وتستثمر 6285 شركة سعودية أكثر من 30 مليار دولار في السوق المصرية، بينما تعمل 574 شركة مصرية و274 علامة تجارية مصرية في السوق السعودية. وتبلغ قيمة الاستثمارات المصرية في المملكة نحو 4.4 مليارات ريال، يتركز أغلبها في الصناعات التحويلية والتشييد.
وقدمت المملكة وديعة بقيمة 3 مليارات دولار للبنك المركزي المصري خلال جائحة كورونا، ومددت ودائع سابقة بمبلغ 2.3 مليار دولار. وساهم الصندوق السعودي للتنمية بتمويل 32 مشروعًا بقيمة 8.8 مليارات ريال في قطاعات الطرق والكهرباء والمياه والمستشفيات والإسكان. كما يتوقع أن يحقق مشروع الربط الكهربائي فوائد استراتيجية، تشمل تعزيز موثوقية الشبكات الوطنية وتفعيل التبادل التجاري للطاقة.
يقيم في مصر نحو مليون سعودي، بينما يعيش في المملكة 1.7 مليون مصري، ما يعزز الروابط الإنسانية بين الشعبين. كما يفضل السياح السعوديون قضاء إجازاتهم في مصر، حيث يشكّلون النسبة الأكبر بين السياح العرب هناك. وتواصل القيادتان في الرياض والقاهرة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والرئيس عبدالفتاح السيسي، ترسيخ شراكة تاريخية قائمة على المصير المشترك، ووحدة الموقف في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
اقرأ أيضًا:
السعودية ومصر.. شراكة اقتصادية واستثمارية وثيقة
السعودية ومصر تبحثان استخدام العملات المحلية في التجارة.. لماذا؟
السعودية – مصر.. تنسيق ثنائي لحل مشكلات المنطقة