انطلاقًا من العلاقات الأخوية والتاريخية العميقة التي تجمع البلدين، تواصل المملكة العربية السعودية جهودها منذ سبعينيات القرن الماضي لمساندة اليمن ودعم مسارات التنمية والاستقرار فيه، وعلى امتداد العقود، ظل الدعم السعودي حاضرًا في مختلف القطاعات الحيوية، بما يعكس حرص المملكة على تعزيز ازدهار اليمن وتحسين الظروف المعيشية لشعبه.
وفي عام 2018، صدر أمر سامٍ من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بتأسيس البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، ليكون إطارًا مؤسسيًا شاملًا يهدف إلى دعم التنمية المستدامة، ورفع كفاءة التخطيط والتنفيذ، وضمان استمرارية الأثر التنموي للمشاريع والمبادرات في مختلف المناطق اليمنية.
رؤية إستراتيجية وشراكات متعددة لدعم الاستقرار
يعمل البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن وفق رؤية إستراتيجية متكاملة، تواكب أفضل الممارسات العالمية في مجال التنمية، وتعتمد على بناء شراكات فاعلة مع الجهات المحلية والإقليمية والدولية، ويأتي ذلك في إطار دعم مؤسسات الدولة اليمنية، والمساهمة في تحقيق الاستقرار، وتحسين مستوى المعيشة، وتعزيز قدرة المجتمعات المحلية على التعافي والنمو.
وتقوم هذه الرؤية على التخطيط المستدام، وتنفيذ المشاريع وفق معايير الجودة والكفاءة، بما يضمن تحقيق أثر طويل الأمد يخدم الأجيال الحالية والمستقبلية في اليمن.
268 مشروعًا ومبادرة في 8 قطاعات حيوية
نفّذ البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن 268 مشروعًا ومبادرة تنموية، شملت 8 قطاعات رئيسية هي: التعليم، الصحة، المياه، الطاقة، النقل، الزراعة والثروة السمكية، تنمية قدرات الحكومة، والبرامج التنموية، وقد توزعت هذه المشاريع على 16 محافظة يمنية، بما يعكس شمولية الدعم وحرص المملكة على الوصول إلى مختلف المناطق دون استثناء.
وأسهمت هذه المشاريع في تلبية الاحتياجات الأساسية، وتحسين الخدمات العامة، ودعم البنية التحتية، بما يعزز فرص الاستقرار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
قطاع الصحة.. خدمات نوعية استفاد منها ملايين اليمنيين
في قطاع الصحة، قدّم البرنامج مشاريع نوعية استفاد منها نحو 4 ملايين يمني، من أبرزها إنشاء مدينة الملك سلمان الطبية والتعليمية في محافظة المهرة، التي تُعد صرحًا صحيًا وتعليميًا متكاملًا، كما شمل الدعم مستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن، الذي قدّم أكثر من 3 ملايين خدمة طبية، وأسهم في تعزيز قدرات القطاع الصحي في المحافظة.
وشملت المشاريع الصحية أيضًا إنشاء وتجهيز مراكز متخصصة لرعاية الأمومة والطفولة، ووحدات لغسيل الكلى، وخدمات طبية أساسية، أسهمت في تحسين جودة الرعاية الصحية وتقليل معاناة المرضى.
دعم التعليم العام والعالي والتدريب المهني
في قطاع التعليم، شملت مشاريع البرنامج 11 محافظة يمنية، وغطّت مجالات التعليم العام، والتعليم العالي، والتدريب المهني، ومن أبرز هذه المشاريع تطوير جامعة عدن، وتجهيز كليات الطب والصيدلة والتمريض في جامعة تعز، إلى جانب توسعة جامعة إقليم سبأ في محافظة مأرب.
وأسهمت هذه المبادرات في تحسين البيئة التعليمية، ورفع كفاءة المرافق الأكاديمية، وتمكين الطلاب من الحصول على تعليم أفضل يسهم في بناء رأس المال البشري ودعم مستقبل اليمن.
المياه والنقل.. مشاريع حيوية تخدم ملايين المستفيدين
في قطاع المياه، غطّت مشاريع البرنامج 100% من احتياجات مدينة الغيضة، و50% من احتياجات محافظة سقطرى، و10% من احتياجات مدينة عدن، ما أسهم في تحسين الأمن المائي وتوفير المياه النظيفة للسكان.
أما قطاع النقل، فقد حقق أثرًا مباشرًا على نحو 14 مليون مستفيد، من خلال تأهيل وتطوير الطرق والمطارات والموانئ، ومن أبرز المشاريع المنفذة: طريق العبر، ومنفذ الوديعة، ومطار عدن، وميناء نشطون، وميناء سقطرى، التي أسهمت في تعزيز الحركة التجارية والإنسانية وربط المحافظات اليمنية ببعضها.
التمكين الاقتصادي وتعزيز القدرات المؤسسية
دعم البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن سبل العيش والتمكين الاقتصادي، لا سيما للمرأة والشباب، عبر مبادرات نوعية هدفت إلى خلق فرص عمل وتحسين الدخل، كما شملت الجهود إحياء التراث اليمني وترميم المباني التاريخية، مثل قصر سيئون، بما يعزز الهوية الثقافية ويدعم السياحة المحلية.
وإلى جانب ذلك، ركّز البرنامج على تعزيز القدرات المؤسسية للجهات الحكومية، بما يسهم في تحسين الأداء الإداري، ودعم الاستقرار، وتحقيق النمو المستدام.
يُشرف البرنامج على تنفيذ مشاريعه عبر خمسة مكاتب تنفيذية داخل اليمن، تعمل بالتنسيق المباشر مع الحكومة اليمنية والجهات المحلية، وبالشراكة مع منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص، لضمان تكامل الجهود وتحقيق أعلى مستويات الكفاءة والشفافية.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
حضرموت والمهرة.. ملاذ آمن تجنيبه للنزاع ضرورة استراتيجية
كاتب سياسي: حدود المملكة خط أحمر.. وما يجري في اليمن تكرار لحالة السودان
