logo alelm
بريطانيا والاعتراف بدولة فلسطين.. ماذا يعني ذلك عمليًا؟

يشكل الاعتراف بدولة فلسطين من قبل بريطانيا خطوة مفصلية في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وفي ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، عن نيته تنفيذ هذا الاعتراف في سبتمبر، إذا لم تُحرز إسرائيل تقدمًا ملموسًا في وقف إطلاق النار وتبنّي حل الدولتين.

وتثير هذه الخطوة تساؤلات واسعة حول معناها العملي، وتداعياتها الإقليمية والدولية، ودورها في تحريك ملف السلام المتعثر منذ عقود.

خلفيات قرار الاعتراف بدولة فلسطين

شهدت الأيام الأخيرة تحركًا متسارعًا على المستوى السياسي البريطاني، بعد ضغوط من داخل حزب العمال، وبدعم دبلوماسي من فرنسا وألمانيا، ويبدو أن الاعتراف بدولة فلسطين لم يعد مجرد موقف رمزي، بل تحول إلى أداة سياسية لإعادة توجيه بوصلة الحوار في الشرق الأوسط.

وتزامن الإعلان البريطاني مع مشاركة وزير الخارجية ديفيد لامي في مؤتمر للأمم المتحدة في نيويورك، حيث كرر دعوة بلاده لدعم حل الدولتين.

معنى الاعتراف.. دلالات قانونية وسياسية

وفقًا للدكتورة جولي نورمان، المتخصصة في سياسات الشرق الأوسط، فإن الاعتراف بدولة فلسطين من قبل بريطانيا يعني بالدرجة الأولى تبني موقف سياسي رسمي في المحافل الدولية، لا سيما الأمم المتحدة، وإن لم يكن له أثر تنفيذي مباشر في الوقت الحالي، فرغم صعوبة تمرير الاعتراف عبر مجلس الأمن بسبب الفيتو الأمريكي المحتمل، إلا أن التصويت البريطاني سيكون ذا قيمة رمزية وأخلاقية كبيرة، ويوصل رسالة واضحة بأن الوضع القائم لم يعد مقبولًا.

ويُتوقع أن تُفتح سفارة فلسطينية في لندن، وهو ما يمثل تحولًا لافتًا في التعامل الرسمي بين البلدين.

حل الدولتين.. الأساس التاريخي والواقع المعقد

يرتكز الاعتراف على أساس “حل الدولتين”، وهو مشروع يعود إلى خطة الأمم المتحدة لعام 1947، والتي نصت على تقسيم فلسطين التاريخية إلى دولتين، يهودية وعربية، ومنذ ذلك الحين، تعثرت الجهود الدولية بسبب الحروب، والاستيطان.

وقد شكلت حدود ما قبل 1967 مرجعية أساسية لهذا الحل، وتشمل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية كأراضٍ للدولة الفلسطينية المحتملة، ورغم الإجماع الدولي على جدوى هذا الحل، إلا أن تنفيذه ما يزال رهنًا بالإرادة السياسية الإسرائيلية، والدعم الأمريكي الحاسم.

تأثير الاعتراف على اللاجئين والعلاقات الدبلوماسية

أوضح السير فينسنت فين، القنصل البريطاني السابق في القدس، أن الاعتراف بدولة فلسطين قد يُترجم في المستقبل إلى الاعتراف بجوازات سفر فلسطينية رسمية، لكنه لن يُغيّر من نظام لتأشيرات المعمول به في المملكة المتحدة، ولن يُحدث فرقًا كبيرًا في قضية اللاجئين.

وشدد على أن الاعتراف لا يشمل الاعتراف بفصائل مثل “حماس”، بل يقتصر على الدولة نفسها، وتظل السلطة الفلسطينية هي الجهة الرسمية المخولة بالتفاوض والتمثيل.

اعتراف تدريجي.. دول أوروبية كبرى على الخط

لم تكن بريطانيا أول من طرح الاعتراف في 2024-2025، فقد سبقتها دول مثل فرنسا، وإسبانيا، والنرويج، وأيرلندا، ومن بين 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، تعترف نحو 147 دولة بـ فلسطين كدولة، تشمل روسيا والصين والهند ومعظم دول الجنوب العالمي.

أما في أوروبا، فمعظم الدول التي اعترفت سابقًا تنتمي إلى المعسكر الشيوعي السابق، باستثناء السويد وقبرص، بينما بدأت قوى غربية كبرى الآن في مراجعة مواقفها، ما قد يشكل تحولًا دبلوماسيًا واسع النطاق.

تداعيات الاعتراف بدولة فلسطين على الصعيد الدولي

وفقًا للدكتورة نورمان، فإن الاعتراف بدولة فلسطين من قِبل دولتين بحجم بريطانيا وفرنسا من شأنه أن يحرّك المياه الراكدة في الملف الفلسطيني، ويزيد من عزلة الولايات المتحدة التي ما زالت تُعد الداعم الأبرز للموقف الإسرائيلي.

وتشير إلى أن هذا الموقف الأوروبي يعكس وحدة دولية متنامية في دعم حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، ويمثل ضغطًا متصاعدًا على واشنطن لتعديل مواقفها أو على الأقل لتسهيل المسار التفاوضي.

الشروط القانونية للاعتراف بدولة فلسطين.. اتفاقية مونتيفيديو

بحسب اتفاقية مونتيفيديو لعام 1933، يتطلب الاعتراف بأي دولة توفر 4 شروط أساسية:

  • وجود سكان دائمين
  • إقليم محدد
  • حكومة فعالة
  • قدرة على الدخول في علاقات دولية

ويشير الخبراء إلى أن فلسطين تستوفي هذه المعايير بشكل عام، رغم الانقسام السياسي الداخلي، وغياب السيطرة الفعلية على بعض الأراضي المحتلة.

لماذا التحرك الآن؟

يرى السير كير ستارمر أن توقيت الاعتراف بدولة فلسطين الآن له أكبر أثر سياسي ممكن، في ظل ما وصفه بـ”تآكل الأمل” في حل الدولتين، وبعد تقارير دولية عن المجاعة والانهيار الإنساني في قطاع غزة، كما دعى إلى تحرك منسق مع دول أوروبا لإحياء العملية السياسية قبل فوات الأوان.

وأكد ستارمر أن هذه الخطوة جزء من خطة مكونة من ثمانية بنود نوقشت مع ألمانيا وفرنسا، تهدف إلى دعم حل الدولتين، وليس فقط استجابة لضغوط داخلية في حزب العمال.

يمكنك أن تقرأ أيضًا:

إنفوجرافيك| الاحتلال يفقد دعم الأمريكيين لحربه على غزة

هل ستثبت غزة وأوكرانيا قدرة ترامب على القيادة العالمية؟

السعودية تعلن اعتماد وثيقة ختامية لمؤتمر حل الدولتين.. فماذا تضمنت؟

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

إنفوجرافيك| قائمة الفنانين العالميين الأكثر مبيعا تاريخيا

المقالة التالية

اكتشاف فصيلة دم غير معروفة لدى امرأة هندية