أعلن الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، تأسيس حزبه السياسي الجديد الذي أطلق عليه اسم “حزب أمريكا”، مطلع هذا الأسبوع، في خطوة تبرز خلافاته الأخيرة مع الإدارة الأمريكية وتجسد انفصاله عن حليفه السابق، الرئيس دونالد ترامب.
في تدوينة عبر منصته الاجتماعية “X”، برر إيلون ماسك قراره بالقول إن الولايات المتحدة تعيش عمليًا في “نظام الحزب الواحد” الذي يقود البلاد نحو الإفلاس بسبب “الهدر والفساد”، مؤكدًا أن حزبه الجديد يهدف إلى “إعادة الحرية” للأمريكيين.
جاء هذا الإعلان بعد أن أطلق رئيس شركتي “تيسلا” و”سبيس إكس” استطلاعًا للرأي عبر منصته، سأل فيه متابعيه عن رغبتهم في تأسيس حزب جديد.
وبعد مشاركة نحو 1.2 مليون شخص، صوت 65% منهم بالموافقة، وهو ما اعتبره إيلون ماسك تفويضًا شعبيًا للمضي قدمًا في مشروعه.
وتأتي هذه الخطوة في أعقاب معارضته الشديدة لمشروع قانون الميزانية الذي قدمه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والذي رأى فيه إيلون ماسك زيادة غير مبررة للدين العام، بالإضافة إلى خلافه العلني مع ترامب في مايو الماضي، بعد أن كان من أبرز ممولي حملته الرئاسية لعام 2024.
لكن بعيدًا عن ضجيج الإعلان على وسائل التواصل الاجتماعي، يصطدم طموح إيلون ماسك بواقع سياسي وقانوني بالغ التعقيد.
فتأسيس حزب سياسي قادر على المنافسة في الولايات المتحدة ليس مجرد قرار، بل هو عملية طويلة وشاقة تتطلب تجاوز عقبات تنظيمية هائلة، صُمم الكثير منها للحفاظ على هيمنة الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
تبدأ الرحلة بتحديد المبادئ وصياغة “منصة سياسية” واضحة، إلى جانب بناء هيكل تنظيمي ووضع دستور داخلي، لكن الاختبار الحقيقي يبدأ مع المتطلبات القانونية، حيث تفرض معظم الولايات على الأحزاب الجديدة جمع آلاف التواقيع من الناخبين المسجلين لمجرد الحصول على اعتراف مبدئي على المستوى المحلي.
وإذا كان “حزب أمريكا” يطمح للمشاركة في الانتخابات الفيدرالية، كالرئاسة أو الكونغرس، فإن عليه التسجيل لدى لجنة الانتخابات الفيدرالية، وهو ما يتطلب تعيين أمين خزانة وفتح حساب مصرفي رسمي، والالتزام بقوانين صارمة للإفصاح عن مصادر التمويل والنفقات.
ويتمثل التحدي الأكبر، أمام أي حزب ثالث في الوصول إلى بطاقات الاقتراع، فلكي يظهر اسم مرشح الحزب في ورقة التصويت، يجب جمع أعداد هائلة من التواقيع في كل ولاية على حدة، وتختلف هذه الأعداد والشروط بشكل كبير، مما يجعلها مهمة لوجستية ومالية ضخمة.
هذا النظام، ورغم أنه لا يمنع تأسيس الأحزاب، فإنه يضع أمامها جدارًا شبه مستحيل لاختراقه، وهو ما يفسر نجاح أحزاب مثل الخضر أو الليبرتاريين في تحقيق انتشار نسبي لكن دون قدرة حقيقية على المنافسة على المستوى الوطني.
لذا، وبينما يمتلك إيلون ماسك النفوذ المالي والإعلامي لإطلاق مشروعه، فإن نجاح “حزب أمريكا” لن يتوقف على شعبية مؤسسه، بل على قدرته على بناء قاعدة جماهيرية حقيقية والتغلب على شبكة من القوانين المعقدة التي طالما حمت المشهد السياسي الأمريكي من أي تغيير جذري.
إيلون ماسك هو رجل أعمال وملياردير أمريكي ولد في جنوب أفريقيا. يُعرف بأنه العقل المدبر وراء شركات كبرى غيرت وجه التقنية، أبرزها شركة “تيسلا” للسيارات الكهربائية، وشركة “سبيس إكس” لاستكشاف الفضاء.
وفي عام 2022، استحوذ “ماسك” على منصة التواصل الاجتماعي “تويتر” وأعاد تسميتها إلى “إكس”، ويشتهر بتأثيره الواسع وثروته الطائلة وتصريحاته المثيرة للجدل، وبسبب ولادته خارج الولايات المتحدة، فإنه غير مؤهل دستوريًا للترشح لمنصب الرئاسة الأمريكية.