شهدت الأشهر الماضية تصاعداً لافتاً في الهجمات الأوكرانية على روسيا، ولم تعد تقتصر على المناطق الحدودية، بل امتدت لتطال عمق الأراضي الروسية، مستهدفةً منشآت عسكرية، وموانئ، وحتى أهدافاً مدنية. ويعكس هذا التطور الميداني استراتيجية أوكرانية جديدة، كمحاولة للرد على الغزو الروسي المستمر منذ ثلاثة أعوام ونصف .
وفي الوقت الذي كثفت روسيا من غاراتها الجوية على البلدات والمدن الأوكرانية، مستهدفةً مناطق بعيدة عن خطوط المواجهة الأمامية لم تقف أوكرانيا مكتوفة الأيدي، بل ردت بعمليات سرية وغير تقليدية داخل الأراضي الروسية. شملت الهجمات الأوكرانية على روسيا الأكثر جرأة ضربات بطائرات مسيّرة، وعمليات تخريب استهدفت مطارات عسكرية، بالإضافة إلى حوادث غامضة تسببت في حرائق في محطات نووية.
وفي رصد لأبرز الهجمات الأوكرانية على روسيا، والتي كان أخرها استهداف محطة للطاقة النووية في كورسك تزامنًا مع احتفال الأوكرانيون بيوم الاستقلال في جميع أنحاء البلاد، وأسفر هذا الهجوم عن إشعال حريق هائل و تدمير أجزاء من البنية التحتية للمحطة، إلحاق الضرر بمحول كهربائي مساعد وانخفاض الطاقة التشغيلة للمفاعل النووي بنسبة 50% وفقا لسلطات روسية، ما جعله واحدًا من أخطر الهجمات الأوكرانية على روسيا خلال هذا العام حتى الآن.
ويرى خبراء عسكريين أن الهجمات الأوكرانية على روسيا انتقلت إلى مرحلة جديدة، وأنها حسنت قواتها المسلحة بشكل كبير منذ بدء الحرب في فبراير 2022، وصرحت أوريسيا لوتسيفيتش نائبة مدير برنامج روسيا وأوراسيا ورئيسة منتدى أوكرانيا في تشاتام هاوس لصحيفة الإندبندنت “لا يوجد جيش أفضل من أوكرانيا في الجاهزية القتالية بتكنولوجيا جديدة، وأسلوب قتال جديد، وعزيمة”.
وفي يونيو الماضي، شهدت الأراضي الروسية أكبر هجوم أوكراني بطائرات مسيرة على قواعد جوية روسية في الحرب باستخدام 117 طائرة مسيرة، مستهدفة أصول الطيران الروسية بعيدة المدى في خمس مناطق مختلفة؛ بيلايا، ودياجيليفو، وإيفانوفو سيفيرني، وأولينيا، وأوكراينكا.
واستغرق التخطيط لهذه العملية السرية 18 شهرًا وتسعة أيام حيث تم إخفاء الطائرات المسيرة داخل شاحنات وإطلاقها من داخل الأراضي الروسية، ونالت الضربة إشادة واسعة من قبل الخبراء العسكريين في ذلك الوقت.
ومن بين أبرز الهجمات الأوكرانية على روسيا هو غزو كورسك الذي استطاعت فيه أوكرانيا السيطرة على 1000 كيلو متر مربع من الأراضي الروسية، وهو ما اعترفت به سلطات موسكو بأنه تم الاستيلاء على ٢٨ مستوطنة العام الماضي، مما جعله أخطر الهجمات الأوكرانية على روسيا عبر الحدود.
كما شنت أوكرانيا غارات بطائرات مسيرة على مطارات موسكو إدى إلى أغلاق عدد من المطارات الرئيسية وإلغاء ما لا يقل عن 140 رحلة جوية، وتمكنت روسيا من إسقاط أكثر من 230 طائرة مسيرة في جميع أنحاء البلاد
ووفقًا لبيانات من الوكالة الفيدرالية للنقل الجوي (روسافياتسيا) التي نشرتها صحيفة نوفايا غازيتا أوروبا ، شهدت الفترة من يناير إلى 10 مايو من عام 2025 إغلاق مطارات روسيا أكثر من 200 مرة بعد غارات الطائرات المسيرة في الهجمات الأوكرانية على روسيا، مقارنة بعام 2024 الذي شهد إغلاق 91 مطار بالإضافة إلى 58 مطار خلال 2023.
وفي خطوة قد تغيّر موازين القوى في الصراع، كشفت أوكرانيا مؤخرًا عن صاروخها المجنح الجديد “فلامنغو”، و يتميز هذا الصاروخ بقدرته التدميرية الهائلة، حيث يمكنه حمل رأس حربي يزن أكثر من طن، والوصول إلى أهداف بعيدة داخل الأراضي الروسية بمدى يتجاوز 3000 كيلومتر
ومن جانبه أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه توصل إلى “تفاهمات” مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا. وجاء تصريح بوتين خلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون بالصين، ولم يكشف بوتين عن تفاصيل هذه التفاهمات.
وبحسب التقارير فإن بوتين لم يؤكد ما إذا كان سيوافق على محادثات سلام بوساطة ترامب مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، خاصة أن ترامب كان قد حدد يوم الاثنين موعدًا نهائيًا لرد بوتين.
وأعرب بوتين عن أمله في أن التفاهمات التي توصل إليها مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في اجتماعهما الأخير بألاسكا، ستمهد الطريق نحو إحلال السلام في أوكرانيا، مجددًا موقفه المعتاد بالقول إن “الأزمة لم تكن نتيجة هجوم روسيا على أوكرانيا، بل نتيجة انقلاب في أوكرانيا، دعمه الغرب وحرض عليه.
يأتي ذلك بعد أيام من طرح مقترح أوروبي جديد بإنشاء منطقة عازلة بطول 40 كيلو مترًا بين خطوط المواجهة الروسية والأوكرانية كجزء من وقف إطلاق النار أو اتفاق طويل الأمد، في حين رفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لمقترح إقامة منطقة عازلة بين القوات الأوكرانية والروسية كجزء من اتفاق سلام، معتبراً أن ذلك لا يعكس واقع الحروب الحديثة.
اقرأ أيضًا :
صاروخ فلامنغو.. رهان أوكرانيا الجديد في الحرب