تعمل كوريا الجنوبية على ترسيخ مكانتها بين أبرز القوى الثقافية العالمية بحلول عام 2030، مع أهداف طموحة لرفع حجم صادراتها في المجالات الإبداعية إلى نحو 36 مليار دولار. ويعود جزء كبير من هذا الطموح إلى النمو المتسارع في صناعات مثل الموسيقى والدراما والويب تونز ومنتجات التجميل والمأكولات، بحسب وكالة رويترز.
وتختلف طرق تقييم النفوذ الثقافي للدول على مستوى العالم. ووفقًا لمؤشر القوة الناعمة الصادر عن شركة براند فاينانس، تحتل كوريا الجنوبية المرتبة الثانية عشرة عالميًا، وتعتبر من أسرع الدول تحسنًا بين أفضل 100 دولة خلال العام الماضي. ويُعزى هذا التطور جزئيًا إلى النجاح العالمي لموجة الكيبوب ومسلسلات الكي ويف، التي رفعت تصنيف البلاد في مجالات الفنون والترفيه والإعلام، إضافة إلى التقدم الملحوظ في التقنية والابتكار والعلوم.
الصادرات الإبداعية
على مستوى صادرات السلع الإبداعية، لا تزال كوريا الجنوبية أقل تأثيرًا نسبيًا. إذ تشير بيانات الأونكتاد إلى أن صادرات البلاد من السلع الإبداعية بلغت نحو 10 مليارات دولار في 2023، لتحتل المرتبة 17 عالميًا، منخفضةً عن المرتبة الثامنة عام 2022 بقيمة 18 مليار دولار. وكانت أبرز المنتجات تشمل البرمجيات وألعاب الفيديو والوسائط المسجلة. وعلى صعيد نسبة صادرات السلع الإبداعية من إجمالي تجارة البضائع، انخفضت من 2.7% في 2022 إلى 1.6% في 2023، وهو ما يعكس جزئيًا ضعف الطلب العالمي وتراجع الصادرات الكورية في تلك الفترة. ومع ذلك، تشير التوقعات إلى أن هذا الانخفاض مؤقت، خاصة مع استمرار ارتفاع صادرات الملكية الفكرية، التي تشمل الموسيقى والأفلام والألعاب، في 2024.
وتغطي بيانات السلع الإبداعية مجموعة واسعة من المنتجات، تشمل الوسائط السمعية والبصرية والمتعددة، والتصوير، والبرمجيات، وألعاب الفيديو، والوسائط المسجلة، والموسيقى، والفنون الأدائية والبصرية، والتراث الثقافي والطبيعي، والكتب ومنتجات النشر، بالإضافة إلى الحرف والتصميم التي تتفرع إلى فئات مثل الألعاب وأدوات المائدة. كما تفرق الأونكتاد بين السلع الإبداعية والخدمات الإبداعية، حيث تشمل الأخيرة الأنشطة غير الملموسة مثل التصميم، والإعلانات، وإنشاء المحتوى الرقمي.
ويساعد تصنيف السلع الإبداعية على ملاحظة اتجاهات عامة، مثل هيمنة الدول المتقدمة على صادرات الكتب والنشر، بينما تتصدر الدول النامية مجالات الحرف اليدوية والتصميم، إضافة إلى البرمجيات وألعاب الفيديو. ومع ذلك، من الصعب إجراء مقارنة دقيقة بين مجموعات الدول المختلفة، إذ تختلف تركيبات الصادرات بشكل واضح؛ فبينما تعتمد كوريا الجنوبية على وسائل الإعلام، تتركز صادرات الصين من السلع الإبداعية في منتجات الديكور الداخلي والألعاب وإكسسوارات الموضة، وفقًا لتقرير الأونكتاد.
وتشير تقديرات الأونكتاد إلى أن الاقتصاد الإبداعي العالمي يمثل أكثر من 6% من القيمة المضافة الإجمالية في 2023. ومع ذلك، لا تحظى العديد من الدول النامية بتمثيل كافٍ في سوق السلع الإبداعية، رغم غنى تراثها الثقافي، ما يقلل من الفرص الاقتصادية المتاحة لها.
عمالقة التصدير الإبداعي
في عام 2023، تصدرت الصين قائمة عمالقة التصدير الإبداعي في العالم بإجمالي صادرات بلغت 230 مليار دولار، محافظةً على موقعها كأقوى اقتصاد إبداعي عالمي، بحصة بلغت 6.79% من إجمالي تجارتها السلعية. وجاءت الولايات المتحدة في المركز الثاني بصادرات قدرها 47 مليار دولار، تلتها إيطاليا في المرتبة الثالثة بـ 41 مليار دولار وحصة 5.98%، ما يعكس قوة قطاع التصميم والموضة لديها. أما فرنسا وهونغ كونغ فحلّتا في المركزين الرابع والخامس بإجمالي 32 و31 مليار دولار على التوالي.
كما سجلت ألمانيا صادرات إبداعية بقيمة 28 مليار دولار، تلتها الهند بـ 21 مليار دولار والإمارات العربية المتحدة بـ 19 مليار دولار، ما يؤكد توسع الحضور الآسيوي والعربي في الاقتصاد الإبداعي العالمي. واحتلت كوريا الجنوبية المرتبة السابعة عشرة بصادرات بلغت 10 مليارات دولار، تمثل 1.58% من إجمالي تجارتها، مدفوعة بنمو صناعات مثل الموسيقى والدراما وألعاب الفيديو.
اقرأ أيضًا:
مصر تبحث عن أسواره أثرية مفقودة
