يشكل البحث عن بدائل صديقة للبيئة في مستحضرات العناية بالبشرة تحدياً كبيراً أمام العلماء، خصوصاً مع تزايد المخاوف من تأثير واقيات الشمس الكيميائية على النظم البيئية البحرية، وقد توصلت دراسة علمية حديثة إلى ابتكار واقي شمس جديد مصنوع من حبوب اللقاح، يتميز بفعاليته في حماية الجلد من الأشعة فوق البنفسجية، مع الحفاظ على الشعاب المرجانية من الأضرار المرتبطة بالمنتجات التقليدية.
الدراسة، التي نُشرت في مجلة Advanced Functional Materials في 4 سبتمبر الجاري، كشفت أن هلاماً مستخلصاً من حبوب لقاح أزهار الكاميليا تمكن من حجب الأشعة فوق البنفسجية بكفاءة مماثلة تقريباً للواقيات التجارية المنتشرة في الأسواق، إلا أن الفارق الأبرز يكمن في أن هذا النوع الجديد من واقي شمس لم يتسبب في تبييض الشعاب المرجانية خلال التجارب المخبرية.
يقدّر الباحثون أن ما بين 4000 و14000 طن من مركبات ترشيح الأشعة فوق البنفسجية الناتجة عن واقيات الشمس الكيميائية تدخل إلى المحيطات سنوياً، حيث تتراكم هذه الكميات وتؤثر سلباً على البيئة البحرية، مسببة تدهور الشعاب المرجانية، وعلى الرغم من أن بعض البدائل المعدنية مثل أكسيد الزنك وأكسيد التيتانيوم أقل ضرراً نسبياً، فإن تأثيرها ما زال قيد الدراسة.
وقال تشو نام جون، عالم المواد في جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة والمشارك في إعداد الدراسة، إن الهدف كان تطوير واقي شمس طبيعي وفعال وغير مسبب للحساسية، بحيث يكون مناسباً للبشر وصديقاً للبيئة في آن واحد.
شملت اختبارات الفريق إعداد جل مائي من حبوب لقاح الكاميليا ودوار الشمس، وأظهرت النتائج أن جل الكاميليا يمتلك قدرة أكبر على امتصاص أشعة UVB المسؤولة عن حروق الشمس وسرطان الجلد.
كما أظهرت التجارب على الفئران أن هذا النوع من واقي شمس يمنع تلف الجلد الناتج عن التعرض للأشعة فوق البنفسجية.
سجل جل الكاميليا عامل حماية من الشمس (SPF) بلغ 30، مقارنة بجل دوار الشمس الذي لم يتجاوز SPF 5. وعند التجارب على البشر، تبيّن أن استخدام حبوب لقاح الكاميليا ساعد على إبقاء الجلد أبرد بمقدار 5 درجات مئوية تحت أشعة الشمس مقارنة بالواقيات الكيميائية.
أظهرت التجارب على شعاب مرجانية من نوع أكروبورا أن المرجان المعرّض للواقيات الكيميائية بدأ بالتبييض خلال يومين فقط، أما المرجان الذي تعرض لجل الكاميليا أو دوار الشمس فلم يُظهر أي علامات تبييض حتى بعد مرور شهرين.
ويرى خبراء البيئة أن هذه النتائج تمثل خطوة أولى بالغة الأهمية نحو مستقبل جديد في مجال الحماية المستدامة من الشمس.
وأكد كريغ داونز، مدير مختبر هايريتيكوس البيئي، أن هذا الاكتشاف قد يمهد الطريق لثورة في صناعة منتجات الحماية من الشمس، وأضاف أن الخطوات المقبلة يجب أن تشمل دراسة تأثير واقي شمس المصنوع من حبوب اللقاح على الحياة البرية الأخرى، فضلاً عن إجراء اختبارات سريرية على البشر للتأكد من سلامته.
وفقاً للتقديرات العلمية، قد يستغرق الأمر بين خمس إلى ثماني سنوات قبل طرح هذا المنتج في الأسواق بشكل تجاري، مما يفتح الباب أمام حلول جديدة متوازنة بين حماية صحة الإنسان والحفاظ على البيئة البحرية.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
إنفوجرافيك| هل استبدال الأعضاء يساعدك على العيش إلى الأبد؟