أعلنت واشنطن وبكين تمديد هدنة الرسوم الجمركية بينهما لمدة 90 يومًا إضافية حتى منتصف نوفمبر، في خطوة كانت متوقعة على نطاق واسع وجاءت قبل ساعات من الموعد المقرر لفرض رسوم جديدة.
ورغم أن هذه الخطوة تمنح المفاوضين مزيدًا من الوقت، إلا أن التوصل إلى اتفاق دائم لا يزال بعيد المنال، حيث تعرقل نقاط خلاف جوهرية مسار المحادثات، بينما يخطط الجانبان لعقد قمة بين الزعيمين في وقت لاحق من هذا العام لكسر الجمود.
يمثل التوصل إلى اتفاق دائم، بحسب خبراء، تحديًا كبيرًا يتطلب مفاوضات شاقة، فعلى الأرجح، ستتمسك بكين بأولوياتها الثابتة، والتي تشمل الإزالة الكاملة للرسوم الجمركية المفروضة على سلعها، وتخفيف القيود الأمريكية على قطاع التقنية، ورفع العقوبات عن الكيانات الصينية.
ويُعَد هذا التمسك جوهر الموقف الصيني في ظل استمرار هدنة الرسوم الجمركية الحالية، التي تبقي على رسوم بنسبة 10% مع تعليق فرض رسوم إضافية بنسبة 24% من كلا الطرفين.
في المقابل، يضع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقليص العجز التجاري على رأس أولوياته، وهو مطلب قد يدفع الصين إلى زيادة التزاماتها بشراء كميات ضخمة من السلع والخدمات الأمريكية، خاصة في قطاع الزراعة.
وقال ترامب بالفعل إنه يأمل أن تضاعف الصين طلبياتها من فول الصويا أربع مرات، مذكرًا بكين بأن الزراعة أولوية أمريكية قصوى في أي صفقة تجارية.
ويتصاعد الصراع في ساحة أخرى بالغة الأهمية، وهي التقنية، حيث تمثل القيود على الصادرات التقنية أحد أعقد الملفات التي تواجه هدنة الرسوم الجمركية، فبينما تحاول إدارة ترامب منع وصول الرقائق المتقدمة، خاصة تلك المستخدمة في الذكاء الاصطناعي، إلى الصين خشية تعزيز قدراتها العسكرية، تضغط بكين بقوة من أجل تخفيف هذه القيود كجزء أساسي من أي اتفاق تجاري.
ويرى محللون أن أي تخفيف للقيود قد يقوض أداة ضغط أمريكية حيوية، لكنه قد يدفع بكين في الوقت نفسه إلى تسريع جهودها لتطوير بدائل محلية.
وعلى صعيد متصل، تستخدم الصين ورقة ضغط استراتيجية تتمثل في هيمنتها على سوق المعادن النادرة، التي تعد حيوية للصناعات الأمريكية عالية التقنية.
ويعتقد خبراء أن هذه الهيمنة هي أحد الأسباب الرئيسية وراء التخفيف الأمريكي الأخير للقيود على صادرات بعض الرقائق إلى الصين، وتشكل هذه المعادن سلاحًا تفاوضيًا قد يدفع واشنطن لتقديم تنازلات خلال هدنة الرسوم الجمركية المقبلة.
ورغم أن الاتفاق النهائي قد يوقع في نهاية المطاف، إلا أنه قد لا يعالج قضايا مركزية في الحرب التجارية، وعلى رأسها الطاقة الإنتاجية الصناعية الفائضة في الصين المدعومة بإعانات حكومية ضخمة، مما يضمن استمرار الخلافات في المستقبل المنظور.