كشف تحليل جديد لأكبر الثروات التي تم تكوينها في تاريخ العملات المشفرة عن حقيقة مذهلة وهي أن عصر الأفراد الذين صنعوا ثرواتهم من العدم يقترب من نهايته، ليحل محله عصر المؤسسات الكبرى. ففي حين أن القائمة التاريخية لا تزال تهيمن عليها أسماء أسطورية مثل ساتوشي ناكاموتو وتشانغبينغ زاو، إلا أن قواعد اللعبة قد تغيرت بشكل جذري، مما يجعل من الصعب تكرار قصص النجاح الفردية الهائلة التي ميزت السنوات الأولى لثورة العملات المشفرة.
تتربع على قمة هرم الثروة في عالم العملات المشفرة شخصيات أصبحت جزءًا من تاريخ الصناعة. الأول هو ساتوشي ناكاموتو، المبتكر المجهول للبيتكوين، الذي يمتلك كنزًا لم يمسه أحد منذ عام 2010، يبلغ حوالي 1.1 مليون عملة بيتكوين، وتقدر قيمته بأكثر من 125 مليار دولار.
وفي المركز الثاني يأتي تشانغبينغ زاو “CZ” زاو، مؤسس منصة “بينانس”، الذي وصلت قيمة مخزونه من عملة BNB في ذروتها إلى حوالي 73 مليار دولار. وقد تم إنشاء هذه الرموز قبل أن تصبح بينانس أكبر بورصة في العالم، مما يعني أن تكلفتها كانت شبه معدومة. ثم يأتي “جيد مكالب”، أحد مؤسسي “ريبل”، الذي تجاوزت قيمة حصته من عملة XRP حاجز الـ 27 مليار دولار، بفضل تسوية تاريخية منحته مليارات الرموز. والمثير للدهشة أن هؤلاء الثلاثة يمثلون وحدهم أكثر من نصف القيمة الإجمالية في قائمة أغنى أغنياء العملات المشفرة.
لم تقتصر الثروات على امتلاك العملات الرقمية فقط. فقد بنى بريان أرمسترونغ، مؤسس “كوين بيس”، ثروته من خلال أسهم شركته، التي تجاوزت قيمتها 15 مليار دولار بعد الطرح العام الأولي في 2021. وفي مفارقة غريبة، لم يدخل روس أولبريشت وجيمس زونغ القائمة إلا بعد أن صادرت السلطات الأمريكية مخزونهما الهائل من البيتكوين.
وهناك أيضًا المستثمرون الأوائل مثل الأخوين وينكلفوس وتيم درابر، بالإضافة إلى رواد الأعمال مثل مايكل سايلور، الذي حول شركته “MicroStrategy” إلى وكيل استثماري للبيتكوين في عالم الشركات.
تشير الدراسة إلى حقيقة لافتة، وهي أنه لم ينضم أي وجه جديد إلى هذه القائمة الحصرية منذ عام 2024. ويعود ذلك إلى ثلاثة أسباب رئيسية غيرت طبيعة سوق العملات المشفرة:
أصبح من الواضح أن قائمة أثرياء العملات المشفرة لعام 2025 لم يعد يهيمن عليها أسماء أفراد، بل عناوين محافظ رقمية تابعة للمؤسسات والبورصات. ومع وصول القيمة السوقية للبيتكوين لمنافسة شركات عملاقة مثل “أمازون”، يبدو أن “ملوك العملات المشفرة” في المستقبل لن يكونوا أفرادًا، بل مجالس إدارات أو صناديق ثروة سيادية، في دلالة على نضج هذا السوق وتحوله إلى جزء لا يتجزأ من النظام المالي العالمي.