تسعى البشرية دائمًا لإبطاء الشيخوخة والاحتفاظ بالشباب، لكن الخبراء يؤكدون أن السر لا يكمن في المنتجات المعقدة أو العلاجات المكلفة، بل في خمس عادات بسيطة يمكن لأي شخص اتباعها يوميًا للحفاظ على الصحة وتقليل العمر البيولوجي وتحسين جودة الحياة.
عند الحديث عن العمر، لا يقصد دائمًا عدد السنوات على تقويم الميلاد. هناك فرق بين “العمر الزمني” و”العمر البيولوجي”. العمر الزمني هو عدد السنوات التي عشتها، أما العمر البيولوجي، أو ما يُعرف أحيانًا بـ”العمر الداخلي”، فيقيس مدى كفاءة عمل أجهزة الجسم الحيوية، من خلال فحص علامات الشيخوخة في الخلايا والدم والحمض النووي.
وتشير الدراسات إلى أن العمر البيولوجي هو المؤشر الأهم لطول الحياة. على سبيل المثال، شخصان يبلغان 60 عامًا، قد يكون أحدهما أصغر عمرًا بيولوجيًا من الآخر، ما يعني فرصته الأعلى للعيش لفترة أطول. واليوم، يمكن قياس العمر البيولوجي بسهولة عبر اختبارات جينية بسيطة تعتمد على عينة لعاب. تُحلل هذه العينات في مختبرات متخصصة لاستخراج معلومات دقيقة عن كيفية عمل الجسم ومعدل تقدّم الشيخوخة.
وتؤثر خياراتنا اليومية بشكل مباشر على العمر البيولوجي. بعض العادات قد تسرّع الشيخوخة، مثل التدخين، شرب الكحول، أو الخمول. بالمقابل، يمكن لعادات صحية أن تُعيد الزمن إلى الوراء، مما يمنح الجسم حياة أطول ونشاطًا أكبر.
وفيما يلي خمس استراتيجيات مدعومة بالأدلة لتقليل العمر البيولوجي:
النشاط البدني المستمر
التمارين الرياضية ليست مجرد وسيلة للحفاظ على الوزن، بل هي خط دفاع رئيسي ضد الشيخوخة. ممارسة النشاط البدني بانتظام تقلل خطر الوفاة المبكرة من جميع الأسباب، وتبطئ علامات التقدم في العمر. وأظهرت دراسات أن الأفراد الذين بدأوا ممارسة التمارين لثمانية أسابيع فقط، ثلاث مرات أسبوعيًا لمدة ساعة، انخفض عمرهم البيولوجي بمعدل عامين تقريبًا. ويحافظ الجمع بين تمارين القوة والتحمل، ثلاث إلى أربع مرات أسبوعيًا، على نشاط الجينات المسؤولة عن وظائف الجسم الحيوية، مؤخرًا ظهور التجاعيد والشيب.
التغذية الصحية
القول “أنت ما تأكله” يحمل حقيقة علمية. فاتباع نظام غذائي غني بالفواكه، الخضروات، الحبوب الكاملة، المكسرات، البقوليات، الأسماك، والبروتينات منخفضة الدهون، مع تقليل اللحوم الحمراء والدهون المشبعة والسكريات، يساعد على إبطاء الشيخوخة البيولوجية. وأظهرت دراسة على نحو 2700 امرأة أن الالتزام بأنماط غذائية صحية لمدة 6 إلى 12 شهرًا ساهم في تقليل العمر البيولوجي بمعدل 2.4 سنة، من خلال تزويد الجسم بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمركبات المضادة للالتهاب التي تساعد الخلايا على إصلاح نفسها وتقليل ضغط الحمض النووي.
النوم المنتظم والجيد
النوم عامل أساسي للحفاظ على الصحة وطول العمر. ومن خلال النوم، يقوم الجسم بإصلاح الحمض النووي، إعادة التوازن الهرموني، تقليل الالتهابات، والتخلص من الفضلات الخلوية. ويُعد الأشخاص الذين ينامون أقل من خمس ساعات يوميًا أكثر عرضة للإصابة بأمراض مرتبطة بالعمر مثل السكري وأمراض القلب والسرطان والخرف. الدراسات أظهرت أيضًا أن العمال بنظام المناوبات، خاصة الليلية، لديهم عمر بيولوجي أعلى بمعدل عام تقريبًا مقارنة بمن يعملون في أوقات ثابتة.
تجنب العادات الضارة
التدخين وشرب الكحول من أقوى عوامل تسريع الشيخوخة. التدخين يسرّع شيخوخة الرئتين وخلايا مجرى الهواء بما يصل إلى خمس سنوات، بينما يرتبط استهلاك الكحول بأي كمية بتسريع العمر البيولوجي، وكلما زادت الكمية، زادت سرعة الشيخوخة. هذه العادات تُلحق الضرر المباشر بالحمض النووي، تزيد الالتهابات، وتجهد الخلايا، مما يدفع الجسم للعمل بجهد أكبر.
التحكم في التوتر وإدارة العقل
القدرة على التحكم في التوتر وتنظيم المشاعر تُعد عاملًا مهمًا للحفاظ على الشباب. فالعمل لساعات طويلة يزيد العمر البيولوجي بمعدل عامين تقريبًا بسبب التوتر، والذي يؤثر على الجسم مباشرة عبر التغيرات الهرمونية، وتلف الحمض النووي، وإضعاف المناعة، كما يمكن أن يؤثر بشكل غير مباشر على النوم، النظام الغذائي، والتدخين أو الكحول. اتباع استراتيجيات إيجابية لإدارة التوتر، مثل التأمل أو ممارسة الهوايات، يمكن أن يقلل من تسارع الشيخوخة.
وتؤكد الأبحاث الحديثة أيضًا أن عوامل أخرى مثل الوحدة، التعرض لظروف مناخية قاسية، التلوث، أو العيش في بيئات محرومة قد تؤثر على سرعة تقدم العمر. ومع اختلاف تأثير هذه العوامل من شخص لآخر وفقًا للجينات وطول مدة الالتزام بالعادات الصحية، ويظل من الواضح أن تبني تغييرات بسيطة في الحياة اليومية يمكن أن يعزز الصحة العامة ويؤخر الشيخوخة، وأحيانًا يعيد عقارب الساعة إلى الوراء.
اقرأ أيضًا:
5 مكملات غذائية يوصي بها خبراء الشيخوخة
التطوع المنتظم يبطئ الشيخوخة الإدراكية بنسبة 20%
شبح شيخوخة السكان يهدد روسيا
