كشفت دراسة حديثة أجرتها كلية الطب وكلية الصحة العامة بجامعة جونز هوبكنز أن البرامج الوقائية من مرض السكري المعتمدة على الذكاء الاصطناعي تحقق نتائج صحية مماثلة لتلك التي يقودها مختصون بشريون، في تقليل احتمالية تطور المرض لدى الأشخاص المصابين بمقدماته.
وتُعتبر الدراسة المنشورة في مجلة JAMA بتاريخ 27 أكتوبر، والممولة من المعاهد الوطنية للصحة الأمريكية، أول تجربة سريرية عشوائية من المرحلة الثالثة تُثبت أن برامج الذكاء الاصطناعي يمكنها مساعدة المرضى على تحقيق مؤشرات الحد من خطر السكري التي تعتمدها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، بنفس كفاءة البرامج البشرية التقليدية.
ويُقدر أن نحو 98 مليون شخص في الولايات المتحدة يعانون من مرحلة ما قبل السكري، وهي حالة تتسم بارتفاع مستويات السكر في الدم فوق المعدل الطبيعي دون الوصول إلى مرحلة الإصابة الكاملة بالمرض. وتشير الأبحاث السابقة إلى أن المشاركة في برامج وقائية قائمة على التثقيف والتدريب البشري تقلل من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني بنحو 58%. إلا أن محدودية الوصول إلى هذه البرامج نتيجة العوائق الزمنية واللوجستية ظلت تحدّ من انتشارها.
عقبات البرامج الوقائية من السكري
يقول الدكتور نستوراس ماثيوداكيس، المدير المشارك لبرنامج الوقاية من السكري في جامعة جونز هوبكنز والمشرف على الدراسة، إن التجارب التي قارنت بشكل مباشر بين التدخلات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي والرعاية البشرية نادرة جدًا، رغم توسع استخدام الذكاء الاصطناعي في الأبحاث الصحية.
وشملت التجربة 368 مشاركًا تتراوح أعمارهم حول 58 عامًا، جرى توزيعهم عشوائيًا على أربعة برامج افتراضية تمتد لعام كامل، أو على تطبيق ذكي يعتمد على خوارزميات التعلم المعزز لتقديم إرشادات مخصصة حول التغذية، والنشاط البدني، وإدارة الوزن. وتم تزويد جميع المشاركين بأجهزة لقياس النشاط البدني لمتابعة تقدمهم شهريًا، بينما استمروا في تلقي الرعاية الطبية المعتادة دون الانخراط في برامج علاجية أخرى أو استخدام أدوية تؤثر على الوزن أو مستويات السكر.
ويشير الباحث المشارك بنجامين لالاني من كلية الطب بجامعة هارفارد إلى أن العقبة الأكبر أمام نجاح البرامج الوقائية هي البدء الفعلي في المشاركة، موضحًا أن النماذج الرقمية غير المتزامنة ساعدت على تجاوز مشكلات المواعيد وتوفر الوقت.
وبعد مرور عام من التجربة، أظهرت النتائج أن 31.7% من المشاركين في البرنامج المعتمد على الذكاء الاصطناعي و31.9% من المشاركين في البرنامج الذي يقوده مدربون بشريون تمكنوا من تحقيق معايير خفض خطر السكري التي حددتها مراكز السيطرة على الأمراض، والتي تشمل فقدان 5% من الوزن أو تقليل مستوى الهيموغلوبين السكري بنسبة 0.2% على الأقل.
كما سجلت المجموعة التي استخدمت الذكاء الاصطناعي معدلات أعلى في بدء البرنامج (93.4%) وإكماله (63.9%) مقارنة بالمجموعة البشرية (82.7% و50.3% على التوالي)، ما يشير إلى أن سهولة الوصول ومرونة الاستخدام قد تسهم في رفع الالتزام والمشاركة.
ويرى فريق البحث أن هذه النتائج تمثل دليلاً على قدرة الأنظمة الذكية على توسيع نطاق الرعاية الوقائية من السكري، خصوصًا في ظل نقص الكوادر الصحية وارتفاع الطلب على خدمات الوقاية. ويقول لالاني إن البرامج المؤتمتة يمكن أن تُدار على مدار الساعة دون الحاجة إلى مدربين، ما يجعلها خيارًا عمليًا ومستدامًا للمرضى الذين يواجهون قيودًا زمنية أو جغرافية.
ويعتزم الباحثون مستقبلًا توسيع الدراسة لتشمل شرائح أوسع من المرضى في البيئات محدودة الموارد، مع تحليل الجوانب الاقتصادية وميول المرضى تجاه البرامج المدعومة بالذكاء الاصطناعي مقارنة بالتدخلات التقليدية. وتم تنفيذ الدراسة بالتعاون مع شركة “سويتش هيلث” وعدة برامج وقائية مستقلة، دون أن يشارك مقدمو الخدمات في تحليل النتائج أو تفسيرها. وقد حصل المشروع على دعم من المعهد الوطني للسكري وأمراض الجهاز الهضمي والكلى، والمعهد الوطني للشيخوخة، إضافة إلى معهد جونز هوبكنز للأبحاث السريرية والتطبيقية.
اقرأ أيضًا:
إنفوجرافيك| السكري من النوع الخامس.. أهم المعلومات
اكتشاف شكل جديد من السكري يصيب الأطفال حديثي الولادة
ما الذي يكمن وراء أزمة نقص الأدوية العالمية؟













