في عالم وسائل التواصل الاجتماعي، يروّج الكثير من المؤثرين لأهمية زيادة استهلاك البروتين، باعتباره عنصرًا أساسيًا لتعزيز النظام الغذائي. وتتنوع طرق الترويج بين تناول أطعمة معالجة غنية بالبروتين واستبدال الحلويات ببسكويت البروتين المعلب، تحت شعار “زيادة الوزن بطريقة صحية”.
ولا يقتصر الأمر على المؤثرين فقط، بل يتجه بعض المشاهير لإطلاق وجبات خفيفة فائقة المعالجة مدعمة بالبروتين، لتملأ ممرات متاجر البقالة بمجموعة واسعة من المنتجات، من رقائق البطاطس البروتينية إلى الوافل المجمد. ومع اتفاق خبراء التغذية على أهمية البروتين، هل تعد الأطعمة فائقة المعالجة الطريقة المثالية لتلبية احتياجات الجسم من البروتين؟
ووفقا لموقع “ناشيونال جيوجرافيك” تقول كاتي ساندرز، الأستاذة المساعدة وأخصائية الإرشاد في جامعة ولاية كارولينا الشمالية: “هناك زيادة ملحوظة في الأطعمة الغنية بالبروتين عالي المعالجة”. وتُظهر البيانات أن ثلاثة أرباع المشاركين في دراسة أجريت عام 2024 تناولوا هذه الأطعمة
وبالرغم من أن البروتين يعتبر من أهم العناصر الغذائية الضرورية للجسم، فهو يساعد في بناء العضلات والحفاظ عليها، ويساهم في فقدان الوزن وأداء وظائف الجسم الحيوية. إلا أن الخبراء يحذرون من الفرق بين نظام غذائي متوازن غني بالبروتين الصحي مثل الدجاج، الأسماك، وفول الصويا، ونظام مليء بالأطعمة فائقة المعالجة المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي.
تقول ماريلي أوبيزو، رئيسة قسم التغذية وتغيير السلوك في مركز ستانفورد لأبحاث الوقاية “أعتقد أن البروتين يحظى باهتمام كافٍ”. وتضيف أن الإرشادات السابقة كانت منخفضة جدًا وتعتمد على البقاء، لا على دعم النمو.
ومع تزايد الاهتمام بالبروتين، تنتشر معلومات مضللة حول الكمية اليومية المطلوبة. فوفق الإرشادات الحالية، يُوصى بتناول 0.8 غرام لكل كيلوغرام من وزن الجسم، وهو ما تعتبره ماريلي أوبيزو منخفضًا جدًا لأداء الوظائف الحيوية ونمو العضلات والحفاظ عليها.
توصي أوبيزو بتناول 1.2 غرام من البروتين لكل كيلوغرام كحد أدنى، وتعتبر 1.6 غرام الكمية المثالية لدعم نمو الجسم وليس مجرد الوقاية من النقص. وتشير الأبحاث الحديثة إلى أن الأشخاص يكونون في أفضل حالة عند 1.2 غرام، بينما يحتاج من يمارسون تمارين قوية إلى 1.6–2.2 غرام لكل كيلوغرام، مؤكدة أن تجاوز 2.2 غرام لا يقدم فائدة إضافية حتى للاعبي كمال الأجسام.
تشير أوبيزو إلى أن أجسامنا لا تملك مخزنًا للبروتين، على عكس الدهون والكربوهيدرات، وإذا لم نحصل على كمية كافية، قد يبدأ الجسم بسحب البروتين من العضلات، ما قد يؤدي إلى فقدان العضلات وهشاشة العظام مع الوقت. كما يساهم البروتين في تنظيم الشهية، مما يعزز الشعور بالشبع ويساعد على فقدان الوزن والحفاظ عليه.
بينما يحصل معظم الأمريكيين، باستثناء كبار السن، على الحد الأدنى من البروتين، إلا أنه من غير الواضح ما إذا كانت الكمية كافية للنمو، وفي المقابل يعاني 95% من السكان من نقص الألياف، ما يثير القلق من أن التركيز المفرط على البروتين قد يقلل من استهلاك الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة.
في ظل اهتمام بعض النساء بأهمية بناء كتلة العضلاء كجزء من معيار جمالي جديد، تُسوّق العديد من الأطعمة فائقة المعالجة للنساء بشكل واضح، مثل فشار البروتين الذي أطلقته نجمة تلفزيون الواقع كلوي كارداشيان.
يشير سانت بيير مدير قسم التغذية الرياضية في شركة “بريسيجن نيوتريشن”، إلى أن هذه الأطعمة “ليست سيئة بطبيعتها”، لكنه يحذر من الاعتماد عليها لتغطية حاجة الجسم من البروتين، مضيفًا “الكثيرون يتعاملون معها وكأنها تعادل صدور الدجاج، لكنها ليست كذلك”.
تؤكد أوبيزو، أن هناك طرقًا أفضل للحصول على البروتين، محذرة من الهالة الصحية المصطنعة المحيطة بهذه الأطعمة. وتشير إلى أن الثقافة الغذائية تميل إلى تصنيف الأطعمة بين “جيدة” و”سيئة”، وهو تفكير متحيز قد يؤدي إلى الإفراط في تقييد الطعام. وينطبق هذا على الأطعمة فائقة المعالجة أيضًا؛ فهي ليست “سيئة” بطبيعتها ولا حاجة للتوقف عنها تمامًا، ويجب ألا تتجاوز 20–30% من السعرات اليومية منها.
ويتسبب الإفراط في تناول البروتين في عواقب صحية وخفية، إذا يشكل خطرًا على مرضى الكلى أو من يخضعون لغسيل الكلى، وفي هذه الحالات يجب استشارة الطبيب أو أخصائي التغذية قبل تجاوز توصيات إدارة الغذاء والدواء الأمريكية. كما أن الإفراط في اللحوم الحمراء قد يرفع الكوليسترول ويزيد خطر النوبات القلبية.
مع تزايد أهمية البروتين، يمكن لمعظم الأشخاص الحصول على كفايتهم منه عبر تعديلات بسيطة في النظام الغذائي، دون الحاجة للبحث عن وجبات خفيفة غنية بالبروتين في المتاجر.
يشدد سانت بيير على أهمية البروتين الخالي من الدهون لتحقيق شعور وأداء ومظهر أفضل، قائلاً: “مهما كان هدفك، فهو مفيد في الغالب”. وينصح بالحصول عليه من الأطعمة الكاملة قليلة المعالجة مثل لحم البقر الخالي من الدهون، المأكولات البحرية، البيض، منتجات الصويا والألبان الغنية بالبروتين، بدلًا من المنتجات المصنعة المغرية بالعبوات الأنيقة.
ويمكن اتباع نظام غذائي صحي بسهولة من خلال تناول البروتين الخالي من الدهون، والكثير من الفواكه والخضروات، وبعض الحبوب الكاملة والدهون الصحية.
اقرأ أيضًا:
هل الإفراط في البروتين يقوّي الجسد أم يرهقه؟
تناول البروتين والإمساك.. العلاقة والعلاج
زبدة الفول السوداني واحدة منها.. 10 أطعمة ليست غنية بالبروتين